تأصيل

المُحْكمَاتُ الشرعية وأثرُها في توجيه الفكر

المُحْكمَاتُ الشرعية وأثرُها في توجيه الفكر

مما ينبغي على الأمة -لا سيَّما في هذه العصور المتأخّرة- الاعتناء بدراسة المحكمات، والقيام ببيانها للناس على كافة المستويات؛ فبها يُحصَّن المجتمع ضدّ دعاوى المنافقين وشبهات الملاحدة والفاسدين، ولها التأثير البيّن في تحقيق ثبات الفكر واستقراره.. وفي المقال بيان لمفهوم المحكمات، ومعاييرِ معرفتها، وعميقِ أثرها في ضبط الفكر وتوجيهه.

تشتدُّ الحربُ ضراوةً على الإسلام في هذا العصر، وهي لا تستهدف فرعياتِ وجزئياتِ هذا الدين فحسب، بل هي حرب على ثوابت الإسلام وأصوله وكلياته؛ وذلك سعيًا إلى هدم أعمدته وأوتاد خيمته، ونقل التعاسة الغربية إلى عقول وقلوب المسلمين، ويزيد الأمر خطورة في هذه المرحلة أن الذي يعلن الحربَ ويذكي نارَها أناسٌ من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا[1].

ولهذا وجب على أهل الإسلام الاهتمام بما يحفظ على الناس دينَهم، ويحمي أفكارَهم من الانحراف والضياع؛ ومن أهم الوسائل في ذلك دراسة المحكمات في الدين تأصيلاً وتطبيقًا، ودعوة وبيانًا، وإبراز موقعها في دين الله تعالى، فتأخذ حقَّها في العقول والقلوب، وتؤدي دورَها في التوجيه والترشيد.

فما المحكمات؟ وكيف نعرفها؟ وما أثرها في توجيه الفكر؟

محكمات الدين هي: «حقائق الإسلام الواضحة البيّنة، التي أُحكمت بالبيان والبرهان، وقامت عليها الحجج والأدلة؛ بما يزيل الالتباس والاشتباه». والتي لا مجال فيها لتطوير أو اجتهاد، ولا يحل الخلاف فيها لمن علمها

أولاً: مفهوم المحكمات:

  1. يأتي الإحكام في اللغة بمعنى: الإتقان والثبات والمنع، فحينما نقول: كلام محكم، أي: متقن لا يداخله خلل ولا نقص. جاء في المصباح: «(أَحكَمتُ) الشيء: أتقَنتُه»[2]. وفي تاج العروس: «وأَحكَمَهُ إِحكامًا: أَتقَنَه. ومنه قولُهم للرَّجل إذا كان حكيمًا: قد أَحْكَمتْه التَّجارِب فاستَحكَم؛ صار مُحكَمًا»[3]. وفي القاموس: «وأحكَمَه: أتقَنَه فاستَحكم ومَنَعه عن الفساد»[4].
  2. وأما في اصطلاح العلماء فمحكمات الدين هي: «حقائق الإسلام الواضحة البيّنة، التي أُحكمت بالبيان والبرهان، وقامت عليها الحجج والأدلة؛ بما يزيل الالتباس والاشتباه»[5]، والتي لا مجال فيها لتطوير أو اجتهاد، ولا يحل الخلاف فيها لمن علمها[6].
  3. قال الإمام الشافعي: «كلُّ ما أقام الله به الحجةَ في كتابه أو على لسان نبيه منصوصًا بيِّنًا لم يحلَّ الاختلاف فيه لمن علمه»[7].
  4. ولقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما الإشارة إلى نماذج منها، قال: «المحكمات في قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [الأنعام: ١٥١] والآيتان بعدها، وقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] إلى ثلاث آيات بعدها»[8].

ومن المحكمات الواردة في هذه الآيات[9]: وجوب عبادة الله تعالى وحده وتحريم الإشراك به، ووجوب البر بالوالدين، ووجوب حفظ النفس وتحريم قتلها بغير حق، وتحريم الزنا وغيره من الفواحش، ووجوب حفظ المال وأداء الحقوق، ووجوب الوفاء بالعهد، ووجوب العدل في الإنفاق، ووجوب الوزن بالقسط، وتحريم الكبر والأخلاق الفاسدة، ووجوب اتباع صراط الله المستقيم، وتحريم اتباع سبل الضلال.

لا يضرُّ المحكماتِ وجودُ دعاوى التشكيك فيها؛ فأيقنُ اليقينيات قد تجد من يشكك فيها، وإيرادُ الشبه والاحتمالات الساقطة لا يُنزِلُ المحكماتِ من مكانتها

ثانيًا: معايير معرفة المحكمات:

لمعرفة المحكمات من غيرها لا بدَّ من مراعاة جملة من المعايير والإرشادات؛ لتُحدَّد وفق ضوابط الشرع، بلا إفراط وغلو، ولا تفريط وجفاء، ومن أهم هذه المعايير:

  1. توفُّر النصوص الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها؛ فمحكماتُ الدينِ تقومُ على النصوص القطعية البيِّنة[10]، فتُجمَع النصوص من الكتاب والسنة، ويُنظر في دلالاتها وفق طرائق العلماء.
  2. كما تجمع الآثار الواردة عن السلف في تفسير وبيان مراد هذه النصوص؛ إذ هم أهل الخبرة والدراية، وهم أهل العلم الأوائل الذي نهلوا من معين الوحي.
  3. ومن معايير وإرشادات معرفة المحكمات أن تكون المسألة من الأشياء المجمَع عليها؛ فالإجماع الصريح الذي لا منازعة معتبرة له يُعتبر حجةً قطعية، قال الغزالي: «وما اتفقت عليه الأمة من جَليَّات الشرع، فيها أدلة قطعية، يأثم فيها المخالف، فليس ذلك محلَّ الاجتهاد»[11].
  4. ومن معايير معرفة المحكمات أن يكون الأمر من المعلوم من الدين بالضرورة؛ إذ «كل أمر فيه نص، وكان من أمور الإسلام الظاهرة، التي يشترك في معرفتها الخواصُّ والعوام، كالصلاة والزكاة والصوم والحج»[12]، فليس لأحد جحده أو مخالفتُه.
  5. ومن المعالم الإرشادية إلى معرفة المحكمات أنها تُوجد في كليات الشريعة وأصولها، فنجدها في: قضايا الاعتقاد، وأصول الفرائض، وأصول المحرمات، وأصول الفضائل والأخلاق.

ولقد نبَّه العلماء على أمور فيما يخصُّ معرفة المحكمات، منها:

  1. أنه لا يُشترط في موضوع المحكم أن تكون جميع المسائل المتعلقة به من المحكمات، فأصول الأبواب الفقهية من المحكمات، والخلاف واقع في بعض المسائل الفرعية المتعلقة بها[13].
  2. وأنه لا يضرُّ المحكماتِ وجودُ دعاوى التشكيك فيها؛ فأيقنُ اليقينيات قد تجد من يشكك فيها، وإيرادُ الشبه والاحتمالات الساقطة لا يُنزِلُ المحكماتِ من مكانتها[14].

ثالثًا: أهمية المحكمات:

  1. المحكمات هي الأصل في الشريعة، وهي قواعد الدين وعماده، فمن يتبع المحكمات تتحقق له مصالحه الدينية والأخروية. قال الطبري: «هو الذي أنزل عليك يا محمد القرآن، منه آيات محكمات بالبيان، هن أصل الكتاب الذي عليه عمادُك وعماد أمتك في الدّين، وإليه مفزعُك ومفزعهم فيما افترضت عليك وعليهم من شرائع الإسلام»[15].
  2. ومن الأدلة على أهمية المحكمات كونها أغلب القرآن وأكثره، وأنها شاملة لأصول العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق؛ قال الشاطبي: «وأم الكتاب يعمُّ ما هو من الأصول الاعتقادية أو العملية؛ إذ لم يخص الكتابُ ذلك ولا السنة»[16].
  3. ومما يدل على أهمية المحكمات أن مخالفتها ليست سائغةً من أحد، فحينما جاء المشركون، ودَعَوا رسول الله ﷺ إلى عبادة أوثانهم سنةً، ويعبدون معبوده سنةً، أنزل الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ٢ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [الكافرون: ١-٣]، وأمر رسوله ﷺ أن يتبرأ من دينهم بالكلية[17]؛ إذ قضية عبادة الله تعالى وحده من أعظم المحكمات.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: «فمن ردّ ما اشتَبه عليه إلى الواضح منه، وحكَّم محكمَه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس»

رابعًا: أثر المحكمات في ضبط الفكر وتوجيهه:

الأول: المحكمات هي مرجعية الفكر، فهي الأصل الذي ينبغي أن تنطلق منه العقول وإليه تعود؛ قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: «فمن ردّ ما اشتَبه عليه إلى الواضح منه، وحكَّم محكمَه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس»[18].

وأهل العلم يقومون بردِّ ما تشابه من مسائل العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق وغيرها إلى محكمات كلٍّ منها، ومن أمثلة ذلك[19]:

إذا اشتبه على شخص مراد قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، وفهم من الآية أن حرية التدين مطلقة غير مقيدة، وأن له فعل ما يشاء، ولو أدى ذلك إلى الإخلال بمقصد (حفظ الدين)، فإنه أخطأ وعليه ردُّها إلى المحكم: فحينما تُردُّ هذه القضية إلى الراسخين من أهل العلم فإنهم يزيلون الاشتباه بردِّ هذه الآية إلى المحكمات من الدين؛ إذ من المحكمات في دين الله تعالى حفظ الدين، قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٣٠]، وقال تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩]، والنصوص في بيان هذا المقصد وفي ذكر الأمور التي شرعها الله تعالى لحفظه والعناية به كثيرة.

ومن مقتضى هذا الأصل: تحريم الإلحاد ومنع وسائله، ومنع الإباحية ووسائلها، وتحريم الظلم والاعتداء على الغير. وعلى هذا فلا يصح تفسير الآية الكريمة ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ بالحرية المطلقة، ولا يستقيم جعلُها مصادمةً للمحكمات في الدين، وإنما مقصودُ الآية أنَّ الدينَ القويم والصراطَ المستقيم قد تبين وظهر لأهل العقول، وأنَّ الإيمانَ الصحيح هو الذي يجيء عن إرادة واختيار، وأنه يجوز قبولُ الجزية من أهل الكتاب ومَنْ في حكمهم، ولا يُكرَهون على الإسلام، قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩].

إذا تحصَّن الفكر من المقدمات الوهمية، وبنى محكمات الشريعة على أسسِ ومحكماتِ المبادئ العقلية الفطرية، فإنه يسلم من الأوهام والشكوك والضياع، ويحظى بطمأنينة الفكر التي تمنحه القدرة على التفكير واتخاذ القرارات في أحلك الظروف

الثاني: المحكمات ضابطة للعقل وضابطة لمنهج التفكير، ويظهر ذلك في صور عديدة، منها[20]:

1. أن المحكمات تقي العقلَ من إعطاء المقدمات الوهمية والظنية صفةَ النتائج القطعية؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً﴾ [الإسراء: ٣٦]. ولقد جمع ابن كثير رحمه الله أقوالَ المفسرين بقوله: «ومضمون ما ذكروه: أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال»[21].

وقال الطاهر بن عاشور: «وهو أيضًا إصلاح عقلي جليل يعلم الأمة التفرقة بين مراتب الخواطر العقلية بحيث لا يختلط عندها المعلوم والمظنون والموهوم. ثم هو أيضًا إصلاح اجتماعي جليل يجنب الأمة من الوقوع والإيقاع في الأضرار والمهالك من جراء الاستناد إلى أدلة موهومة»[22].

وإذا تحصَّن الفكر من المقدمات الوهمية[23]، وبنى محكمات الشريعة على أسسِ ومحكماتِ المبادئ العقلية الفطرية، فإنه يسلم من الأوهام والشكوك والضياع، ويحظى بطمأنينة الفكر التي تمنحه القدرة على التفكير واتخاذ القرارات في أحلك الظروف[24].

2. أن المحكمات تنهى عن البقاء في مجالس الخوض في الدين بغير علم؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٦٨]، وقال تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٤٠].

ولهذا نهى العلماء عن مجالسة أهل البدع والأهواء ومجادلتهم[25]، وفي ذلك ردعٌ وزجرٌ لهم من ناحية، وحفظٌ وحمايةٌ للعقول من الشبهات والضلالات من ناحية أخرى.

3. أن المحكمات تنهى عن اتخاذ التقليد (المذموم) منهجًا ومصدرًا في التديُّن؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٠]. وكذا قوله سبحانه وتعالى في مقلِّدة أهل الكتاب: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١]. وهم بذلك قد احتجبوا بالتقليد عن رؤية الحق.

وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ تنبيهٌ وردٌّ لهم إلى المحكم من الدين، قال ابن عاشور: «وجملة ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ﴾، وهي محطّ زيادة التشنيع عليهم وإنكار صنيعهم بأنّهم لا عذر لهم فيما زعموا؛ لأنّ وصايا كتبِ الملّتين طافحةٌ بالتحذير من عبادة المخلوقات ومن إشراكها في خصائص الإلهية»[26].

4. محكمات الشريعة تأمر العقل والفكر بالعدل في الحكم على الأقوال والآراء والأفعال، وهذا داخل في عموم الأمر الإلهي بالعدل؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٩٠]. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الأنعام: ١٥٢].

قال شيخ الإسلام: «فالعدل مأمور به في جميع الأعمال، والظلم منهيٌّ عنه نهيًا مطلقًا، ولهذا جاءت أفضل الشرائع والمناهج بتحقيق هذا كله وتكميله، فأوجب الله العدل لكل أحد على كل أحد في كل حال»[27]. وقال أيضًا: «وإذا كان العدلُ أمرًا واجبًا في كلِّ شيءٍ وعلى كلِّ أحدٍ، والظُّلمُ محرَّمًا في كلِّ شيءٍ ولكلِّ أحدٍ، فلا يحلُّ ظلمُ أحدٍ أصلاً، سواءٌ كانَ مسلمًا أو كافرًا أو كانَ ظالـمًا، بل الظُّلمُ إنَّما يُباحُ أو يجبُ فيهِ العدلُ عليه أيضًا»[28]. وبهذا تصلح البلاد، وتحفظ العقول من الفساد.

بالثبات على المحكمات تُعصم العقول من تخطُّف الشُّبهات، وتُحفظ الأمة من الانحراف، غلوه وانحلاله؛ لأن المحكمات يقينية راسخة، وهي وحدها القادرة على صدِّ شبهات الانحراف الفكري

5. المحكمات تنهى العقول عن اتباع الهوى، وتحذر من الاستماع إلى أهواء أهل الجهل والضلال؛ قال: ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ١٣٥]. وقال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: ٢٦]. وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨].

فالهوى «ميل النفس إلى ما تهوى من غير تقييد بالشريعة»[29]. ولقد نهى الله تعالى عن اتباع الهوى الصارف عن شريعة الله؛ إذ بيّنَ -جلَّ وعلا- أنه أرشد رسوله إلى شريعةٍ فيها كل خير وهدى، فأمره بالتزامها واتباعها؛ لِمَا فيها من السعادة والفلاح، وحذَّر من اتباع أهواء المخالفين لشريعة الحق، من أهل الجهل والتكذيب والضلال، لما في اتباعهم من الهلاك والضياع[30].

وبالثبات على المحكمات تُعصم العقول من تخطُّف الشُّبهات، وتُحفظ الأمة من الانحراف، غلوه وانحلاله؛ لأن المحكمات يقينية راسخة، وهي وحدها القادرة على صدِّ شبهات الانحراف الفكري[31].

6. أن المحكمات تأمر العقل وتحثُّه على الاعتبار، بأن يأخذ العبرة من أحوال الأمم السابقة، ومما يحل في الناس من حوادث وفتن، كما ضرب الله تعالى في كتابه الأمثال بأنواعها؛ ليتفكر فيها الناس، ويأخذوا العبر والعظات؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ﴾ [يوسف: ١١١]. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [الزمر: ٢٧]. وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٢].

قال السعدي في تفسيره لآية الحشر: «فإن هذه الآية تدل على الأمر بالاعتبار، وهو اعتبار النظير بنظيره، وقياس الشيء على مثله، والتفكر فيما تضمنته الأحكام من المعاني والحكم التي هي محل العقل والفكرة، وبذلك يزداد العقل، وتتنور البصيرة، ويزداد الإيمان، ويحصل الفهم الحقيقي»[32].

الثالث: المحكمات عاصمة للعقول والأفكار حين شيوع الفتن، وظهور الفرق والنِّحل، وتفشي الخلاف والجدل، ومن إرشادات المحكمات للسلامة في مثل هذه الأحوال[33]:

  1. ردُّ الأمور المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: ٥٩]. قال ابن كثير: «قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله. وهذا أمر من الله، عز وجل، بأن كلَّ شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة»[34].
  2. لزوم جماعة المسلمين الذين يسيرون على هدى الكتاب والسنة، وموالاتهم واتباع سبيلهم، والحرص على جمع كلمتهم على الحق؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «عليكم بالجماعةِ، وإِيَّاكُم والفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشيطانَ مع الواحد، وهو من الاثنين أبعدُ، مَنْ أَراد بُحْبُوحَةَ الجنة فليلزم الجماعةَ»[35]. وفي حديث أبي الدرداء أنَّ رسول الله ﷺ قال: «فعليك بالجماعةِ فإنَّما يأكُلُ الذِّئبُ القاصِيَةَ»[36].

من أولويات الدعوة جمع شتات أهل السنة على محكمات الدين وأصوله وكلياته الكبرى، والتي تُعتبر الخيطَ الناظم لأهل السنة والجماعة؛ لتحمي الأمة وجودها، وتستعيد قوتها

الرابع: المحكمات تنظِّم الفكر في مجال الدعوة، وتعمل على ترتيب أولويات النشاط الدعوي، وفي وصية رسول الله ﷺ لمعاذ رضي الله عنه تطبيق عمليٌّ في هذا، قال عليه الصلاة والسلام: «إنك تَقْدَمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ، فَليَكُنْ أوّلَ ما تدعوهم إِليه عبادةُ الله عز وجل، فإِذا عَرَفُوا الله فأخْبِرْهُم: أنّ الله قد فرضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في يومهم وليلتهم، فإِذا فعلوا فأخْبِرهُم: أن الله فرضَ عليهم زكاة، تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقرائهم»[37]، وفي هذا وضع قواعد مهمة لترتيب العمل الدعوي؛ إذ فيه الاهتمام بأصول الدين وقضاياه الكبرى، مع تقديم الأهم فالأهم منها.

ومن أولويات الدعوة في هذه الأيام جمع شتات أهل السنة على محكمات الدين وأصوله وكلياته الكبرى، والتي تُعتبر الخيطَ الناظم لأهل السنة والجماعة؛ لتحمي الأمة وجودها، وتستعيد قوتها.

ومما سبق يتبيَّن:

  1. أنَّ للمحكمات التأثير البيِّن في تحقيق ثبات الفكر واستقراره؛ والذي يؤدي بدوره إلى قناعة أبناء الأمة بعقائدها وأخلاقها وقيمها، وحفظها من الذوبان في غيرها؛ لأن من خصائص المحكمات الثبات والرسوخ واليقين، ومن لوازم تحكيم المحكمات حصول الطمأنينة والاستقرار النفسي؛ فالطمأنينة هي الثبات واليقين. ولقد ذكر العلماء أن الراسخين هم الموصوفون[38] بقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: ١٥]. فإيمانهم ثابت، لا تزعزعه العواصف، ولا تدفعه الرياح.
  2. أن أهمية المحكمات توجب على الأمة الاهتمام الكبير بها؛ بأن تعمل على بناء الفكر الواعي المستند على دراسة هذه المحكمات، والقيام ببيانها للناس على كافة المستويات؛ ليتمَّ تحصينُ المجتمع وحمايتُه من دعوات المنافقين، ومن شبهات الملاحدة والفاسدين، وجديرٌ بالدعاة الصادقين أن يصدعوا بهذا الحق؛ ليضمحل الباطل، ويخنس الجاهلون: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١٨]، والحمد لله رب العالمين.

[1] يتنوع الهجوم على محكمات الدين وثوابته من العديد من الأطراف، ولأهداف شتى، وبشكل واضح وصريح، كإسقاط ثبوتيات الأحكام الشرعية أو تضييق مساحتها، لتكون عامة الأحكام الشرعية من المتغيرات، ويكون العقل البشري حاكمًا عليها. والسعي إلى النيل من أصول العقائد وأصول فرائض الإسلام، والثابت القطعي من أحكام الحدود وقضايا المرأة ونحوها. تارة باسم التنوير، وتارة باسم الحداثة، وأخرى باسم التجديد، ورابعة باسم إعادة قراءة النص، وهكذا. وللوقوف على مسألة الهجوم على محكمات شريعة الإسلام، وطرق هؤلاء وأساليبهم في السعي إلى إزالة القداسة عن ثوابتها، والعمل على تسويغ مخالفتها ونقضها، يمكن النظر في أبحاث ومقالات عدة، منها: معركة الثوابت بين الإسلام والليبرالية، للدكتور عبد العزيز كامل، وكتاب: موقف الليبرالية في البلاد العربية من محكمات الدين، للدكتور صالح الدميجي، وغيرها.

[2] المصباح المنير، للفيومي، مادة (حكم)، (١/١٤٥).

[3] تاج العروس، للزبيدي، مادة (حكم)، (٣١/٥١٣).

[4] القاموس المحيط، للفيروز آبادي، مادة (حكم)، ص (١٤١٥).

[5] ورقة بحثية عن المحكمات، للدكتور عطية عدلان، ص (١١).

[6] الثوابت والمتغيرات في العمل الإسلامي، للصاوي، ص (٥١). وحدود المرونة بين الثوابت والمتغيرات، لأنس الأحمدي، ص (٨). والضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات، لراشد شهوان، ص (١٧).

[7] الرسالة، للشافعي، ص (٥٦٠).

[8] تفسير ابن كثير (٢/٧)، وتفسير الطبري (٦/١٧٤)، وتفسير القرطبي (٤/١٠).

[9] المحكمات في الشريعة وأثرها في وحدة الأمة، لعابد السفياني، ص (٣٦-٤٠). وموقف الليبرالية في البلدان العربية من محكمات الدين، لصالح الدميجي، ص (٢٩).

[10] ورقة بحثية عن المحكمات، للدكتور عطية عدلان، ص (١١). والضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات، لراشد شهوان، ص (٢٢).

[11] المستصفى من علم الأصول، للغزالي، ص (٣٤٥). والإجماع هو: «اتفاق مجتهدي أمة محمد r بعد وفاته في عصر من الأعصار على أمر من الأمور»، يُنظر: إرشاد الفحول، للشوكاني (١/١٩٣)، والبحر المحيط، الزركشي (٣/٤٨٧).

[12] الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص (٤٨٨).

[13] ورقة بحثية عن المحكمات، للدكتور عطية عدلان، ص (٢٥).

[14] المحكمات، لحاتم العوني، ص (٨٣).

[15] تفسير الطبري (٦/١٧٤).

[16] الموافقات، للشاطبي (٥/١٤٥).

[17] تفسير ابن كثير (٨/٥٠٧)، وموقف الليبرالية في البلدان العربية من محكمات الدين، لصالح الدميجي، ص (٣٤).

[18] تفسير ابن كثير (٢/٦).

[19] موقف الليبرالية في البلدان العربية من محكمات الدين، لصالح الدميجي، ص (٣٣).

[20] المحكمات ودورها في صياغة الفكر، محمد السعيدي، ص (١٥).

[21] تفسير ابن كثير (٥/٧٥).

[22] التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور (١٥/١٠١).

[23] يُقصد بالمبادئ العقلية: «المقدمات الضرورية للاستدلال العقلي، وهي المقتضى المباشر للغريزة العقلية … والتي تعتبر أساس كل استدلال عقلي، وتقوم هذه المبادئ على أمرين: الأول: مبدأ عدم التناقض، والثاني: مبدأ السببية». يُنظر: المعرفة في الإسلام، لعبد الله القرني ص (٢٩٧).

[24] المحكمات، لحاتم العوني، ص (٣٩).

[25] الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٧/١٣).

[26] التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور (١٠/١٧٠).

[27] الرد على المنطقيين، لابن تيمية، ص (٤٢٥).

[28] الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (١/٩٧).

[29] التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور (٢٧/ ٩٣).

[30] تفسير الطبري (٢٢/٧٠). وتفسير السعدي (١/٧٧٧).

[31] المحكمات، لحاتم العوني، ص (٤٣).

[32] تفسير السعدي، (١/٨٤٨).

[33] المحكمات الشرعيّة وأهميتها في معالجة النوازل، مقال للحضرمي أحمد الطلبة، مركز سلف.

[34] تفسير ابن كثير (٢/٣٤٥).

[35] أخرجه الترمذيُّ بإسناد صحيح، رقم (٢١٦٥).

[36] أخرجه أبو داود بإسناد حسن، رقم (٥٤٨).

[37] أخرجه البخاري (١٣٨٩)، ومسلم (١٣٢).

[38] موقف الليبرالية في البلدان العربية من محكمات الدين، لصالح الدميجي، ص (٢٧). والموسوعة القرآنية، للإبياري، ص (٣٣٢٨)، والمفردات في غريب القرآن، للأصفهاني، ص (١٩٥).


أ. عبد الرحمن عبد الله رجو

باحث في الدراسات العربية والإسلامية.

باحث في الدراسات العربية والإسلامية.
X