نظرات نقدية

رؤية المفكر صالح الحصين -رحمه الله- حول المصارف الإسلامية وتشخيص التطبيقات

الإسلام بالنسبة للمسلم هويةٌ ونظامُ حياة، وهو لا يقبل منتجات الثقافات الأخرى إلا بعد عرضها على الشريعة، فإن وافقت قبلها، وإن وجد تعارضًا تجنَّبها والتزم البديل الشرعي، وفي عصرنا الذي نعيشه كثرت المنتجات القادمة من دول الغرب والشرق، ومن ذلك المنتجات المصرفية التي تقوم على أسس مخالفة للشريعة، ولا تخلو منتجاتها من محاذير ومخالفات، فكان من واجب الفقهاء وأرباب المال المسلمين أن يجتهدوا ويقدموا حلولاً بديلةً، وقد حصلت بالفعل تجارب ومحاولات في المصرفية الإسلامية، فهل نجحت؟ وهل حققت المطلوب؟ في هذا المقال قراءة في فكر خبير متخصص حول هذا الموضوع.

كتب معالي المفكر الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين (1351-1434هـ) عن الاقتصاد العالمي في مواضع كثيرة من كتبه ومقالاته، لكنه أفرد كتابًا عن المصرفية الإسلامية بتراكم علمي ومعرفي ومعايشة عملية مع هذه المصرفية المأمولة، ومما تميزت به كتابته عن هذا الموضوع حجم الثقة العالية بهذا الدين بعقيدته وتشريعاته، لا سيما من خلال حِفْظ الله له لأكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن، مع إيمانه بالصلاحية الدائمة في تطبيقاته، ومن ذلك ما يتعلق بالمال والاقتصاد، والحصين لم يغب عن باله تشخيص واقع الاقتصاد العالمي؛ فهو رقيق للنظام الربوي الرأسمالي الذي قَدَّمَ لبعض البشرية الرفاهية والتبادل التجاري الكبير، لكن لم يُقدم لها الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد، كما أنه اقتصاد لا يحقق العدالة المجتمعية أو الدولية؛ حيث بقي الاقتصاد دُولةً بين الشركات الثرية والدول الغنية، وقد تضاعفت نتيجة هذا ديون دول العالم! وازدادت في ظل هذا الاقتصاد كثير من دول العالم فقرًا وحاجةً ومعاناةً، بل وأزمات ومجاعات وكوارث، وبلغ الفقر العالمي فيها إلى أن يموت يوميًا (19.700) إنسان من الفقر والجوع[1]! والقادم أخطر حسب آراء خبراء الاقتصاد! والله أعلم.

وهذه الديون والأزمات الاقتصادية المتتابعة والمتوقعة خير شاهد على أن النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي بأصوله واستثماراته وفروعه قائم على أساس غير متين، لا سيما حينما تجاوزت ديون دول العالم (350) تريليون دولار[2]،.

  • واقع المصارف الإسلامية:

والمصارف الإسلامية بوجودها المتنامي عالميًا -حسب رؤية الشيخ الحصين- لم تخرج عن هذه المنظومة العالمية، وكأن لسان حاله يقول: من المفترض أن تبادر هذه المصارف بالحلول الجذرية، وذلك بالإنفاق على البحوث والدراسات الاقتصادية التطبيقية أولاً، وتخوض التجربة المستقلة كذلك بعيدًا عن الحلول الجزئية الترقيعية!

وقد ذكر الحصين في بعض كتاباته أن دول العالم الإسلامي تعيش عدم حرية في بعض مناحي الحياة نتيجة تركها نظام الإسلام وأخذها لغيره من النظم كما هو الحال في الاقتصاد على سبيل المثال، ونتيجة لهذا حلَّ في عالم المسلمين مثل غيرهم رق الاقتصاد والديون، ورق ديون الاستهلاك، إضافةً إلى رق البنوك بنظامها العالمي الربوي، ولم تسلم المصارف الشرعية وهيئاتها من هذا النقد الإصلاحي من الحصين ومحاولات التصحيح والإصلاح للمسار، حيث كان يرى ببصيرته الناقدة مزالق وتأويلات معظم اللجان الشرعية في ما يُسمى البنوك الإسلامية.

والحصين مع هذا وذاك يُعطي التشخيص ويوضح أكثر عن خطر المعاملات الاقتصادية المحرمة التي يصف اقتصادها وكثيرًا من تعاملاتها بالرق المعاصر، وهذا الطرح الجريء جاء ممن عمل باللجان الشرعية المعنية بالمصرفية، وسَبَر غورها، وكَتَب عنها بما يوضح عن حقيقة عملها، بل وعن أسباب ودوافع المجتمع المسلم واندفاعه تجاهها! ومما قال مُشخِّصًا للحالة وللمرحلة التي عاينها بنفسه: «عندما أُعْلِن عن وجود البنوك الإسلامية كانت عاطفة الجماهير الإسلامية العارمة ورغبتها في التخلص من الربا دافعًا لإغراق تلك البنوك بالسيولة المالية، ولم تكن البنوك استعدت بمنتجات ملائمة لاستخدام فيض السيولة المالية، فلجأت إلى الهيئات الشرعية ملتمسة المخرج من هذا المأزق، ولم يكن أمام هذه الهيئات إلا أن تقدم لها حلولاً عملية تتمثل في صيغ تعتمد التركيز على ضمان رأس المال والعائد، على أساس أن تكون حلولاً مؤقتة»[3].

ويرى الحصين أن هذه الحلول المؤقتة استمرت، بل وأصبحت عائقًا عن تطبيق التجربة الكاملة المأمولة وهي مشروع البنك الإسلامي الحقيقي كما قال: «لكن البنوك بعد ممارستها لهذه الحلول واكتشافها أنها وإن كانت أقل كفاءة من نظام الفائدة الربوية، إلا أنها لا تبعد عنها من ناحية الوظيفة، وأَصَرَّت على أن تكون عماد عملياتها وأن تُولِّد منها صورًا مشابهة، حتى صارت طابعًا مميزًا لها، وصارت عاملاً فعالاً في عزوف البنوك الإسلامية كليًا عن تجربة وتطوير المعاملات الشرعية، التي تُبْعِدُ البنكَ عن صيغة ضمان رأس المال والعائد، وتحقق الهدف المقصود وهو رفع الربا، ونتائجه الاقتصادية المدمرة.

وتمادى الأمر بالبنوك الإسلامية بدلاً من ذلك إلى محاولة إقناع الهيئات الشرعية بتمكينها من صيغ وأدوات تقترب كفاءتها من كفاءة نظام الفائدة الربوية، وتتخلص بقدر الإمكان من القيود العملية والشرعية التي تَقْصُر بها عن كفاءة نظام الفائدة»[4].

ذكر الحصين في بعض كتاباته أن دول العالم الإسلامي تعيش عدم حرية في بعض مناحي الحياة نتيجة تركها نظام الإسلام وأخذها لغيره من النظم كما هو الحال في الاقتصاد على سبيل المثال، ونتيجة لهذا حلَّ في عالم المسلمين مثل غيرهم رِقّ الاقتصاد والديون، ورق ديون الاستهلاك

  • المصارف الإسلامية والفرصة الضائعة:

والحصين يرى أن عدم صحة التطبيقات المصرفية الإسلامية تدعو للعزوف المجتمعي عنها، وهو ما يجعل الودائع البنكية تخدم الاقتصاد العالمي بطريقة غير مباشرة، كما يؤكد طبيعة هذه الدورات الاقتصادية العالمية بقوله: «بسبب الرادع الـمشار إليه [تحريم الربا] امتنع المسلم التقي عن الانتفاع بالتسهيلات الائتمانية التي تمنحها البنوك، فكانت الأموال والمدخرات الإسلامية المُجمَّعة تضخ في الأسواق المالية الغربية، وتجري في شرايين الاقتصاد الغربي»[5].

وفي هذا الشأن، فإن منهجية الخبير الحصين أن لا يقول ما سبق عن ما يُسمى البنوك الإسلامية ولجانها الشرعية دون دليل أو تطبيق عملي، فهو خير خبير بهذا الشأن وبواعثه وآلياته ونتائجه، فقد كان عضوًا في بعض اللجان الشرعية لما يسمى المصرفية الإسلامية، ويتحدث من موقع المعرفة المبنية على المعايشة والمسؤولية، ولذلك فهو مع التشخيص يستدل بأنموذج عملي بعيدًا عن التنظير والنظريات، وأكثر من هذا حينما يرى أن تجارب المصرفية القائمة من اللجان الشرعية وما يُسمى البنوك الإسلامية تُشكِّل بمنتجاتها القاصرة عائقًا عن وجود البنك الإسلامي الحقيقي وتحقيق هذا المشروع الحُلم للمسلمين، ولتوضيح الصورة الكاملة يجب النقل مما كَتَبَه وإن كان النص طويلاً، حيث قال: «وعلى سبيل المثال فإن شركة الراجحي المصرفية للاستثمار طلبت قبل سنوات من هيئتها الشرعية الإذن لها ببيع الأسهم نسيئة، وقد فطنت الهيئة إلى أنها لو أذنت بذلك لفتحت الباب للشركة لاستعمال هذا الإجراء لعمليات التورق، ولكانت النتيجة الطبيعية أن تكون عملية التورق هي العملية السائدة لاستخدام الموارد، وأن تستغني بها الشركة عن كل الأدوات الأخرى لاستخدام الموارد، إذ لن تحتاج –في إجابة طلب العميل للتمويل- إلا أن تعرض عليه أن يشتري نسيئة أسهم شركة قوية معروفة بأن سعرها لا يتغير عادةً في المدى القصير ثم يبيعها بالنقد، وهذه العملية يمكن أن تتم في دقائق معدودة ولا تتعرض لتعقيدات المرابحة وقيودها العملية والشرعية، ولا تفترق عن التمويل بالفائدة إلا بتحميل العميل الفرق بين سعر البيع والشراء، وهو عادةً فرق ضئيل، وإذا تَحمَّله البنك لم يبق فرق في جانب العميل بين هذه العملية وعملية الاقتراض بالفائدة الربوية… إن ممارسة البنك الإسلامي لهذه العملية ستكون الطريق الأسهل للقضاء على مشروع البنك الإسلامي الحقيقي قضاءً نهائيًا»[6]، وفي هذا القول تتضح أكثر رؤية الحصين حول مشروع البنك الإسلامي الحقيقي الذي يرى أنه حُلم أمة الإسلام وأملها للخلاص من رق اقتصاد الحضارة المعاصرة وإلى اقتصاد يُحقق العدالة الاجتماعية.

تجارب المصرفية الإسلامية الحالية التي أوجدت بدائل مؤقتة عن المعاملات الربوية، ثم جمدت عليها، شكلت بمنتجاتها القاصرة هذه عائقًا عن وجود البنك الإسلامي الحقيقي، وتحقيق هذا المشروع الحُلم للمسلمين

  • البديل الأصيل:

كَتَبَ الحصين في ورقته العلمية بعنوان: (هل من الممكن أن نتحرر من هذا الرق الثقافي؟)، وأوضح عن إمكانية صناعة (البديل الأصيل) مع ألمه وحسرته على علماء الاقتصاد والفقه والشريعة حول القصور في صياغة البديل الإسلامي لتقديمه، ليس للبنوك العربية فحسب، بل للمؤسسات المالية الغربية التي تبحث عن بديل مُنقذ، وذلك بقوله: «وفي خلال المائة سنة الماضية وُجِد علماء أجلاء في العالم الإسلامي يُسلِّمون بالتصور نفسه، ويرون أن لا بديل للنظام البنكي الربوي آلية رئيسة يقوم عليها اقتصاد قوي مزدهر غلاب»[7]. كما يقول: «ومن ناحية أخرى فلم يتنبه هؤلاء العلماء إلى أن الواقع العملي، والتجارب الناجحة التي طُبقت خلال العقود الثلاثة الماضية أثبتت إمكانية التحول في الوساطة المالية بين المدَّخرين والمستثمرين من النظام الربوي إلى نظام يبرأ من الربا شكلاً وجوهرًا»[8].

والحصين يوضح سبب جمود الاجتهاد والابتكار لدى العلماء، بأنه لا يخرج عن كونه نوعًا من الرق الثقافي أو الأَسْر الثقافي للقوالب الرأسمالية في التعاملات المالية، وأن الأمر يتطلب اكتشاف وابتكار صِيَغ شرعية بديلة، وحول هذا أوضح بكلام مترابط يصعب اختصاره كذلك فقال: «إن قوة الأَسْر الثقافي الذي أجبر هؤلاء العلماء على أن يَعْمَوا عن بديهةٍ عقليةٍ، وأن يتَعامَوْا عن الحقائق الواقعية لا يمثل في حقيقة الأمر شذوذًا من أفراد في مجال الأَسْر الثقافي، بل هو في الحقيقة ظاهرة عامة، واتجاه سائد، فقد أظهرت العقود الثلاثة الماضية التي وُجدت فيها مؤسسات مالية سميت “بالمصارف الإسلامية” أو “النوافذ الإسلامية” في البنوك الربوية؛ أن عَمَلَ المصرفيين الإسلاميين يعاونهم -بحسن نية- أعضاء الهيئات الشرعية في المصارف من العلماء على بذل جهود نشطة لاكتشاف وابتكار مناورات فقهية تمكنهم من متابعة آليات النظام البنكي الربوية وتبنِّيها بعد إلباسها ثوبًا لا يستر العورة في الغالب باسم “المعاملات الشرعية”، لقد تمكنوا من تبنِّي التعامل المصرفي بالفائدة البسيطة، ثم بالمعدل العائم للفائدة، وحتى عمليات التحوُّط والمشتقات المالية في صور يستحيل إيجاد الفرق بينها وبين أصولها من آليات التعامل الربوي، سواء من ناحية الجوهر والحقيقة أم من ناحية الآثار السلبية»[9]. وخلاصة رؤيته أنّ الرق الثقافي كان أكبر عائق عن الإبداع ضمن ما وفرته الشريعة من أصول وقواعد هادية للطريق الأمثل الذي يخلصنا من رق الربا!

يرى الحصين أن سبب جمود الاجتهاد والابتكار لدى العلماء في المصرفية الإسلامية، أنه لا يخرج عن كونه نوعًا من الرق أو الأَسْر الثقافي للقوالب الرأسمالية في التعاملات المالية، وأن الأمر يتطلب اكتشاف وابتكار صِيَغ شرعية بديلة إبداعية ضمن ما وفرته الشريعة من أصول وقواعد هادية للطريق الأمثل الذي يخلصنا من رق الربا!

والحصين يرى أن هذا الرق الاقتصادي فيه خسائر كبرى للعالم الإسلامي، بل وجميع عَالَم الاقتصاد، لا سيما عند الإخفاق في تقديم البديل المنقذ الذي يُحقق المبادئ الثلاثة الكبرى للاقتصاد الإسلامي، وذلك حينما قال: «لم تكن الخسارة الثقافية التي فرضها الرق الثقافي الذي مارسته وتمارسه الثقافة الغربية على العالم الإسلامي خسارة فكرية، بل كانت خسارة عملية كبرى تمثلت في شلل العالم الإسلامي وعجزه عن إنقاذ نفسه وإنقاذ البشرية من البلاء العظيم (الربا)، وعجزه عن إيجاد بديل يحقق المبادئ الثلاثة الكبرى للاقتصاد الإسلامي: 1- أن يكون المال قيامًا للناس، 2- وأن لا يكون دُولةً بين الأغنياء، 3- وأن يحقق العدل في التعامل»[10].

كما كَتَبَ بصورة واضحة حول هذا البديل الذي يراه ويقترحه وهو الأصيل في الاقتصاد، وأوضح عن مصدر قوة البنوك الإسلامية ووجودها، بل وعن الآثار المأمولة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي، وذلك بقوله: «وإذا كان هذا البديل لن يتحقَّق إلا بتغيير البنوك الإسلامية الحالية مسارَها، بحيث (تبدو الفوارق واضحةً وملموسةً بين ثمرة تطبيق النظام المصرفي الإسلامي وبين نتائج العمل المصرفي الربوي “وتحقِّق ما بشرت به البنوك الإسلامية” بأنَّ آثار تطبيق الاقتصاد الإسلامي على الأمة ينعكس في قيادتها نحو التنمية الاقتصادية، وإيجاد القيمة المضافة، وزيادة المصادر، وتشغيل العاطل) -حسب ما عبَّر الشيخ صالح كامل فيما اقتبسنا من محاضرته- وهذا لا يمكن أن يتحقَّق إلا إذا توجَّهت إرادة البنوك الإسلامية إلى التغيير، وإلى عدم الركون إلى صيغ العائد المحدد المضمون»[11].

«تبدو الفوارق واضحةً وملموسةً بين ثمرة تطبيق النظام المصرفي الإسلامي وبين نتائج العمل المصرفي الربوي وتحقِّق ما بشرت به البنوك الإسلامية بأنَّ آثار تطبيق الاقتصاد الإسلامي على الأمة ينعكس في قيادتها نحو التنمية الاقتصادية، وإيجاد القيمة المضافة، وزيادة المصادر، وتشغيل العاطل»
الشيخ صالح الحصيِّن

بارقة أمل:

ويقول عن الأمل المنشود حول البنوك الإسلامية الحقيقية: «ولَـمَّـا كانت البنوك الإسلامية إنما تستمدُّ قوتها التي هي عماد بقائها من هيئاتها الشرعية، فإنَّ الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية هي وحدها القادرة على حملِ البنوك الإسلامية على تصحيح مسارها، وإيجاد البنك الإسلامي الحقيقي»[12]، والحصين بهذا القول يكرر اللوم والعتب على الهيئات الشرعية الاستشارية للمصارف الإسلامية، ويستحثهم لبذل مساعيهم لإيجاد البديل الشرعي الكامل وألا يتوقف دورهم عند المجاملة، وهو بذلك يشعرهم بالمسؤولية وخطر موقعهم.

والحصين يرى كذلك أن الإمكانات متاحة للعمل بهذا البديل، وهو الذي يحقق العدل والتنمية الحقيقية للأوطان، وذلك بقوله: «إنه ليس المنطقُ وحدَهُ، ولا التفكيرُ النظريّ الذي يُثبِت وجودَ هذه الإمكانيات، بل إنّ المسْحَ العابر لخريطة المعاملات الجارية حاليًّا في التجارة العالمية، يُثبِت وجودَ هامِشٍ واسعٍ للعمل والممارَسة، بما يتفِقُ وروحَ المصرِفية الإسلامية الحقيقية ومميزاتِها الأساسية وأهدافَها في تحقيقِ العدلِ والتنميةِ، واستعمالِ المال في وظيفته الطبيعية التي خلقه الله لـها: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5]»[13].

وتُعدُّ كتابات الحصين في موضوعات الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية إضاءات (فقهية فكرية) ذات أهمية؛ حيث كانت تشغل باله وتفكيره لقناعاته العلمية الشرعية والمنطقية أن الاقتصاد المعاصر يفتقد لقيم العدالة المجتمعية، بل وربما يسقط التحضر المزعوم لاقتصاد الحضارة المعاصرة، والموضوع كبير لدى الحصين حينما أفرد له معظم صفحات كتابه المطبوع بعنوان (خاطرات حول المصرفية الإسلامية).

فهل يتحقق حُلُم الحصين بميلاد نواةٍ أولى لمصرف إسلامي يستفيد من تجربة نجاح “بنك غرامِيْن” البنغالي الذي أسسه البروفيسور “محمد يونس” من حيث الجانب الفني والإداري؟ وذلك بالعمل على إنجاح سياسات القروض الحسنة بعيدًا عن الربا وشبهاته، مستفيدةً هذه المصرفية الإسلامية من الهامش الواسع للعمل الاقتصادي العالمي، خاصةً أن أموال المؤسسات والجمعيات الخيرية وأموال المانحين وأرباب الثراء من أنصار الفكرة كفيلةٌ بإنجاح التجربة.

ورحم الله من أدَّى ما عليه بإسداء النصح والإصلاح.



د. محمد بن عبد الله السلومي

باحث في الدراسات التاريخية ودراسات العمل الخيري والقطاع الثالث.


 

[1] مكتب الإحصاء الأمريكي، تقرير بعنوان (الفقر في الولايات المتحدة: 2021)، رقم التقرير: (P60-277)، بتاريخ 13 سبتمبر 2022م.

[2] (ديون العالم تتخطى الـ 300 تريليون دولار وسط إفلاسات مرتقبة)، إندبندنت عربية ووكالات، بتاريخ 15 سبتمبر 2022م، وكذلك: (الاقتصاد العالمي يتخطى عتبة الـ 100 تريليون دولار لأول مرة)، إندبندنت عربية، بتاريخ 28 ديسمبر 2022م.

[3] خاطرات حول المصرفية الإسلامية، لصالح الحصين، ص (101).

[4] المرجع السابق، ص (101).

[5] خاطرات حول المصرفية الإسلامية، ص (37).

[6] المرجع السابق، ص (101-102).

[7] من مقال بعنوان: “هل من الممكن أن نتحرر من هذا الرق الثقافي” على موقعه الإلكتروني: rowaq.org.

[8] من مقال بعنوان: “هل من الممكن أن نتحرر من هذا الرق الثقافي” على موقعه الإلكتروني: rowaq.org.

[9] المرجع السابق.

[10] المرجع السابق.

[11] خاطرات حول المصرفية الإسلامية، ص (108).

[12] المرجع السابق، ص (108).

[13] المرجع السابق، ص (110).

X