كانت المرأة السورية وما تزال ركنًا أساسًا في المجتمع السوري، وخلال الثورة السورية دفعَت ثمنًا باهظًا بسبب رفضها لظلم النظام البائد، وكان لها إسهامها الكبير في هذا النصر، وعليها اليوم مسؤوليات كبيرة في البناء. ومع كثرة الحديث عن المرأة السورية ودورها في سورية الجديدة والتخوّفات التي يبثّها كثيرون عن حالها في ظلّ حكمٍ إسلاميٍ؛ فإنّ من المهمّ تجلية الأمور المتعلّقة بها وبماضيها ودورها في المستقبل، وهذا المقال يحاول الإجابة عن هذه الأمور بطريقةٍ علميةٍ واقعيةٍ جريئةٍ.
مدخل:
منَّ الله على سورية بالنصر والفتح المبين، وخلّصها من النظام الأسدي البائد الذي جثم على صدور السوريين والسوريات عقودًا طويلة، تاركًا خلفه مدنًا وبلدات دمّرها بالبراميل والصواريخ، ومؤسسات مهترئة ينخر فيها الفساد والمحسوبيات، وآلامًا كبيرة من جراح الاعتقال والقتل وهدر الكرامة والحقوق، عدا عن دمار الأخلاق ومحاربة الأديان ونشر المخدّرات وكلّ أشكال الرذيلة والتجهيل. والحمد لله، فقد عمّت الفرحة مدن سورية وبلداتها، وتداعى الشرفاء من كلّ مكان مبدين استعدادًا للعمل وبناء دولة جديدة تُحفظ فيها كرامة الإنسان وحقوقه، وتُعلى فيها القيم والأخلاق، ويُحفظ فيها الدين، ويسود فيها العدل والقانون.
والمرأة السورية التي كانت وما تزال ركنًا أساسًا في المجتمع السوري، لها إسهامها الكبير في هذا النصر، وعليها اليوم مسؤوليات كبيرة في البناء. ومع كثرة الحديث عن المرأة السورية وأين يمكن أن يكون دورها في سورية الجديدة، والتخوفات التي يبثّها كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن حالها في ظل حكم إسلامي الطابع؛ فإنّ من المهمّ جدًا توضيح كيف عامل النظام البائد المرأة، وكيف استطاعت المرأة السورية أن تواجه تحدّيات الحرب، وما دورها وأولوياتها في معركة البناء اليوم، حتى نتمكن من تقديم توصيات يجب العمل عليها لمساعدة النساء وتحسين حياتهنّ، وتمكينهنّ من المساهمة في بناء الدولة وإدارتها.
وضع المرأة السورية في عهد النظام البائد قبل الثورة:
التهميش والإفقار وسلب الحقوق:
عانى السوريون والسوريات من سياسات التهميش والإفقار الممنهجة التي اتبعها نظام الأسد البائد في سورية على مدى أكثر من خمسة عقود، فقد سلبهم حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية رجالاً ونساءً، وعمل على تقديم صورة ذهنية مشوّهة عن النساء السوريات وبخاصّة النساء المحافظات الملتزمات اللواتي قدمهن إعلام الأسد بصورة المرأة الجاهلة المقموعة، التي يسهل استغلالها وممارسة أشكال العنف والإقصاء بحقّها، محمّلاً كلّ هذا على الدين والعادات والتقاليد، كما أظهرت إحصاءاته الرسمية أنّ نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة الوطنية لا تتجاوز 13% من إجمالي القوى العاملة عام 2010م[1]، والإشكالية أنّ هذه الإحصاءات ليست دقيقة؛ كونها لا تشمل النساء في العمل المنزلي أو في الاقتصاد العائلي الرعائي أو في الدعم المجتمعي، مما يعني تجاهل القيمة الاقتصادية للعمل الذي تقوم به المرأة غير الموظّفة في مؤسسة رسمية، وبالتالي لا تحتسب مشاركتهن الاقتصادية ضمن القوى العاملة.
الاعتقال والتعذيب:
ومن جانب آخر عانت المرأة السورية عامّة، والمحافِظة خاصّة، من فقدان الأمن في ظلّ نظام أمني مخابراتي كان يحصي أنفاس السوريين والسوريات، ويحاسبهم على النوايا، وكم من امرأة اعتُقلت في ظل نظام الأسد فقط لكونها أختًا أو أمًا أو ابنة لمطلوب لقوى الأمن المخابراتية، وبعضهنّ قضَين سنوات طويلة في السجن، وتعرّضن لأشدّ أنواع التعذيب في معتقلات النظام. وتعجّ ذاكرة السوريين والسوريات بكثير من الصور والمشاهد من جميع المدن السورية والتي تُظهر وحشية هذا النظام، الذي لم يراعِ عرفًا ولا دينًا ولا أخلاقًا في تعامله مع النساء السوريات[2].
عانت المرأة السورية عامّة، والمحافِظة خاصّة، من فقدان الأمن في ظلّ نظام أمني مخابراتي كان يحصي أنفاس السوريين والسوريات، ويحاسبهم على النوايا، وكم من امرأة اعتُقلت في ظلّ نظام الأسد فقط لكونها أختًا أو أمًا أو ابنة لمطلوب لقوى الأمن المخابراتية
محاربة الحجاب والاعتداء على الأخلاق:
أما موضوع منع الحجاب والاعتداء على أخلاق المجتمع السوري فقد بدأ في ظلّ نظام الأسد الأب واستمر في حكم الابن، ففي 29 أيلول 1981م هجمت مظلّيات ومظلّيو ما كان يسمى “سرايا الدفاع” التي يرأسها المجرم رفعت الأسد شقيق المقبور حافظ الأسد لينزعوا الحجاب عن رؤوس النساء في شوارع دمشق بالقوّة وبأوامر من حافظ أسد نفسه، واستمر منع الحجاب في مدارس دمشق سنوات طويلة؛ ممّا حرم كثيرًا من الفتيات والنساء المحافظات الملتزمات من فرص التعليم أو العمل، واستمر هذا النهج في عهد القاتل الابن بشار، الذي أصدرت حكومته قرارًا في تموز 2010م بمنع المنقّبات من العمل في التعليم، أو دخول الجامعات والمدارس، حتى الشرعيّة منها[3]، في محاولة لتصوير المنقّبات على أنّهنّ متطرّفات أو إرهابيات، رغم شيوع النقاب في كثير من مدن وبلدات سورية كلباس محلّي معروف.
تنحية المرأة الملتزمة ومحاربتها:
عانت المرأة السورية الملتزمة من التمييز والإقصاء من قبل نظام الأسد، كما عانى الرجل الملتزم في ظلّ نظام لا أخلاقي كاره للدين، ومحتقر للمتدينين، لذلك لم يرَ السوريون والسوريّات نساء محجبات في مناصب عليا في الدولة إلا بعد ثورة 2011م، إذ عمد النظام على تطعيم طاقم حكمه الشكلي ببعض المحجّبات المواليات لظلمه، في محاولة للظهور بأنّه يحارب إرهابيين ولا يحارب الدين، ما تنفيه عبارات جنوده وميلشياته التي ملأت حيطان المدن السورية بعبارات الكفر وسبّ الذات الإلهية والدين، مهدّدة بحرق البلد ليبقى أسدهم للأبد، أو زعيمهم الخالد الذي أباده الشرفاء بفضل الله، في درس لكلّ فراعنة الأرض الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا، فالحمد لله أولاً وآخرًا.
وضع المرأة في زمن الثورة:
القتل والإخفاء القسري:
ذكرت تقارير حقوقية[4] أنّ ما لا يقل عن 28 ألفًا و926 أنثى قتلن في سورية منذ آذار 2011م حتى آذار 2023م، معظمهن قَضَين على يد أجهزة أمن النظام الأسدي، منهن 117 قُتلن تحت التعذيب، فيما ما تزال 11 ألفًا و203 نساء قيد الاعتقال أو الاحتجاز وقتها. وتحدّثت التقارير عن استخدام النظام الأسدي العنف الجنسي ضدّ النساء أداةَ حرب وعقاب بهدف نشر الرعب وإجبار السكان على تفريغ المنطقة والنزوح منها قبيل اقتحامها، وكأسلوب من أساليب التعذيب والانتقام والترهيب.
وقد أظهرت شهادات الناجيات من المعتقلات الأسدية مدى فظاعة ما تعرضن له من أساليب التعذيب وانتهاك الحرمات، وهو ما أكّدته مقاطع الفيديو التي بُثّت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد عملية ردع العدوان، والتي أظهرت مشاهد من السجون التي كانت تعيش فيها النساء، والظروف السيئة التي كانت في تلك المعتقلات، منها غرفة مراقبة السجناء في سجن صيدنايا سيئ الصيت في ريف دمشق، وتظهر المشاهد نزلاء بالسجن بينهم نساء تتم مراقبتهم على مدار الساعة بشاشات عدّة مجمّعة في غرفة للتحكم.
ذكرت تقارير حقوقية أنّ ما لا يقل عن 28 ألفًا و926 أنثى قتلن في سورية منذ آذار 2011م حتى آذار 2023م، معظمهنّ قَضَين على يد أجهزة أمن النظام الأسدي، منهنّ 117 قُتلن تحت التعذيب، فيما ما تزال 11 ألفًا و203 نساء قيد الاعتقال أو الاحتجاز وقتها.
تحمل مسؤولية إعالة الأسرة:
لم تكن سنوات الحرب وما تبعها من شتات وتشتت سهلة على المرأة السورية، فعدا عن مشاكلها المجتمعية التي كانت تعاني منها قبل الحرب فإنَّ مشاكل جديدة برزت أمامها، فقد أدّت الحرب إلى وفاة أعداد كبيرة من الذكور في سورية، ومع اختلاف تقدير أعداد تلك الوفيات بين جهة وأخرى، فإنَّ كلّها يبين أنَّ نسبة وفيات الذكور البالغين جرَّاء القتال فاقت 75% من مجموع الوفيات خلال سنوات الحرب، معظمهم من فئة الشباب[5]، ما يعني فقدان عدد كبير من النساء للمعيل سواءً كان الزوج أو الأب أو الأخ. ومع الأخذ بعين الاعتبار نسبة المعتقلين والمغيبين قسريًّا وأصحاب الإعاقة الدائمة الذين أصيبوا بالحرب من الذكور، وبالتالي لم يعد بإمكانهم العمل أو الإنفاق، وكذلك المهاجرين الذين ينتظرون لمَّ الشمل؛ فقد حمَّل ذلك كلّه المرأة السورية مسؤولية السعي للإنفاق على الأسرة، وتشير إحصائيات أممية إلى أنَّ أكثر من ربع النساء في سورية بِتن عام 2014م هنَّ المعيلات لأسرهنَّ[6]، ومع استمرار الحرب زادت هذه النسبة، دون وجود إحصائيات حقيقية تصوِّر واقع المرأة الجديد الذي فرض عليها البحث عن عمل، والقيام بأعمال لم تعتد عليها، أو لم تمارسها من قبل[7]. وقد عرَّض تحمُّل مسؤولية الأسرة المرأةَ لصنوف من الاستغلال والابتزاز بأشكالها المختلفة، بدءًا من قبولها بزواج دون حقوق أو تسجيل قانونيِّ، أو قبولها العمل بأجر ضعيف وساعات طويلة دون تأمين، هذا عدا عن تعرّضها للتحرّش والمضايقات أثناء العمل، وصولاً لقبولها بالقيام بأعمال أقلَّ من قدراتها ولا تناسب تخصُّصها، خاصّة للمتعلّمات، وقبول أو إجبار بعض النساء والفتيات على ممارسة مهن لا تتناسب مع قيم المجتمع أو عاداته[8]. كلّ هذه التضحيات لم تمنع النساء السوريات -والمتلزمات منهنّ خاصّة- من النضال والعمل من أجل تخليص سورية من نظام الأسد وزبانيته، مع العمل على زيادة مهاراتهن وإمكاناتهن والحرص على العلم والتعلم، خاصّة في المناطق التي كانت خارجة عن نظام الأسد، وفي مناطق الهجرة المتعدّدة.
الفكر النسوي ومحاولات التغلغل:
رافق سنوات الحرب ومآسيها بالنسبة للمرأة ظهور أفكار نسوية وعلمانية مدعومة بمنظمات ومؤسسات نفذّت مشاريعها في مناطق سورية المختلفة، في محاولة لنشر العلمانية، وإحداث تغير مجتمعي على مستوى الأفكار، بعض هذه المشاريع كانت تستهدف النساء خاصّة، وباسم حقوق المرأة والدفاع عنها، كان هناك تسلسل لأفكار نسوية لها حمولات إيديولوجية معادية للدين ولقيم المجتمع، كانت تنفّذ مشاريعها التغييرية تحت مسمى مساعدة النساء. بالتأكيد ليس كل مَن عمل في مجال قضايا النساء خلال سنوات الحرب كان يسعى لمثل هذه الأهداف، بل كان هناك منظمات ومؤسسات تسعى لدعم النساء ومساعدتهنّ حقيقة، وليس كل مَن نادى بدعم المرأة وحمايتها وتأمين حقوقها كان من هؤلاء، لكن كانت المرأة والأقلّيات محور اهتمام النسوية والعلمانية، وادّعى بعضهم أنّ سورية شهدت منذ بداية القرن العشرين نموذجًا علمانيًا ارتكز على فصلٍ صارمٍ بين الدين والدولة، وحصر الدين في المساحة الخاصة، وأنّ الفاعلين سياسيًا في سورية تقبّلوا بصورةٍ عامّة أنّ بلادهم قد أمست دولةً قوميةً علمانيةً لا دين لها[9]، وأنّ المرأة كانت تؤمن بالأفكار النسوية، لذلك فقد كانت النساء السوريات الفاعلات في الأربعينيات والخمسينيات غير محجّبات، وكنّ يسعين للحصول على حقوقهن من المجتمع الذكوري بقوّة وفاعلية. غير أنّ هذا التوصيف يغفل حقيقة أنّ المجتمع السوري كان وما يزال مجتمعًا محافظًا، فحتى من كان يتبنّى أفكارًا تندرج ضمن باب العلمانية كان في سلوكه ومعتقداته لا يخرج عن الدين ولا يعاديه، وحتى النساء وقتها لم يكنّ نسويات؛ فالفكر النسوي في حقيقته فضاء معرفي علماني يحاول إعادة تعريف الهوية الوجودية للذكر والأنثى على حدّ سواء، والنسوية ليست اتجاهًا خاصًا بالأنثى فقط، إنّها تأخذ موقفًا من الموروث التاريخي الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي، وهو موقف يعني إحداث قطيعة كلّية مع ذاك الموروث، بكلّ حوامله المفهومية والإيديولوجية التي أنتجت الاستحقاقات المعرفية التي يعيش الناس انعاكساتها التطبيقية في حياتهم[10]. وعندما استلم حزب البعث السلطة -وهو الذي يتبنّى فكرًا قوميًا كان يعدّ الدين رجعية وخرافة من الماضي-[11] روّج لعلمانيته في الأوساط الدولية والداخلية ليظهر بمظهر حامي المرأة والأقلّيات، وليظهر بمظهر مَن يحارب الإرهاب الديني المتطرّف المتمثّل بالإسلام السياسي الذي يشكّل بعبعًا يتنامى ويتضخّم عند كثير من الدول[12].
الفكر النسوي يسعى لفرض رؤية حياتيّة تشمل معظم نواحي الحياة إضافة إلى قضايا المرأة، وباسم العلمانية وحقوق المرأة يعمد الفكر النسوي إلى إعادة تشكيل هويّة المرأة والمجتمع وقولبته بكلّ ما يحمله من موروث ديني وثقافي حسب الرؤية الحداثية والمفاهيم العلمانية النسوية وأسلوب الحياة الخاص بها. لذلك يتم التركيز على مواضيع الحجاب واللغة والدور الاجتماعي والهوية الجنسية والجنسانية[13]، ولا يتم التركيز على قضايا إقصاء المحافظات المتديّنات أو محاربة خياراتهن في الحياة، ولا يتم الحديث عن استغلال المرأة وتشييئها[14] والمتاجرة بها بحجّة الحرّية، ولا تتم حماية الأسرة ولا تقدير الأمومة بحجّة أنّها قيد واستعباد للمرأة. لذلك كان الفكر النسوي فكرًا معاديًا لِطَيفٍ واسع من الشعب والمجتمع عندما أنكر الدين ورفض أحكامه الخاصّة بالمرأة، فتمّ رفض طروحاته ومقاومتها من قِبَل أطياف واسعة من الناس. دعاة النسوية والعلمانية في سورية يقدّمونها على أنّها خيار أخلاقي قيمي، يمجّد المرأة بكونها إنسانًا حرًا، ويعلي من قيم الحرّية والمساواة والعدالة، وهي صورة جميلة مثالية، يجب أن تكون نتيجتها احترام المرأة وخياراتها، والثقة بعقلها وتفكيرها، إلّا أنّهم يتعاملون مع المرأة المحافظة على أنّها ضدّ الحرّية وضدّ المساواة وضدّ العدالة بقطعية لا تقبل النقاش، ولا يتصورون أن يكون عند المحافظات فهم مختلف للحرّية أو للعدالة أو للمساواة التي احتكروا تفسيرها وطريقة تطبيقها.
عندما استلم حزب البعث السلطة -وهو الذي يتبنّى فكرًا قوميًا كان يعدّ الدين رجعيّة وخرافة- روّج لعلمانيته في الأوساط الدولية والداخلية؛ ليظهر بمظهر حامي المرأة والأقلّيات، وليظهر بمظهر مَن يحارب الإرهاب الديني المتطرّف المتمثّل بالإسلام السياسي الذي يشكل بعبعًا يتنامى ويتضخم عند كثير من الدول
المخاوف الغربية العلمانية بعد التحرير، وما خلف هذه المخاوف:
منذ سقوط نظام الأسد البائد وهروب المجرم بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024م، زار كثير من السياسيين الغربيين سورية، بدعوى دعم استقرار المنطقة وتعزيز الانتقال السياسي السلمي للسلطة، وفتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية مع الإدارة السورية الجديدة، وكانت أبرز هذه الزيارات زيارة وزيرة خارجية ألمانيا ووزير خارجية فرنسا في 3 كانون الثاني الماضي. وكان اللافت تركّز الجدل في الصحافة الألمانية والعالمية حول المظاهر الشكلية، مثل مسألة عدم مصافحة الرئيس أحمد الشرع لوزيرة الخارجية الألمانية، ما وُصف بأنّه حالة من الترقّب الشديد داخل المجتمع الأوروبي تصل إلى حدّ التربّص بحكّام سورية الجدد وطريقة تعاملهم مع المرأة والأقليات[15]. وما نزال نسمع مثل هذه التصريحات، سواء من غربيين أو من علمانيين محليين وعرب وأجانب، والتي تركّز على الخوف على حرية المرأة في ظلّ حكم إسلامي متوقّع في سورية، خاصّة حرّيتها في لبس ما تريد، وحرّيتها في التنقل أو العمل وغير ذلك. وكأنّ الإدارة الجديدة ستفرض الحجاب على غير المحجبات، أو ستمنع النساء من التعلّم والعمل أو المشاركة في الحياة وشؤونها، وهو ما لم يحدث ولن يحدث، وأكبر دليل على ذلك أنّ النساء في كلّ المناطق السورية ما زلن يعملن ويخرجن من بيوتهن بحرّية، ويلبسن ما يحلو لهن دون أن يتعرّض لهنّ أحد، بل إنّ المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة نظام الأسد قبل التحرير كانت النساء فيها يعملن ويدرسن ويشاركن في الحياة العامة بكلّ حرّية وبفاعلية كبيرة، ودون تدخّل من أي سلطة كانت موجودة في تلك المناطق. لكن يبدو أنّ المبالغة في إظهار مثل هذه المخاوف التي لا أصل لها لا يهدف لحماية المرأة السورية، بل له أهداف أخرى تتعلّق بالسيطرة والرغبة في تعميم النموذج الغربي وفرض الثقافة الغربية الاستعلائية على الشعوب. ومن جانب آخر فليس كلّ ما يشغل السوريين والسوريات اليوم موضوع فرض المظاهر الإسلامية عليهم؛ لأنّ البلد فيه من المشاكل الكثير الذي يحتاج لحل، والشعب السوري بمجمله شعب محافظ، لا يجد في المظاهر المحافظة قيدًا، بل يجد القيد في فرض مظاهر التغريب عليه، كما كان يفعل نظام الأسد البائد.
أبرز التحديات التي تقف أمام المرأة السورية اليوم:
أدركت كثيرٌ من النساء السوريات اليوم إيجابيات الثورة السورية، رغم كلّ المعاناة التي عشنها خلالها، وهناك اعتراف من الرجال السوريين بأهمّية دور المرأة، وأهمّية القدرات التي تحملها، والكلّ يدرك أنّ هناك تحدّيات كثيرة لبناء البلد من جديد، سواء كانت تحديات ثقافية، أو اقتصادية أو سياسية أو مهارية، ولعلّ أهم هذه التحديات:
الحالة الاقتصادية:
ما يزال الوضع الاقتصادي ضاغطًا بقوّة في سورية؛ فالنظام البائد ترك البلاد في حالة يُرثى لها، وأدّت الحرب التي استمرت 14 عامًا إلى انهيار الاقتصاد السوري، وجعلت نحو 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر. لكن برزت طاقة أمل وتفاؤل بالمستقبل بعد التحرير كانت غائبة قبله، وساد جو من الارتياح النفسي للتخلّص من سطوة آل الأسد الأمنية الخانقة، وبدأت كثير من النساء بالتفكير بدورهن في بناء سورية الجديدة. ومن خلال لقاءاتي مع سيدات في دمشق ومحيطها كان هذا التفاؤل واضحًا، وقد قالت لي إحداهن: الحمد لله تخلصنا من الأسد ومن الكبتاغون، وقد كنّا قد وصلنا لحافة اليأس، ولم نكن نجد أي وسيلة للخروج من هذه الحفرة البائسة التي وقعنا فيها، الآن وبعد انهيار هاتين العقبتين كلّ شيء سهل بإذن الله. لكن يبدو أنّ التحدي الاقتصادي من أبرز التحديات التي تقف أمام المرأة السورية التي باتت مسؤولة عن تأمين لقمة العيش، وهي بحاجة لمشاريع تمكّنها من العمل بشرف وكرامة بعيدًا عن الاستغلال، حتى تستطيع المشاركة في بناء بلدها.
الحالة الاجتماعية:
من التحدّيات التي برزت بعد سقوط نظام الأسد: اكتشاف حجم الشرخ الاجتماعي الذي عمّقته سياسات النظام البائد، والتي جعلت موضوع الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي على رأس الأولويات المطلوب العمل عليها في سورية اليوم. وكذلك موضوع غرس الوعي بأهمّية مشاركة المرأة في الشأن العام بما يتوافق مع الرؤية الإسلامية لهذا الدور، والتي تجعل المرأة مسؤولة عن أسرتها وعن محيطها، وتحمّلها مهمة الحفاظ على قيم المجتمع وأخلاقه ودينه، فالمناطق التي كانت تحت سيطرة النظام البائد كانت مغيّبة تمامًا عن أي نشاط اجتماعي أو فكري أو مدني، مما جعل الفارق بين المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة النظام والمناطق التي كانت تحت سيطرته واضحًا للعيان.
تشتّت نشاط الجهود النسائية وضعف الدعم بأشكاله:
بدأت كثير من النساء المحافظات العمل في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام البائد بعد تحريرها بفضل الله، لكنّها ما تزال جهودًا فردية، ليس فيها تنسيق ولا تنظيم ممنهج، ومع غياب الإعلان عن نشاط النساء الملتزمات المحافظات اللواتي صادفتُ الكثيرات منهن في سورية بعد التحرير، وقد نزلن للميدان من أجل العمل مع النساء والشباب، تبقى هذه النشاطات محدودة تعتمد على الجهود الخاصّة دون وجود دعم حقيقي مؤسسي أو إعلامي. وبالمقابل بدأت تجمعات نسوية عملها في المناطق المحررة حديثًا، وتمّ عقد أول مؤتمر للحركة السياسية النسوية في دمشق، وحضره مجموعة كبيرة من النساء السوريات، وكان هناك تركيز على مشاركة نساءٍ محافظاتٍ ضمن المؤتمر[16].
ضعف المشاريع التي تهدف لدعم المرأة:
رغم وجود حالة من الاهتمام بوضع المرأة في ظلّ الإدارة الجديدة، ما تزال منظمات المجتمع المدني المحلّية والخارجية وأطراف دولية أخرى كلّها تركز على لباس المرأة، والخوف من فرض اللباس الشرعي عليها أو تقييد حريتها، وبعضها يركز على موضوع مشاركتها السياسية، لكن لم أجد أيّ بوادر لمشاريع من قِبَل هذه المنظّمات تستهدف النساء أو تسعى لتحسين حياتهن وحالتهن الاقتصادية، ولم أجد كذلك مشاريع تهدف لمساعدتهن على تجاوز آلام الفقد، خاصّة أرامل الشهداء أو أمّهات المفقودين والمعتقلين.
ومن هنا يجب العمل على رفع سويّة المرأة بالطريقة التي يمكنها بها أن ترسم خطوط مستقبل بلدها بالتعاون مع الرجل؛ ما يعطيها ثقة بالنفس، ويلزمها بأن تكون قادرة على امتلاك الأدوات التي ستساعدها في ذلك من علم وعمل ومعرفة وأخلاق.
يبدو التحدّي الاقتصادي من أبرز التحديات التي تقف أمام المرأة السورية التي باتت مسؤولة عن تأمين لقمة العيش، وهي بحاجة لمشاريع تمكّنها من العمل بشرف وكرامة بعيدًا عن الاستغلال، حتى تستطيع المشاركة في بناء بلدها
الاحتياجات الأكثر إلحاحًا:
سورية بلد مدمر، منهار اقتصاديًا، والنظام البائد لم يترك في سورية شيئًا إلا أفسده، حتى الأخلاق والذمم، لهذا تتنوع الاحتياجات وتتكاثر بالنسبة للنساء، ولعل أهمها:
» تحسين الوضع الاقتصادي والمعاشي للمرأة، بما يضمن لها -ولو بالحد الأدنى- توفر اللوازم الضرورية لحياة كريمة.
» الدعم النفسي ومساعدة النساء على تجاوز آلام الماضي وآلام الفقد والثكل والترمّل، وتحفيزهن للبدء من جديد.
» التزكية الإيمانية والمعرفة الشرعية الصحيحة بعد سنوات الفساد والانحلال الأخلاقي.
» التثقيف والتوعية بعد سنوات التجهيل والتعتيم، حتى لا يقعن فريسة سهلة بيد أصحاب المشاريع الهدامة للأسرة والمجتمع.
» تطوير المهارات وتنمية الملكات والقدرات من أجل العمل والبناء والمساهمة في إدارة البلاد.
» الحماية وحفظ الحقوق التي شرعها لها الإسلام والتي يقرّها أصحاب الفطر السليمة، وقوننة هذه الحقوق، وتأمين تطبيقها التطبيق الصحيح.
خطط العمل المقترحة:
1. تأسيس تكتّل نسائي أو تكتّلات نسائية تنتهج النهج الإسلامي الصحيح، مدعومة ومموّلة توجَّه للنساء في كلّ المناطق السورية، بهدف دعمهنّ وتنمية قدراتهنّ شرعيًا واقتصاديًا ومهاريًا، والعمل على تجهيز قاعدة بيانات فيها معلومات عن النساء المحافظات الفاعلات في المجتمع بهدف تنظيم الجهود والمشاريع الموجّهة للنساء، واستثمار تلك القدرات الاستثمار الفاعل المثمر في إدارة الدولة ومؤسساتها.
2. العمل على تفعيل دور الكفوءات من النساء المحافظات في مواقع صنع القرار، ليكنّ الناطقات باسم النساء السوريات المعبّرات عن تطلعاتهنّ، ولتقديم صورة صحيحة عن المرأة السورية الفاعلة المعتزّة بدينها، والمحافظة على مجتمعها وأسرتها.
3. تصميم برامج تدريب وتأهيل لرفع القدرات والمهارات عند النساء فيما يخصّ التربية والتزكية والاقتصاد والسياسة وفق الرؤية الإسلامية، بعيدًا عن الفكر النسوي المشبع بالأفكار المعادية للمجتمع ودينه وقيمه.
4. تصميم برامج تزكية وتثقيف شرعي ودعم نفسي وإرشاد أسري وتربوي توجَّه للنساء بأسلوب لطيف صحيح واعٍ، يخاطب العقول والقلوب، ويهدف لحماية الأسرة والمجتمع ويدعم السلم المجتمعي، ويصحّح الأفكار المغلوطة حول المرأة ومكانتها ومسؤولياتها في الإسلام.
وأخيرًا:
هناك واجب على السوريين والسوريات -خاصّة المسلمين والمسلمات منهم- لدراسة مشكلات المجتمع، ومنها مشكلات المرأة السورية، ودراسة الحلول المستمدّة لها من القرآن والسنة، والتي تحقّق الرؤية الإسلامية لمهمّة الرجل والمرأة في الحياة وهي العمران والاستخلاف بعيدًا عن الأَسر المعرفي الذي يمارس على الفكر والرؤية الإسلامية للكون والحياة، والتي تجعل المعيار المعرفي الغربي أساسًا وقاعدة وأسلوب حياة، ولا ينبغي التعامي عن مشكلاتنا -وخاصة ما يتعلّق بالنساء- لكن في الوقت نفسه لا ينبغي أن يكون العلاج ذاته مشكلة، أو أن يكون الحلّ غير واقعي أو غير قابل للتطبيق، أو يكون متأثّرًا بأفكار وتشخيصات عليها كثير من الملاحظات التي تُظهر تطرّفها وتداعياتها الكثيرة الهادمة لا البانية.
د. رغداء زيدان
أكاديمية باحثة، مديرة مؤسسة سوريات للتنمية والتدريب
[1] مجموعة البنك الدولي: نسبة المشاركة في قوة العمل، الإناث (كنسبة مئوية من السكان من النساء في الفئة العمرية 15-64) على الرابط: https://n9.cl/21stl . علمًا أنّ البنك الدولي يعتمد على البيانات المستقاة من النظم الإحصائية الوطنية، مكتب الإحصاء المركزي.
[2] وثّق كثير من السوريين والسوريات ما كان يجري في سجون النظام فترة الثمانينيات، وما كان يتعرّض له الرجال والنساء من تعذيب وحشي داخلها. من هؤلاء: “هبة الدباغ” التي وثّقت التعذيب الذي تعرّضت له في السجن بسبب رفضها الكشف عن مكان شقيقها الذي كان ناشطًا في مدينة حماة، وسطّّرته في كتاب عنوانه: “خمس دقائق وحسب، تسع سنوات في سجون سورية”، وهو منشور على الإنترنت.
[3] قام وزير التعليم العالي في 18 تموز 2010م بإصدار قرار بمنع دخول المنقّبات إلى حرم الجامعات السورية، بحجّة أنّ النقاب يتعارض مع القيم والتقاليد الجامعية. وعدم ترك الطلاب عرضة لأفكار وعادات متطرّفة بزعمه. وكان وزير التربية قد نقل قبل شهر من ذلك 1200 منقّبة من سلك التعليم إلى وزارة الزراعة والإدارة المحلّية والخدمات، نظرًا “لعدم إمكانية قيامهن بدورهن التعليمي وهنّ منقّبات”. ينظر: عساف عبود، حظر النقاب في الجامعات السورية، بي بي سي: https://n9.cl/agb2u.
[4] الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التقرير السنوي الثاني عشر عن الانتهاكات بحقّ الإناث في سورية، 25-11-2023م، على الرابط: https://2u.pw/j9aeon6، وينظر: لجنة التحقيق الدولية: نظام الأسد خلق في معتقلاته “شبكة عذاب” تشكّل جرائم ضدّ الإنسانية، أخبار الأمم المتحدة، على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2025/01/1138556.
[5] توقَّفت الأمم المتحدة عن إحصاء عدد قتلى الحرب في سورية منذ يوليو/ تموز 2013م، وبرّرت ذلك بصعوبة التأكّد من أعداد القتلى، ومن المهم الإشارة إلى أنَّ جميع الجهات تعلن أنَّها لم تستطع توثيق جميع الأسماء بسبب ظروف الحرب الصعبة في سورية؛ ينظر: مجموعة باحثين: التَّشتت القسري حالة الإنسان في سورية، التقرير الدِّيمغرافي، ص (9). وينظر: موقع ميللت برس، أعداد قتلى الحرب السورية مذهلة.. ولا أحد يصدِّق الأرقام المعلنة، فبراير/ شباط/ 2017م.
[6] ذكرت إحصائيات أنّ 145 ألف امرأة بتنَ هنَّ المعيلات الوحيدات لأسرهنّ في سورية حتى عام 2016م. ينظر: ربى حكمت وجنيفر ميكيل: أكثر من مجرَّد أرقام، صندوق الأمم المتحدة للسكان، 2016م، ص (7).
[7] السوريات أسيرات الأجر الزهيد: الحرب حوّلتهن إلى معيلات للأسر، عدنان عبد الرزاق، العربي الجديد، 8 مارس 2023م، على الرابط: https://2u.pw/04yCXO
[8] ينظر تقرير: عمل النساء بعد الساعة 12 ليلاً يتحوّل إلى ظاهرة عادية في مناطق سيطرة الأسد، تلفزيون حلب اليوم، 4/ 2/ 2023م، على الرابط: https://halabtodaytv.net/archives/239609، وينظر: يشكلن 85% من سوق العمل.. لماذا تشغل السوريات معظم فرص العمل بمناطق سيطرة النظام؟، الجزيرة نت، 12/ 2/ 2023م، على الرابط: https://2u.pw/sgOW1VOV.
[9] أكثر دينيّةً لكن لا تزال علمانيّة بعدُ؟ العلاقة المتغيّرة بين العلماني والديني في سورية، لين خطيب، ترجمة حمزة عامر، معهد العالم للدراسات، 13 آب/ أغسطس 2018م: http://alaalam.org/ar/politics-ar/syria-ar/item/730-738130818.html
[10] الجمعيات الإسلامية ودورها الاجتماعي والسياسي في سورية، رغداء زيدان، مجلة قلمون، العددان 13 و14، كانون الأول/ ديسمبر 2020م، ص (19) وما بعد. وفي التاريخ السوري حوادث كثيرة تظهر تأثير المجتمع السوري وقدرته على مقاومة الأفكار التي تتنافر مع قيمه من مثل حادثة جمعية “نقطة الحليب”، ففي صيف عام 1944م اصطدمت جمعية الغراء الإسلامية مع جمعية “نقطة الحليب” النسائية، التي ضمّت نساءً مسيحيات ومسلمات من أهل دمشق، وكان بينهنّ زوجات سياسيين، وأهم نشاطات تلك الجمعية جمع الحليب وتعقيمه وتوزيعه على فقراء الأطفال وأيتامهم، وكانت تقيم حفلاً سنويًا لجمع التبرعات، وقرّرت إقامة حفلها ذلك العام في نادي الضباط الفرنسيين بدمشق، مما أثار رجال الجمعية الغرّاء ودعوا إلى إضراب استجابت له دمشق بأكملها، ولم يستسغ الناس دخول النساء إلى نادي الضباط الفرنسيين، فتحرّكت الغيرة الوطنية والدينية وقامت مظاهرات تطورّت إلى فوضى عامّة، تدخّلت فيها قوات الأمن وأطلقت الرصاص على المتظاهرين، مما أدّى إلى مقتل عدد منهم، فامتدت الاضطرابات إلى حلب وحمص وحماة ومدن سورية أخرى. ينظر: مذكرات أكرم الحوراني، ص (310-312).
[11] ينظر: التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي، حزيران 1982م.
[12] الكذبة الكبرى علمانية نظام الأسد، علاء الدين الخطيب، موقع مرصد مينا، 18/ 11/ 2018م:
https://www.infosalam.com/syria/syria-studies/fallacy-assad-regime-secular
[13] المقصود بالدور الاجتماعي: الأدوار التي يقوم بها كلّ من الجنسين في المجتمع، وبحسب الفكر النسوي فإنّها أدوار تشكّلها الظروف الاجتماعية، وليس الاختلاف البيولوجي. فعلى سبيل المثال: إذا كانت تربية الأطفال وأعباء العمل المنزلي مرتبطة تقليديًا بالمرأة فإنّ ذلك ليس له علاقة بتكوينها البيولوجي كامرأة؛ إذ إنّ هذه الأدوار يمكن أن يقوم بها الرجل. ينظر: المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية “مفتاح”، مسرد مفاهيم ومصطلحات النوع الاجتماعي، رام الله، حزيران 2006م، ص (10).
أمّا الهويّة الجنسية والجنسانية: فوفق تعريف الأمم المتحدة هناك فرق واختلاف بين مفهوم الجنس والجنسانية. فالجنس يحيل إلى مجموع الخصائص البيولوجية التي تقسم البشر إلى إناث وذكور. أما الجنسانية فتضم الخصائص البيولوجية المميزة بين الذكر والأنثى، والخصائص الاجتماعية المميزة بين الرجل والمرأة، أي الهويّة الجنسية والنوعية التي تتأثر بالتفاعل بين عوامل بيولوجية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وأخلاقية وقانونية وتاريخية ودينية وروحانية. وقد نتج عن مفهوم الجنسانية مجموعة من المفاهيم، كفصل التوجّه الجنسي عن الهوية الجنسية للإيحاء بأنّهما شيئان مختلفان ويمكن الفصل بينهما، وللتأكيد على أنّ ميل الشخص الجنسي سواء للذكور أو الإناث لا يشترط أن يتوافق مع تركيبه البيولوجي. أمّا الهوية الجنسية فتصاغ في البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد، ومن نتائج هذه الأفكار: انتشار الشذوذ بين الرجال والنساء، والتفكّك الأسري والمجتمعي الذي تعاني منه المجتمعات. ينظر: الأمم المتحدة: مبادئ توجيهية في سبيل صياغة شاملة جنسانيًا باللغة العربية، على الرابط: https://www.un.org/ar/gender-inclusive-language/guidelines.shtml
[14] أي جعلها شيئًا خاضعًا لصيغ الكمية والإجراءات العقلانية الأداتية الأخرى التي تتعامل مع الأشياء وليس الإنسان. للتوسّع حول ذلك يمكن الرجوع لكتابات عبدالوهاب المسيري حول الموضوع، ومنها: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (2/58).
[15] ينظر: حكاية المصافحة ودلالاتها، نهاد ذكي، الجزيرة نت، على الرابط: https://2u.pw/AhF0e78U.
[16] نساء سورية سيسعين للمشاركة في مراكز القرار وصولاً للمناصفة، القدس العربي، 8/1/ 2025م https://2u.pw/3Enxop8C