قراءات

قراءة في كتاب “إسلام السوق” لـ “باتريك هايني”

 

تركنا رسول الله ﷺ على المحجَّة البيضاء، وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالاستقامة؛ كما يريد، لا كما نُريد، فالدِّين الإسلامي: عبادةٌ وانتماءٌ وهويّة، وليس طقوسًا أو أنماطًا تتحكّم فيها الماديات أو الثقافة الغالبة، ولا يمكن لهذا المجتمع أن يتفكَّك أو يضعف إلا في حال غياب هويته وضياع بوصلته واتّباعه سَنن الأمم الأخرى

وصف الكتاب:

يقع الكتاب في 227 صفحة، وهو صادر عن مركز مدارات للأبحاث والنشر في القاهرة – مصر، ومن ترجمة أ. عومرية سلطاني.

الكاتب في سطور:

باتريك هايني باحثٌ سويسري في العلوم الاجتماعية، عمل في المركز الفرنسي للدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، وكانت أطروحته في الدكتوراه تدور حول المجتمع المصري والإسلاميين في ضاحية إمبابة الشعبية، وقد حاز بفضلها على جائزة أفضل أطروحة دكتوراه فرانكفونية حول العالم الإسلامي عام 2001م، مستشار للعديد من المؤسسات والمنظمات الدولية.

مدخل إلى الكتاب:

تقوم فكرة الكتاب على رصد نمط جديد من التديُّن ضمن المجتمع الإسلامي بعد أن غزته مظاهر العولمة وقيم الرأسمالية والتي تركِّز على التفوُّق الفردي على حساب الجماعة، وعصرنة المفاهيم الإسلامية بما يتناسب مع متطلبات السوق الرأسمالية، وقد استحضر الكاتب العديد من الأمثلة لذلك، مقدِّمًا جانبًا من تحليل علم النفس والاجتماع المرتبط بالاقتصاد الإسلامي المعولم، من خلال جماعات الإخوان المسلمين ذات النشاط السياسي، والتجمعات السلفية ذات الطرح الأيديولوجي (الفكري)، والطرق الصوفية ذات التدين الشعبي[1].

لقد أدَّى هذا النمط من التدين إلى ظهور ما يمكن تسميته بـ “إسلام السوق” والذي يشكِّل بديلاً لما عُرف في الثقافة الإسلامية من تديُّن معتادٍ ضمن إطار الجماعة، إلى تديُّنٍ على النمط الأمريكي، تديُّنٍ يمثِّل أكثر من مجرَّد السؤال الهوياتي إلى انفتاح ثقافي على العالم، تدين ذي صبغة “علمانية”، والذي بدأ يتوسع في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين نتيجة أربعة نماذج:

  • الأول: تبلْوُر حالة من التدين الفرداني أقلَّ نضالية، تخلت عن المشاريع الجماعية الكبرى في سبيل مشاريع شخصية يُهيمن عليها مبدأ تحقيق الذات والرفاهية، في مسار منفتحٍ على تقاليع غربية، وترقيع للإسلام بتقاليد روحانية لا تنتمي إليه.
  • الثاني: التفاعل الجديد بين الديني والاقتصادي، من خلال إعادة صياغة الإسلام وفق مفردات جديدة كـ “تحقيق الذات” الذي يقدِّم المسلم الجديد نفسه فيه عبر الأداء والمنافسة لا الورع.
  • الثالث: التأكيد على روح المؤسسة داخل المساحة الدينية بطريقة تنظيمية تسعى إلى التنمية الفردية، وبذلك تغيب مفاهيم الصراع والنضال لتحل محلها مفاهيم الطموح وبلوغ الهدف والنجاح والثروة.
  • الرابع: تسييس الإسلام من قبل غير “الإسلامويين”[2]، لتجذير مفهوم السياسة البعيدة عن مفهوم إقامة الخلافة أو تطبيق الشريعة، لكن عن طريق بناء مجتمعات مدنية مزدهرة إلى جانب سائر الدول، خارج مفهوم صراع الحضارات، حيث يجد إسلام السوق موقعه إلى جانب أمريكا وفق خط التصدع الكبير للعالم المعاصر.

قد أثار الكتاب العديد من النقاشات بين موافق ومخالف ومنتقد، وفي هذه القراءة سنقتصر على تقديم الفكرة الأساسية منه.

إسلام السوق هو نمطٌ جديدٌ مِن التديُّن ضمن المجتمع الإسلامي، بعد أن غزته مظاهر العولمة وقيم الرأسمالية، يركِّز على التفوُّق الفردي على حساب الجماعة، وعصرنة المفاهيم الإسلامية بما يتناسب مع متطلبات السوق الرأسمالية

الفصل الأول: تجاوز “الإسلاموية”[3]:

يؤكِّد الكاتب أن برجزة الأسلمة[4] كانت السبب المباشر في تراجع السرديات “الإسلاموية” الكبرى كـ (الجهاد- الحجاب- الزكاة…)، كما أنها تتعلَّق بتغييرات كانت تجري على أرض الواقع، وهي:

 – التغيير الأول: نَزْع القداسة عن الالتزام التنظيميِّ:

يرى الكاتب أن العلاقة بين التنظيمات “الإسلاموية” والأفراد التابعين لها بدأت تتخلخل، نتيجة نوع العلاقة المفروضة التي تربط القيادات بالأفراد، فلم تعد الأوامر التي تقدِّمها القيادات مسلَّمًا بها، مما دفع بعض الناشطين إلى الانخراط في هياكل أخرى خارج هذه التنظيمات، ويستشهد الكاتب على ذلك باستشارة نفسية منشورة في موقع إسلام أونلاين[5]، حيث يشكو مناضل شاب للقيادي اللبناني “فتحي يكن” من التربية الإخوانية التي لا تهدف إلى تربية الفرد بل تهدف إلى إخضاعه فحسب، ويوافقه على ذلك فتحي يكن، على الرغم مما عُرف عنه من التزامه التنظيمي. ويضيف هايني الكثير من المقالات التابعة لموقع إسلام أونلاين والتي تؤكِّد فَقْد تلك الحركات لقداستها التي كانت تفرضها من خلال مبدأ الولاء والطاعة.

– التغيير الثاني: مِخيالٌ[6] غير محدود:

يشير هايني إلى ظهور تيار آخر داخل الحركة الإسلامية يمثِّل التيار الناقم على عمل التنظيمات، ينأى بنفسه عنها دون أن يغادرها، لا يحلم بالمشاريع الكبرى أو تقديم بديل إسلامي بقدر ما يهتم باستيراد مكونات تنتمي إلى الثقافة الغربية، وإعادة صياغتها إسلاميًا، سعيًا للانفتاح، ورفضًا للانغلاق الهوياتي، ويدلِّل هايني على ذلك بمقالات منشورة على موقع إسلام أونلاين تظهر فيها السيولة التي أصابت سردية إسلامية كبرى مثل (الجهاد)؛ ففي الإجابة عن تساؤل أحد مستخدمي الإنترنت في قسم “مشاكل وحلول الشباب” فيما يمكن أن يفعله بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين يتمُّ إرشاده إلى محاولة ضبط ارتباكه “بمزيد من التقوى والورع، والانضباط المهني، والتضامن الاجتماعي… سيقترح عليه محاوره ما يسمَّى جهاد النهضة”، وبعد ذلك تتمُّ إحالته إلى مجموعة من المقالات تتضمَّن محاولات تسعى إلى السيولة في مفهوم الجهاد ويعيد تعريفه بنوعٍ من العمل التطوعي والحركية الاجتماعية والجهاد الإلكتروني الذي يدعو إلى تدمير المواقع المعادية للإسلام، وينسحب ذلك على مفهوم الحاكمية والخلافة والتي تتحوَّل إلى مفاهيم تنساق أيضًا وراء العلمنة والانفتاح الثقافي بعيدًا عن دلالتها الأصلية، ومنتزعةً من فضائها الطبيعي في الفقه الإسلامي.

– التغيير الثالث: العودة إلى إيقاعات العالم:

يرى هايني أن المشهد الإسلامي يتعرض للتفكك من الداخل بسبب التوجهات ما بعد الحداثية والعلمانية التي يتبناها مناضلوه، ومن الخارج أيضًا حين توضع مضامين وشعارات الأسلمة على محك الواقع المعاش لدى هؤلاء.

تسعى الممارسات الدينية على المستوى اليومي إلى التوفيق الضمني بين الإسلام والغرب، في دعوة للتعايش والانفتاح الثقافي، ويقدِّم هايني مثالاً على ذلك (تحولات النشيد الإسلامي) حيث بدأ في الغرب بموسيقى مستوحاة من التراث الإسلامي كالمناجاة الصوفية أو الشعر الديني العربي الذي يتغنَّى بحب الله وبالإيمان، ثم تطوَّر إلى شكل يصالح بين الإسلام وبين الموسيقى والثقافة، وأصبح يشبه موسيقى الراب التي تعدُّ نوعًا من النقد المتشدِّد للحياة الاجتماعية، ومنه انبثق نوع من الموسيقى يسمى (الراب الإسلامي).

وفي العالم العربي شهد انعطافات مماثلة، فكانت الأناشيد مستوحاة من أدب الغربة الذي يمجِّد الجهاد والشهيد ويشحذ الإيمان في مجتمع لم يعد في تصوُّرهم مسلمًا، ولم يكن النشيد آنذاك مصحوبًا بالآلات الموسيقية المخالفة للشرع، لكنَّ ذلك سيتغيَّر فيما بعد بسبب المهرجانات التي أقيمت في عدد من البلدان العربية، حيث ترافقت الأناشيد الحماسية مع بعض الآلات الموسيقية. أما مضامين هذه الأناشيد فقد تحولت إلى الحب والسعادة والشعر، مبتعدةً عن الشعارات النضالية السابقة، ليظهر أخيرًا ما يسمى بـ (النشيد ما بعد الإسلامي) الداعي للسلام الداخلي والمنفتح على العالم والعابر للثقافات.

– التغير الرابع: استهلاكية الحشمة الإسلامية:

يشير هايني إلى أن الحجاب ارتبط في بداياته بتجربة الإسلام السياسي[7] الذي يبتعد عن الموضة التي يعتبرها حالة من الاغتراب الثقافي والتبذير والإغراء، لينتقل الحجاب إلى الارتباط بالسوق الاستهلاكي الذي يوفِّق بين تأكيد الهوية والانفتاح الثقافي. في الجيل الأول لم يكن الحجاب استجابة لطلب السوق، فالنقاب الذي يخفي الوجه كان النمط السائد آنذاك، ثم تلته مرحلة استجاب فيه الحجاب لمتطلبات السوق المرتبطة بالعلامات التجارية، مما شكل حالة استفزاز واجهتها الصحافة “الإسلاموية” بالتوعية من السوق الاستهلاكي الذي يهدِّد نمط الحياة الإسلامية، فيما كانت دور الأزياء في مصر وتركيا ترى أنَّ هذا النمط من الحجاب يحقِّق هدفًا مزدوجًا أخلاقيًا وهوياتيًا بعيدًا عن “الإسلاموية”، أما الجيل الثاني أو “ما بعد الإسلامي” الخالي من السياسة والمنفتح على التأثيرات الأجنبية كان ما يزال ملتزمًا بالحشمة الإسلامية، ومع ظهور الجيل الثالث ينعتق الحجاب من مسألة المعيار الديني، ولا يعيره أيَّ اهتمام.

تعرض الحجاب لسلسلة من التغييرات المرتبطة بالسوق الاستهلاكي، فتدرج من أصله البعيد عن الموضة إلى شيء من الانفتاح مع تأكيد الهوية، وتلاه نمط الحجاب المرتبط بالعلامات التجارية الذي يترفَّع عن التقليد، ثم جاء جيلٌ خالٍ من مواصفات الحجاب الأصلية لكن مع بقاء الحشمة العامة، وأخيراً حصل نوع من انعتاق الحجاب من مسألة المعيار الديني مطلقًا عند كثيرين

– التغيير الخامس: زمن الدعوة العصرية:

يذهب الكاتب إلى أن إسلام الغد منفصلٌ عن الإسلام السياسي، ويترافق ذلك مع ظهور عدد من الدعاة الجدد، تتداخل لديهم البرجزة مع نمط الحياة الإسلامية، ويقدم هايني شخصيتين للتدليل على ذلك، وهما: عبدالله جمنستيار في جنوب آسيا، وعمرو خالد في العالم العربي، وقد اجتذب كلٌّ منهما عددًا كبيرًا من المؤيدين خلال فترة قصيرة من خلال تقديم نمط ديني خاضع للتطبيع البعيد كل البعد عن الإسلام السياسي، يظهر الداعيتان بمظهر شبابي جذاب بلحية حليقة وملابس عادية ومريحة، ولهجة بعيدة عن الفصحى ومظهر رياضي، وقدرة على التعامل مع وسائل الإعلام الجماهيري، وإتقان لفن الإقناع وإثارة الإعجاب، ويبدو أنهما استخدما أساليب المبشرين الإنجيليين، في الابتعاد عن الترهيب بالعقاب الرباني للترغيب بمحبة الله كما يقول عمرو خالد: “كفانا إخلاصًا لله خوفًا منه” متخلِّصين من حدَّة الدعاة التقليديين ومبتعدين عن التسييس، ومن هنا كانت دعوتهما لتأسيسٍ جديدٍ للفرد بعد أن أصيب بخيبة الأمل السياسي ليحقِّق ذاته في العالم الإسلامي الجديد.

إنَّ المشهد الإسلامي يتعرَّض للتفكك من الداخل بسبب التوجُّهات ما بعد الحداثية والعلمانية التي يتبنَّاها مناضلوه، ومن الخارج أيضًا حين تُوضع مضامين وشعارات الأسلمة على محكِّ الواقع المعاش لدى هؤلاء.

الفصل الثاني: تدينٌ تحرِّكه قوى السوق:

كان السوق البعيد عن تحكُّم الحركات السياسية والمؤسسات الدينية في رأي هايني وسيلة الذين خاب أملهم بالخطاب “الإسلاموي”، لخلق توجُّه اقتصادي جديد يحقق فائدتين أيديولوجيتين:

* جذب تيار محافظ غير متشدد.

* جذب جمهور غير مسلم.

مما سيعيد “صياغة المسألة الهوياتية خارج إطار الإشكالية الكلاسيكية للإسلاموية”.

– عندما يمرُّ التديُّن عبر الثقافة الجماهيرية:

يقدِّم الإسلاميون الناقمون -كما يدَّعي هايني- منتجاتهم ذات التوجُّه الأيديولوجي بأساليب مبتكرة تنافس ما كان يقدِّمه الإسلاميون السابقون، فمثلاً: الأشرطة الصوتية الدينية التي ينتجها السلفيون كانت سابقًا تحمل طابع التقشف، أما في شركة سندباد التي أنشأها أحد التجَّار بالشراكة مع عمرو خالد فسنجد نوعًا من الاحترافية من حيث الاعتناء بالغلاف والموضوعات التي غالبًا ما تدور حول السلام الداخلي والتوازن الروحي؛ لتكوين توجُّه ديني جديد، مما أدَّى إلى اكتساح هذه المنتجات الحياة الاجتماعية من خلال الثقافة الجماهيرية التي أصبحت تنفر من المحتوى الكلاسيكي وتنجذب إلى محتوى أكثرَ جاذبية، يتيح للثقافة العلمانية التحكُّم بالهوية الإسلامية الجديدة، واستبعاد السرديات الكبرى، لتحلّ محلّها موضوعات بديلة، ثم يتم الاستغناء عنها لاحقًا. وهذا ما حوَّل الإسلام إلى مجرَّد منتج يقدَّم للمستهلكين، الغاية الأساسية فيه هي الربح.

– السلفية: عالم الأعمال والهجرة البرجوازية:

يشير الكاتب إلى أن الرغبة في مَوضَعَة التأكيد الهوياتي في فضاءات الثقافة الجماهيرية امتدت إلى التيارات السلفية المعروفة أنها الأكثر رفضًا لفكرة تطبيع الهوية الإسلامية، فقد دفعت صعوبات الوصول إلى سوق العمل المنتظم إلى تطوير نشاطات مستقلة؛ ولا سيما أن المسلمين يمثِّلون “أقليةً ذات قدرةٍ شرائيةٍ كبيرة”. بدأت أعمال هؤلاء من خلال تجارة صغيرة فيما يسمَّى (السوق الحلال) مثل التجارة بالثياب وأجهزة الهواتف، وبعد وصولهم إلى الثراء تحوَّلوا إلى التفكير بـ (الهجرة البرجوازية) ليس الغاية منها الشهادة بل البقاء على قيد الحياة وممارسة التجارة، وغالبًا ما تكون هذه الهجرة إلى بلاد الخليج؛ بلاد المستقبل والمشاريع الكبيرة، وبذلك تكون هذه الهجرة ضمن سلسلة العولمة الاقتصادية التي تركِّز على التنمية الفردانية في ظلِّ رسم معالم الهوية الإسلامية الجديدة.

– تشفير الهوية الدينية:

بدأت الهوية الإسلامية تندمج بالفضاء العالمي، مما جعلها -كما يذهب الكاتب- أكثر عرضة للاختراق، مما يؤدي للقطيعة مع المخيال السلفي، ذلك أن منطق إسلام السوق الجديد يفرض أحد الاحتمالين، الأول: إضعاف البعد الديني لتوسيع نطاق الزبائن المحتملين من خارج المسلمين وتعظيم المبيعات، الثاني: التطلع إلى الخطاب الأخلاقي بديلاً عن الخطاب الديني لجذب الزبائن غير المسلمين مما يؤدي إلى تخفيف درجة المكونات الدينية في المنتج، مما يعني ارتباط إشكالية الهوية الإسلامية بالعلامة التجارية وابتعادها عن المفهوم الديني، وعلى سبيل المثال فإن شركة (دعوة وير) تحاول التخلُّص من مشكلة تحييد المفهوم الديني لكلمة (Dawah) من خلال تفسيرها بمعنى النداء، وهو نداء لا يتوجَّه إلى المسلمين فقط ولكن للعالم كله، متجاوزة معايير الجنسية أو الإثنية.

الفكرة المركزية التي يدور حولها التوجه الإسلامي الجديد هي تحويل الفرد المسلم من المسلم المحارِب لتحقيق التمكين السياسي، إلى المسلم المتشبِّث بالنجاح والذي لا يمرُّ عبر المطالبة السياسية، ولكن عبر الأداء الاقتصادي

– في معنى الحد الأدنى من السياسة الأخلاقية:

تتم تصفية المفاهيم الإسلامية من محتواها الديني لتتجه نحو العالمية العلمانية، ويضرب هايني مثالاً على ذلك بالموسيقى حيث تتصالح الإيقاعات الجديدة مع العالم، وتدخل منطق الاستهلاك، بحيث يصبح الهدف الأقصى إثارة الإعجاب وليس فرض حقيقة مستقلة من الخارج.

فأعضاء فرقة (الندى) مثلاً صرحوا بأنهم سيطلقون أغانٍ ذات طابع إنساني لا تخصُّ المسلمين فقط، نازعة طابع الأسلمة عن نتاجهم الموسيقي، وبذلك تصبح العلاقة بين الأسلمة والعلمنة متقاطعة، ذلك لأنه كلما برزت العوامل الدينية في المنتج تقلَّص الجمهور أو المستهلك والعكس بالعكس، وعندها تصبح الأخلاقية هي المعيار بدل الديني “فالأخلاقية تتشكل عند الحد الأدنى من الإسلامية والحرص على احترام المعايير الدينية” ومن ذلك أيضًا تخصيص شركات مثل (زمزم كولا) الإيرانية، و(قِبلة كولا) الإنكليزية جزءًا من أرباحها لصناديق التضامن والأعمال الخيرية وذلك لتكون أكثر جاذبية أخلاقيًا لأكبر شريحة من الجماهير المسلمة وغير المسلمة، وبذلك يتم إعادة موضعة الإسلام وفق منطق علماني متوافق مع تعاليم الأخلاق الإسلامية.

– فخر المتشبِّثين بالنجاح:

يرى هايني أن الفكرة المهمة التي يدور حولها التوجه الإسلامي الجديد هي تحويل الفرد المسلم من المسلم المحارِب إلى المسلم المتشبِّث بالنجاح والذي لا يمرُّ عبر المطالبة السياسية، ولكن عبر الأداء الاقتصادي، فأصبح همُّ الشركات الإسلامية إثبات قدرة النموذج المسلم على إنتاج أشياء نوعية بعيدة عن النمطية، وأنهم لا يقلون ذكاء عن الفرنسيين، ويتحولون من الاستهلاك إلى الإنتاج. ولتكوين شخصية الفرد المسلم الناجح يقدِّم عمرو خالد (المعايير الأخلاقية للعمل) التي تقود المسلم إلى النجاح الفرداني من خلال الجهد والمثابرة والتفكير الإيجابي وروح المبادرة.

الفصل الثالث: إسلام السوق؛ حركة إصلاح للذات الدينية:

يشير الكاتب إلى أنه بعد تحقيق النجاح الفرداني للمسلم الفعَّال اقتصاديًا وغير المنخرط سياسيًا أصبح المجتمع الإسلامي الجديد منفتحًا على البرجوازية، تتصاعد روح التنافسية فيه مع الأمم من خلال “نفث روح رأسمالية داخل الأمة” لمواجهة “الإسلاموية” الكلاسيكية ذات الطابع المحلي.

– عندما تفرض البرجوازية منطقها:

ظهر إسلام السوق كما يدَّعي هايني بدافع من الطبقات البرجوازية التي ظهرت في العالم الإسلامي، والتي تتكوَّن من دعاة وجمعيات ورجال أعمال ومثقفين لا ينتمون للحركة الإسلامية وغيرهم ممن جعلوا شعاراتهم تدور حول التقوى والثروة والعالمية بعيدًا عن العدالة الاجتماعية والتقشُّف، وغير ذلك مما ينتمي للتقاليد الإسلامية، ولهذا كانت هناك مشكلة بين مفهوم إسلام السوق وبين الفقر الذي يعدُّ مصدرًا للكثير من الشرور ويعبِّر عن الكسل وقلة الحيلة على عكس الغنى، فعلى سبيل المثال مطعم (دلروبا) الفاخر في إسطنبول ذو الديكور القديم المليء بالرموز الصوفية والعثمانية لا يستهدف الشعبيين من الزبائن، بل يقوم على استراتيجية نخبوية، وبذلك يعكس مفهوم إسلام السوق الذي يعمِّق التفاوت الطبقي في المجتمعات الإسلامية.

ويصبح “الإسلامويون” الجدد لا يتكلمون عن العدالة الاجتماعية، بل مطالبهم تتلخص في أن يصبحوا أغنياء ليكونوا إسلاميين جدد.

– لاهوت النجاح:

يوزِّع هايني لاهوت النجاح على مجموعة من الفاعلين المسؤولين عن تشجيع إسلام السوق مثل الدعاة العصريين، والإسلاميين الناقمين، وبذلك يصبح معيار المواجهة مع الغرب هو الاقتصادي وليس السياسي، فمثلاً نجد الداعية (الأخ جيم) في خطاب متحمِّس يشير إلى أن الإسلام يدعو المسلم أن يكون غنيًا، ويقدِّم النبي r نموذجًا للمسلم التاجر الغني قائلاً: “لا بدَّ أن تتذكَّروا أن الرسول ﷺ كان رجل أعمال، بل أفضل رجل أعمال” فالمسلم الغني يمكن أن يكون نموذجًا يحتذى به عندما يكون سخيًا ومنفقًا في سبيل الله، وليس من الضروري أن يكون ذا منصب سياسي، بالإضافة إلى أنه أكثر حضورًا وتأثيرًا بين الناس، وبالتالي سيكون المال “مجالاً لاستعادة الكبرياء وعلامة على تحقُّق الاختيار الإلهي” والنجاح.

– القطع مع الذهنية الاستسلامية:

يشير الكاتب إلى وجود عقبة مؤصلة دينيًا تقف في وجه تحقيق الفردانية، وهي عجز المرء عن التحكم بمصيره، أو اختياره، وهي ما أسماه بالجبرية، وأنه لا بدَّ من القضاء على هذه العقبة من خلال تغيير الفلسفة التقليدية بالقضاء على السند الديني لهذه العقلية، ونشر التدين النشيط الذي يحلم به أنصار إسلام السوق.

ومن هنا تأتي أهمية التصميم والثقة بالنفس داخل خطاب إسلام السوق، كما يفعل عمرو خالد في برنامجه “صناعة الحياة”، وكما فعلت منظمة موصياد[8] في تركيا بتغيير الفلسفة التقليدية التي تقرن الفضيلة بالزهد، والتي تمثلها مقولة (بير لقمة بير خرقة)[9] ، ويرى عمرو خالد أن الصبر ليس فقط في إطار الواجبات الدينية، بل في النشاطات الإنتاجية، وهذا ما لم يكن من ضمن أولويات الدعوات السلفية، لذلك كان لا بدَّ من الإصلاح عبر مفاهيم جديدة تحقِّق الذات الفردانية وتجدِّد المعتقدات والقيم.

من مظاهر “إسلام السوق” قيام بعض الدعاة العصريين والإسلاميين الناقمين بالتشجيع الكبير على خوض التجارة وامتلاك المال وتحقيق النجاح المادي، وبذلك يصبح معيار المواجهة مع الغرب هو الميدان الاقتصادي وليس السياسي

– الطوبيا الإدارية الجديدة:

انتقل عدد من “الإسلامويين” العرب في بداية الثمانينات للدراسة في الولايات المتحدة، وعادوا بالفكر الإداري المنتشر في كليات الاقتصاد في أمريكا، وتزامن ذلك مع طرد الإسلاميين الفلسطينيين والعراقيين من الكويت بعد حرب الخليج، ووجدوا ملجأ لهم في الأردن حيث بدأت محاولاتهم لتحديث الثقافة الإدارية لخدمة قضيتهم وتطوير كوادرهم، وأصدروا عدة كتب مثل (صناعة الحياة) لمحمد أحمد الراشد، و(دليل التكوين القيادي) لهشام الطالب.

وفي مصر بعد تقويض المشروع السياسي ظهرت منتجات سدت الفجوة بين الالتزام “الإسلاموي” والفكر الإداري، فأسهمت كتب الشيخ يوسف القرضاوي وخاصة (العبادات في الإسلام)، ومحمد الغزالي في كتابه (جدِّد حياتك)، في بلورة تصور عن التدين لا يرتبط فقط باحترام الواجبات الدينية والانضباط داخل الحركة، ثم شقت الطريق وتضاعفت مراكز “المنجمنت Management”[10] في مصر التي افتتحها جيل من الشباب ممن ابتعدوا عن خطاب الحركة الإسلامية، وتبنَّوا الفكر الإداري وتنمية الفرد، وفي دول الخليج كان طارق السويدان أفضل من يمثِّل “الجمع بين الدعوة وبين إصلاح الذات بالاعتماد على أدبيات التحقُّق الذاتي الأمريكية”. وفي جنوب شرق آسيا كان التحقُّق الذاتي يفرض نفسه كيوتوبيا[11] بديلة للخطاب “الإسلاموي” الكلاسيكي، ونما على يد طبقة التجار المسلمين في صراعهم مع الأقلية الصينية التي كان لها نفوذ واسع بدأ بالتقلُّص فيما بعد، لتبدأ رؤية جديدة منفصلة عن “الإسلاموية” قدَّمها عماد الدين عبد الرحيم بعد حصوله على الدكتوراه في الموارد البشرية من أمريكا. وفي تركيا ساهم “الإسلامويون” الناقمون الأتراك في تكوين خطاب جديد، حيث قاد تورغوت أوزال السياسة الاقتصادية منذ قدومه للسلطة، وبعد ذلك ظهر (نمور الأناضول) ونجحوا في وضع الدين في خدمة ديناميكية اقتصادية حقيقية، حيث لم يعد مثلهم الأعلى هو التقوى، بل العمل، جامعين بين الهاجس الأخلاقي والمشروع الإصلاحي.

من أهم سمات الدعاة الجدد اعتناق الفكر الإداري وتنمية الفرد، في تصوُّر لا يرتبط فقط باحترام الواجبات الدينية والانضباط داخل الحركة، بل يجمع بين الدعوة وإصلاح الذات بالاعتماد على أدبيات التحقُّق الذاتي الأمريكية، فلم يعد مَثَلُهم الأعلى هو التقوى، بل العمل، جامعين بين الهاجس الأخلاقي والمشروع الإصلاحي

الفصل الرابع: فاعلون لتحجيم الدولة:

يذهب هايني إلى أنه على الرغم من أن إسلام السوق ينتقد الإسلام السياسي الكلاسيكي إلا أنه أيضًا يشكِّل مشهدًا دينيًا سياسيًا جديدًا، فقد ظهر نمط “المؤسسة الصغيرة” التي تتمُّ إدارتها عن طريق مجموعات غير سياسية.

– الإسلام بالمشاريع:

يؤكِّد الكاتب أن نموذج “المؤسسة الصغيرة” أصبح مفروضًا في الواقع الجديد، ويمكن أن يكون برنامج الداعية عمرو خالد في مصر أفضل مثال على ذلك، حيث يقوم برنامجه على الدعوة إلى العمل، والإصلاح الذي يبدأ من الفرد ويدفعه نحو النجاح بعيدًا عن الخضوع كما كان سائدًا، ويتحوَّل برنامجه إلى عمل تنفيذي كحملة مكافحة المخدرات وزراعة الأسطح وغيرها والتي امتدت على مساحات واسعة وشملت عددًا كبيرًا من الأفراد المشاركين في تلك الحملات، حيث ينافس موقع الداعية عمرو خالد موقع قناة الجزيرة كأول موقع عربي، وهذا هو بالضبط منطق المؤسسة المنسجم مع مبادئ المنجنمت، فهي ليست مظهرًا لإسلام سياسي جديد، بل هي نقيضة له تمامًا؛ لأنها تفضل الشعور بالاستقلالية والأمان، إن هذا النمط يسهم في تكوين طبقات اجتماعية مندمجة مع العولمة مع الشعور بالاستقلال النسبي ضمن فضاء الدولة، أي حالة من البرجزة التي تضمن لأصحابها الذين لا يهتمون بالسياسة الثروة الفاضلة.

– أيديولوجيا للتكيف:

يحاول إسلام السوق -كما يرى الكاتب- التخفيف من أعباء الدولة من خلال انتزاع بعض المهمات، واكتساب بعض الصلاحيات منها، وهذا ما فعله حزب الوسط الجديد في مصر، ونجح في تهميش الإسلام السياسي الكلاسيكي، من خلال خطابهم النيوليبرالي[12] العلماني، فهذا الحزب لا يستند إلى مرجعية دينية، ومع ذلك فإنه يكافح القيم السلبية مثل النفاق والكذب والفساد، وبذلك تتحوَّل بعض المفاهيم إلى منحى آخر، فالزكاة تصبح ضريبة دينية إجبارية، والصدقة منحة دينية تطوعية، لأن مفهوم الحرية الذي ينطلقون منه هو الانعتاق من وصايا الدولة، والاحتكام إلى إدارة لا مركزية يقودها السوق والمشاريع الرعائية التي تهتم بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية لا بالمسائل الدينية.

– إجماع الأتقياء:

يرى هايني أن ضغوط الأجيال الشابة على العلماء والحرس القديم ستزداد مستقبلاً تحت الغطاء الديمقراطي لتقليص البنى السياسية، وتخفيف أسلوب عملها، وتليين هرميتها، مما يجعل أدبيات “المنجمنت” الأمريكية مرحبًا بها، وسيحدث التقاء فكري وعملي بين من كانوا أعداء الأمس لأجل الدفاع عن تأسيس مجتمع مدني متدين تسير فيه الجماعات الدينية والقطاع الخاص وفق منطق السوق، يقترب من التيار الإنساني الأمريكي وتجسُّداته السياسية.

وضرب على ذلك أمثلة عديدة لمشاريع تعليمية ومستشفيات ومرافق عامة في عدد من البلدان (مصر – السودان – تركيا) قام بها إسلاميون في خدمة المجتمع، وبتوظيف لأموال الزكاة في تلك المشاريع.

ضمن ظاهرة إسلام السوق: ستزداد ضغوط الأجيال الشابة على العلماء والحرس القديم مستقبلاً تحت الغطاء الديمقراطي لتقليص البنى السياسية وتخفيف أسلوب عملها، وسيحدث التقاء فكري وعملي بين من كانوا أعداء الأمس لأجل الدفاع عن تأسيس مجتمعٍ مدني متديِّن تسير فيه الجماعات الدينية والقطاع الخاص وفق منطق السوق، يقترب من التيار الإنساني الأمريكي وتجسُّداته السياسية

خاتمة: محور الفضيلة:

بدت أمريكا متفردة مقارنة بالقارة العجوز، وظهر فيها وكلاء يقودون حركة الأسلمة، مرتبطين على نحو ضعيف “بالإسلاموية” لبناء مجتمع مدني أكثر استقلالية وأخلاقية، يتم فيه القضاء على فكرة الجبرية (عجز المرء عن التحكم بمصيره أو اختياره)، وحث الأغنياء على الأعمال الخيرية، إذ لا بدَّ من الانعتاق من المنطق “الإسلاموي” الكلاسيكي وبرجزة القيم الإسلامية وفق قوانين إسلام السوق، يدين هؤلاء الفقر المرتبط مباشرة بالبطالة والانحلال الأخلاقي، بل يرونه الدافع الأساسي باتجاه الذنوب، ويشجعون العمل والتميز الفردي والنجاح، ويتعاملون مع الدين تعاملاً أخلاقيًا وحسب، وقد كانت هذه العلمانية الأمريكية مصدر إعجاب لوزير الخارجية التركي الأسبق عبدالله غول، بل صرح أنه يشجع مثل هذه السياسة، وباتت رؤية جديدة تلوح في الأفق وهي دفع العالم العربي والإسلامي إلى بناء دولته الجديدة بعيدًا عن الإسلام السياسي الذي لم يكن يروق لأمريكا ويشكِّل تهديدًا لها، ويبدو أن التاريخ يؤكد هذه الحرب الفلسفية التي بدأت ملامحها تلوح في الأفق كما يدَّعي الكاتب والكتاب.

 


د. فاطمة علي عبُّود
أستاذة اللغة العربية في جامعة سلجوق في تركيا


[1] كما يشير الكاتب في ثنايا الكتاب إلى الجماعات التي يسميها “جهادية”، ويكاد يحصر المواجهة مع الغرب و”صراع الحضارات” بها!

[2] استخدم الكاتب هذا المصطلح في كل الكتاب، وأبقينا عليه دون أن يعني ذلك الإقرار أو الموافقة.

[3] الإسلاموية: مصطلح يستخدم سياسيًا وإعلاميًا لتوصيف الحركات والجماعات التي تقدم الإسلام على أنه نظام متكامل للمجتمع، بما في ذلك السياسة والحكم، وعادة ما يطلقه المعارضون لهذه الحركات.

[4] البرجزة: تداخل أسلوب الحياة البرجوازية مع بعض طبقات المجتمع الإسلامية.

[5] موقع إسلام أونلاين ‏ هو أول موقع ويب عربي على الإنترنت يهتم بنشر الثقافة الإسلامية والتعريف بمبادئ الدين الإسلامي عبر معالجة عالم الأفكار والاهتمام بالعلوم وإصدارات الكتب.

[6] عرَّف مترجم الكتاب المخيال بأنه: نتاج خيال الفرد أو الجماعة أو المجتمع ينتج عنها صور وحكايا وتمثلات تنفصل عن الواقع المعاش وإن انطلقت منه. 

[7] ربط المؤلف لمظاهر التدين والعديد من المطالبات الشرعية كالحكم بالشريعة ونحوها بملفات سياسية هو من أبرز ما يوجه للكتاب من نقد ومعارضة.

[8] تأسست في مدينة إسطنبول في 1990م من قبل رجال أعمال أتراك مؤمنين بضرورة انفتاح بلادهم على السوق العالمي، وتهدف الجمعية إلى تشجيع رجال الأعمال الأتراك على توسيع أعمالهم خارج تركيا، إضافة إلى توفير الفرص لتطوير أنفسهم وتأسيس الشراكات مع المنظمات الدولية.

[9] Bir lokma Bir hirka: مقولة منتشر بين الزهَّاد وتعني: يكفي الناس أن يأكلوا ما يكفيهم فقط لملء بطونهم وأن يلبسوا ما يكفيهم من الملابس التي تقيهم من البرد أو الحر.

[10] يتعلَّق المنجمنت بمجموع التقنيات التي ترتبط بتنظيم الموارد المتاحة لإدارة مؤسسة ما، ويقع على رأسها فن تسيير العامل البشري بهدف تحسين الأداء والوصول إلى أفضل نتائج.

[11] يوتوبيا أو الطُوبَاوِيّة أو المِثَالِيّة: هي الفلسفات التي يتخيل فيها الكاتب الحياة في مجتمع مثالي يزخر بأسباب الراحة والسعادة لكل بني البشر، لا وجود له في الحقيقة.

[12] “الليبرالية الجديدة” مصطلح ظهر للمرة الأولى في نهايات القرن الـ19، ويشير إلى فلسفة اقتصادية تدعم رأسمالية السوق الحرة والحد من تدخل الدولة في الاقتصاد.

X