قضايا معاصرة

المسلمون بين مشروعين

المسلمون بين مشروعين يهددان الأمة: المشروع الإيراني الرافضي، والمشروع الصهيوني الغربي، ويؤكد هذا المقال على خطورة المشروع الصفوي؛ كونه سرطانًا داخليًا يخترق الأمة دينيًا واجتماعيًا وسياسيًا، ويبرز المقال الدور التاريخي للرافضة في تشويه العقيدة الإسلامية واستهداف أهل السنة، ويختم بالدعوة إلى مواجهة كلا المشروعين حسب الإمكانيات، مع التركيز على توحيد الجهود بين المسلمين لمواجهة التحديات المشتركة.

ما يزال الصراع بين الحق والباطل منذ أن خلق الله أبانا آدم عليه السلام، وهذا من حِكم الله في ابتلاء خلقه، ولما أهبط الله آدم وحواء إلى الأرض بين لهما أنه لا بد من عداوة بين البشر، كما قال تعالى: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24]، ولما أرسل الأنبياء عليهم السلام كان من حكمته ومشيئته أن جعل لهم أعداء من شياطين الجن والإنس، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112].

وهذه العداوة أصلها في الدين والاعتقاد، والقتالُ بين أهل الحق وأهل الباطل مستمرٌ على كل الجبهات ومن كل الجهات، كما قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

وقد ابتلي المسلمون في هذا الزمان -ولا سيما في المنطقة العربية، وخصوصًا بلاد الشام- بمشروعين عدُوَّين خطيرين:

» الأول: المشروع الصفوي الإيراني، المتحالف مع المشروع الباطني العلماني في سوريا.

» والثاني: المشروع الصهيوني المدعوم من الدول الغربية.

وكلا المشروعين صال على المسلمين، فاحتلوا البلاد وفتنوا العباد، وقتلوا وشرَّدوا ونهبوا الأموال، بمباركةٍ من المجتمع الدولي، الذي قدم دعمًا واضحًا بيّنًا للمشروع الصهيوني، وسكوتًا واضحًا بينًا، بل في بعض الأحيان دعمًا ظاهرًا بينًا للمشروع الصفوي الإيراني، ولولاه لما قامت الثورة الإيرانية ولما استطاع المشروع أن يتمدَّد مترًا واحدًا في البلاد العربية.

والناسُ تجاه هذين المشروعين أقسام:

قسمٌ يعظّم خطورة أحد المشروعين، ويستهين بالآخر حتى لا يكاد يراه خطرًا.

وهم نوعان:

» الأول: الذي لا يرى إلا خطورة مشروع واحد على الأمة؛ وهو المشروع الصهيوني فحسب، ثم يتعامى عن المشروع الصفوي، بل قد يتحالف معه. ومن هؤلاء من ينسب نفسه إلى ما يُسمّى محور المقاومة!! وكذا بعض المنسوبين إلى العلم والفكر.

» والثاني: الذي لا يرى إلا المشروع الصفوي خطرًا على الأمة، أما الصهيوني فيمكن التفاهم معه، بل التحالف معه. وهؤلاء قومٌ لا خلاقَ ولا أخلاقَ لهم.

وقسمٌ يرى خطر المشروعين، لكن يختلفون في الأخطر منهما.

فمنهم من يرى أنَّ الأخطر هو المشروع الصهيوني، وبعضهم يقول: يمكن أن نتغاضى ولو مرحليًا عن المشروع الصفوي، لأنَّ الصهيوني هو الأخطر في تأثيره ومآلاته.

ومنهم من يرى أنَّ الأخطر هو المشروع الصفوي، مع عدم التغاضي عن المشروع الآخر.

الالتباس وسببه:

وقد تكلم الناسُ كثيرًا بخطورة المشروعين الصهيوني والصفوي، ولكن لما كان المشروعُ الصفوي ملتبسًا -وللأسف- على كثير من الخاصة فضلاً عن العامة، ويعتبره مشروعًا مقاومًا مجاهدًا ومناصرًا لقضايا الأمة؛ أحببت أن أركّز في هذا المقال على شيءٍ من خطورة هذا المشروع، حتى نعرف الواقع ونقوم بالواجب حياله، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].

وسببُ هذا الالتباس هو التظاهر بالشعارات الإسلامية، فأصل مذهبهم قائمٌ على الكذب والتقية والمراوغة.

قال ابن تيمية: “والرافضةُ تجعل هذا من أصول دينها وتسمِّيه التقية، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك… وقد نزَّه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقًا وتحقيقًا للإيمان، وكان دينُهم التقوى لا التقية”[1].

فمن هذا الجانب يتقدَّم المشروع الصفوي الإيراني على الصهيوني في هذا الباب، فهو سرطانٌ داخليٌ ينهش وينخر في جسد الأمة من داخلها، والتحرُّز منه ليس بالسهل وجماهير كثيرة من المثقفين والإعلاميين الذين لم يدركوا أغواره وخطورته، لا سيما الذين لا ينتمون جغرافيًا إلى مناطق واقعة تحت النفوذ الإيراني المباشر وأذرعته، أو يفتقدون الثقافة الشرعية المتعمقة حول تاريخ الطوائف وعقائد الرافضة.

مظاهر خطورة المشروع الرافضي:

وخطورة هذا المشروع تتجلى من خلال الزمان والمكان والأثر على الإنسان، والتفصيل كما يلي:

أولاً- العمق الزماني:

المشروع الرافضي له بدايةٌ عميقةٌ في الزمان؛ فبذرته الأولى منذ القرن الأول، فقد بدأ فكر التشيع خفيفًا بتقديم عليٍّ على عثمان رضي الله عنهما، ثم تطور بتقديمه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما هو الشأن عند الزيدية، ثم تطوَّر إلى السب فالتكفير لجمهور الصحابة كما هو الشأن عند الرافضة. وغلا بعضُهم في عليٍّ فجعلوه إلهًا كما هو الشأن عند السبئية أجداد الباطنية ومنهم النصيرية.

وكانت البداية المنحرفة من خلال رجل يهودي اسمه عبد الله بن سبأ، ادّعى الإسلام وزعم محبة آل البيت، فغالى فيهم وجعل عليًا رضي الله عنه هو الوصي للنبي صلى الله عليه وسلم ثم إلهًا معبودًا.

ولكن العمق الزماني عندنا يرتد إلى زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما اغتيل على يد المجوسي أبي لؤلؤة، قاتله الله.

وهذا الزمان يمرُّ بمحطاتٍ كبيرةٍ مزعجةٍ للأمة، فيمرُّ بالدولة البويهية، ثم القرمطية، ثم الفاطمية، ثم الصفوية، حتى استقرت الأمور الآن في الدولة الإيرانية ومن يتبعها من العصابات الحاكمة والمؤثرة في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

مذهبُ الرافضة في أصل عقيدته قائمٌ على السكون والكمون، فلا جمعة ولا جماعة ولا جهاد ولا سياسة ولا دولة، حتى يظهر مهديهم المنتظر، فينتظرونه حتى يقيموا معه شعائر الدين ويقاتلوا تحت رايته جميع العالم وخاصة أهل السنة، ولم يخرجهم من هذا الكمون إلا فكرة ولاية الفقيه

ثانيًاالامتداد المكاني:

فهم على مر التاريخ ليس لهم جهود في فتح الممالك والأمم، بل تقتصر جهودهم في قضم الدول من الجسد الإسلامي.

ومذهبُ الرافضة في أصل عقيدته قائمٌ على السكون والكمون، فلا جمعة ولا جماعة ولا جهاد ولا سياسة ولا دولة، حتى يظهر المهدي المنتظر الذي يزعمون أنّه دخل السرداب حيًا وهو في عمر خمس سنين، فينتظرونه حتى يقيموا معه شعائر الدين ويقاتلوا تحت رايته جميع العالم وخاصة أهل السنة.

وعلى مدى التاريخ كان التشيع بابًا لكل زنديق يريد الطعن على الإسلام والبطش بالمسلمين، فكانت الدولة القرمطية والتي كان ابتداؤها في سنة (286هـ)، وأقامت دولتها في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، واستمرت إلى سنة (301هـ).

وفي عام (352هـ) قامت دولتهم الباطنية الرافضية (الفاطمية) في مصر والمغرب العربي والشام والحجاز، والتي بقيت أكثر من مئتي سنة حتى قضى عليها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

وفي عام (907هـ) ظهر الصفويون في إيران على يد إسماعيل الصفوي، وإيران حينها دولة سنية لم يكن فيها سوى أربع مدن شيعية فقط (ومنها مدينة قم). فقام الشاه إسماعيل بفرض المذهب بالقوة، وقتل كثيرًا من الناس في سبيل ذلك، وهي أول دولة قامت على المذهب الاثني عشري، وقد احتلت بغداد وأفغانستان وغيرها من الدول حتى قضي عليها في سنة 1148هـ.

أما في العصر الحالي فقد قامت الثورة الخمينية عام 1979م، ورفعت شعار القدس، لكن بدلاً من أن تتجه إلى فلسطين لتحريرها صالوا على البلاد العربية من خلال عصاباتهم وأحزابهم، فأصبحت أربع عواصم عربية تحت احتلالهم وتخريبهم[2]، وهم يطمحون لاحتلال دول الخليج كلها، ولا سيما مكة والمدينة.

والسبب أنَّ هذه المدن عندهم محتلةٌ من قبل أهل السنة، وتحريرها مقدمٌ على تحرير بلاد احتلها اليهود!

ثالثًاتدمير الإنسان:

وأما أثر هذا المشروع على الإنسان، فقد صالوا على كلّ شيء ضروري فيه، فصالوا على دينه وعقله ونفسه وماله وعرضه.

أما الدين والعقل: ففتنوا الناس بالشبهات والشهوات، ونشروا التشيع من خلال مراكزهم الثقافية الموجودة في السفارات، وكذلك من خلال تبني الأضرحة والمقامات، وما كان من التغيير الديموغرافي الذي حصل بالقوة في سوريا وغيرها.

وأما العقل فكان تأثيرهم عليه بالشبهات أيضًا، وبإغراق البلاد العربية بتجارة المخدرات، والغاية عندهم تبرر الوسيلة.

وأما النفس والمال والعرض، فقد صالوا على كل ذلك قتلاً وذبحًا وتفجيرًا، واغتصابًا للنساء، ونهبًا للأموال، بأبشع أنواع الإجرام، بما لم يفعل مثله العدو الصهيوني المجرم، والذي لا يستهان كذلك بإجرامه.

والرافضةُ في أصل مذهبهم وأساسه، يستحلون دماء أهل السنة وأموالهم، بل مذهبهم مفصلٌ من أجل أهل السنة، فعداوتهم ليست إلا لأهل السنة، يرضعُها الصغير، ويشبُّ عليها، ويهرم ويموت عليها، وأما الآخرون فعداوتهم لهم هامشية ثانوية.

فلذلك قسموا الناس إلى فسطاطين: “حسينيين ويزيديين”، فهم أتباع الحسين، ونحن أهلَ السنة “اليزيديون”، وهم كاذبون في كل ذلك، فليسوا هم أتباع الحسين رضي الله عنه حقيقة، فالحسين لا يرضى الكفر والزندقة والشرك والضلال والإجرام والقتل، ولا يقف مع المجرمين الظالمين المستبدين، كما وقفوا مع النظام المجرم في سوريا.

ونحن لسنا يزيديين، بل نحن أهل السنة والجماعة، نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما اجتمع عليه الأولون.

ويكذبون على أئمتهم فيروون الروايات الكثيرة التي تدعو لقتل أهل السنة وأخذ أموالهم، فيروون عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس”[3].

وقال الهالك الخميني: “والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتُنم منهم وتعلُّق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وُجد وبأي نحوٍ كان ووجوب إخراج خمسه”[4]. وعن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب، قال: حلال الدم، لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطًا أو تغرقه في ماء لكيلا يُشهد به عليك فافعل، قلت: فما ترى في ماله، قال: توِّه ما قدرت عليه”[5]. أي خبئ واسرق ما قدرت عليه من غير أن يشعر!

ورووا أنه قيل لإمامهم الرضا: “يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق أنه قال: إذا خرج القائم قتل ‌ذراريّ ‌قتلة ‌الحسين بفعل آبائها”، قال: “هو كذلك”، قلت: وقول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] قال: “‌ذراري ‌قتلة ‌الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها”[6].

الرافضةُ في أصل مذهبهم وأساسه يستحلون دماء أهل السنة وأموالهم، فعداوتهم ليست إلا لأهل السنة، يرضعُها الصغير، ويشبُّ عليها، ويهرم ويموت عليها، وأما الآخرون فعداوتهم لهم هامشية ثانوية

جرائم تاريخية:

لقد أصبحت قضية الحسين شيكًا مفتوحًا يجري سدادُه من دماء أهل السنة، وهذه هي النظرية العقائدية المجوسية الفارسية التي تتخذ التشيع طريقًا لقتل العرب وتخريب ديارهم، وكلما تمكنت طائفة منهم أعملوا سيوفهم في أهل السنة، ومن ذلك:

في سنة 311هـ قصد أبو طاهر القرمطي البصرة فوصلها ليلاً في ألف وسبعمائة رجل، فوضع السيف في أهل البصرة، وهرب الناس حتى طرحوا أنفسهم في الماء فغرق أكثرهم، وأقام أبو طاهر سبعة عشر يومًا يحمل من البصرة ما يقدر عليه من المال والأمتعة والنساء والصبيان ثم انصرف.

وفي عام 317هـ هجم على الحجاج يوم التروية وقتل الآلاف منهم، ودفن الناس أحياء في بئر زمزم، وسرق الحجر الأسود، وبقي عند القرامطة أكثر من عشرين سنة.

قتل الدولة العبيدية الفاطمية للعلماء والأعيان، حتى قال أبو الحسَنِ القابِسِيُّ: “إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه أربعة آلاف، في ‌دار ‌النحر في العذاب، من عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت”[7].

لما أصبح الطوسي الرافضي وزيرًا للخليفة العباسي تعاون مع المغول في احتلال بغداد مما أدى إلى مذابح عظيمة، وقد مدح علماء الرافضة صنيع هذا المجرم الطوسي حتى قال الخميني المجرم الهالك: “وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول في ركب السلاطين، فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناعُ إلى قتله، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصرٌ حقيقيٌّ للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي”[8].

ولما دخل الشاه إسماعيل الصفوي العراق واستولى على بغداد بدأ يسوم أهل السُنة سوء العذاب، وقتل منهم خلقًا كثيرًا محاولاً أن يغيِّرهم للتشيع، وهدم مسجد أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية، ونبش قبر أبي حنيفة، وهدم المدارس العلمية للحنفية وكثيرًا من المساجد. وقتل كل من ينتسب لذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه في بغداد لمجرد أنهم من نسبه.

أصبحت قضية الحسين شيكًا مفتوحًا يجري سدادُه من دماء أهل السنة، وهذه هي النظرية العقائدية المجوسية الفارسية التي تتخذ التشيع طريقًا لقتل العرب وتخريب ديارهم، وكلما تمكنت طائفة منهم أعملوا سيوفهم في أهل السنة

جرائم معاصرة:

كذلك لا ننسى في هذا العصر جرائم الرافضة في لبنان في قتل أهل السنة من إخواننا الفلسطينيين وغيرهم على يد حركة أمل، وخاصة في حرب المخيمات التي قادتها حركة أمل الرافضية، وكان شعارهم: “اقتل سنيًا تدخل الجنة”!

وأما في العراق وما أدراك ما العراق؟ الذي تعاون الرافضة مع الأمريكان في احتلاله، فقتلوا ومثَّلوا واغتصبوا واغتالوا الخيار من الناس، وما زلت أذكر الخبر اليومي أيام الاحتلال الأمريكي: العثور على جثث مجهولة الهوية من الستين إلى السبعين معبأة في أكياس سود مرمية في القمامة، وذلك في كل يوم، وكل هؤلاء من أهل السنة.

ومثل ذلك ما فعلوه بإخواننا الفلسطينيين في بغداد فقتلوا منهم حوالي 50 ألفًا وشردوا الباقي، وأخذوا بيوتهم واحتلوها، ثم يأتي -للأسف- من يغتر بهؤلاء الآن أنهم مقاومة إسلامية وأنهم ينتصرون للقضية الفلسطينية.

ولما احتلَّ التحالف الدولي العراق أمر مراجعُ الشيعة أتباعهم بعدم قتال القوات الغازية، ولكن لما جاء دور قتال أهل السنة حرضت جميع مراجعهم على القتال، فشكَّلوا العصابات والجماعات باسم جيش الحشد الشعبي، مستخدمين حجة “الدواعش” غطاءًا وستارًا لقتل أهل السنة في أكبر مسرحيةٍ قاموا بها في العصر الحديث.

ومن ذلك الانسحاب الكيفي للجيش العراقي من مناطق السنة، وعلى رأسها الموصل، فلما سيطر عليها تنظيم الدولة جردوا أهلها من سلاحهم وقوتهم، بحجة أنهم الدولة، ثم انسحبوا منها تاركين الناس بلا قوة ولا رادع، فعاد الرافضة على مناطق السنة بمعاونة طيران التحالف، فاحتلوا وقتلوا وهجروا في أعظم مسرحية واقعية وجريمة خبيثة عرفها التاريخ.

وأما بلدي الحبيب سوريا، فلم تكد تجف الدماء فيها بعد، والجرحُ عميقٌ، وإذا كان المؤرخ ابن الأثير رحمه الله بقي أربع سنوات لا يستطيع أن يكتب حرفًا واحدًا عن تخريب بغداد من قبل المغول من هول ما رأى، فكيف هو فاعل لو رأى ما حصل في سوريا؟!

ولم يكتفوا بذلك حتى أتوا بالدب الروسي يعاونهم في إجرامهم.

ثم يأتي من يطالب مَن وقع عليه الإجرام أن يتناسى كل هذه الجرائم ولو قليلاً؛ لأنَّ الذي أجرم بحقهم هو الآن يقاتل الصهاينة، وأن هذا هو مقتضى النظر في المآلات وتحقيق المصالح والمقاصد الشرعية، زعموا!

رابعًا- تعاون الرافضة مع أعداء الإسلام:

الرافضة يتعاونون مع كل عدوّ للإسلام والمسلمين، حتى لو كان الشيطان الرجيم، وتاريخهم في ذلك معروف وواضح في القديم والحديث.

قال ابن تيمية: “ولم يعرف في طوائف الإسلام أكثر كذبًا وفتنًا ومعاونةً للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية، فإنهم شر من الخوارج المارقين. وأولئك قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان). وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته المؤمنين، كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ولد العباس وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين من القتل والسبي وخراب الديار”[9].

وقصة الدولة الصفوية في تعاونها مع الدول الأوروبية ضد الدولة العثمانية السنية معروفةٌ ومشهورةٌ.

وفي هذا العصر تحالفت إيران مع أمريكا وتعاونت معها في إسقاط العراق وأفغانستان، وذلك باعتراف الأبطحي نائب الرئيس الإيراني، لما قال: لولا إيران لما سقطت أفغانستان والعراق.

ولما اجتاح الجيش الصهيوني جنوب لبنان عام 1982م استقبلهم سكان الجنوب من الشيعة -حاضنة حزب الشيطان- استقبلوهم بالأهازيج والزغاريد والورود والأرز، فرحين لأنهم سوف يخلصونهم من الفلسطينيين[10]؛ فلذلك كتب المجرم شارون في مذكراته: أن الشيعة لا يعتبرون عدوًا لنا!

ولما ثار الشعب السوري على النظام المجرم سارعت إيران بعصاباتها لنصرته عندما شارف على السقوط، ومع ذلك لم ينفعه هذا الدعم حتى استغاثت إيران بروسيا للدخول في الحرب، فأرسلت المجرم الهالك السليماني فأقنع الرئيس الروسي للدخول في الحرب، وهذا باعتراف المجرم حسن نصر اللات في لقاء فضائي يفتخر فيه بأنّ هذا من إنجازات المجرم السليماني، وأصبحت صور بوتين تنتشر في كل مكان من مناطق حزب الشيطان.

ولم يعرف في طوائف الإسلام أكثر كذبًا وفتنًا ومعاونةً للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية، وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته المؤمنين”.

ابن تيمية رحمه الله

خامسًا- المشروع الصفوي ليس أقل خطرًا من المشروع الصهيوني:

بعد كل هذا يتبين أن المشروع الصفوي ليس أقل خطرًا من المشروع الصهيوني، فكما أن الصهاينة لا يتمكنون من إنجاح مشروعهم إلا بقتل المسلمين وتدميرهم وتدنيس مقدساتهم، فكذلك الرافضة الصفويون لا يقوم مشروعهم إلا على سفك دماء أهل السنة وتدمير بلدانهم وحواضرهم، فالواجب على المسلمين جميعًا جهاد هذين المشروعين بحسب القدرة والطاقة بالمال والنفس والكلمة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدُوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)[11].

قال ابن تيمية عن الخوارج: “فهؤلاء مع كثرة صيامهم وصلاتهم وقراءتهم: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم؛ لكونهم خرجوا عن جماعة المسلمين، واستحلّوا دماء المسلمين وأموالهم، ولا يكفرون أبا بكر وعمر، وإنما يطعنون في عثمان وعلي. والرافضة شر من هؤلاء؛ فإنهم يعاونون اليهود والنصارى”[12].

ولما هرب جَبَلةُ بن حَمُّودٍ الصدفيُّ مِن الرافضةِ في الرِّباطِ ونزل القيروانَ، فكُلِّمَ في ذلك؟ فقال: “كنا نحرسُ عدوًّا بيننا وبينهُ البحرُ، والآنَ حَلَّ هذا العدوُّ بساحتِنا؛ وهو أشدُّ علينا مِن ذلك”، … وكان يُنكِرُ على مَن خرجَ مِن القيروانِ إلى سُوسَةَ أو نحوها مِن الثغورِ، ويقول: “جِهادُ هؤلاءِ أفضلُ مِن جهادِ أهلِ الشرك”[13].

وإليك ما قاله العابد أبو بكر النابلسي كما ينقل ذلك ابنُ كثيرِ في “البداية والنهاية” عند ترجمة المعز الفاطمي: “وقد أحضر إلى بين يديه الزاهدُ العابدُ الورعُ الناسكُ التقي أبو بكر النابلسي، فقال له المعزُ: بلغني عنك أنك قلت: لو أن معي عشرةَ أسهم رميتُ الرومَ بتسعةٍ، ورميتُ المصريين بسهم. فقال: ما قلتُ هذا، فظن أنهُ رجع عن قوله. فقال: كيف قلت؟ قال: قلتُ: ينبغي أن نرميكم بتسعةٍ ثم نرميهم بالعاشر. وقال: ولِمَ؟ قال: لأنكم غيرتم دينَ الأمةِ، وقتلتم الصالحين، وأطفأتم نور الإلهية، وادعيتم ما ليس لكم. فأمر بإشهاره في أول يوم، ثم ضرب في اليوم الثاني بالسياط ضربًا شديدًا مبرحًا، ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث، فجيء بيهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن، قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين فمات. رحمه الله، فكان يقال له: الشهيد، وإليه ينسب بنو الشهيد من أهل نابلس إلى اليوم”[14].

ومن المعلوم أنّ عليًا رضي الله عنه لم يقاتل الخوارج لمجرد بدعتهم رغم شناعتها، وإنما قاتلهم لأنهم سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على أموال المسلمين وكفروهم، وأصبحوا طائفة ممتنعة فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم، وهو ما تفعله اليوم عموم العصابات الشيعية المسلحة من التمرد في بلاد المسلمين، فالنظر هنا إلى قبيح أفعالهم وشناعة جناياتهم لا لمجرد انحرافاتهم العقدية، وإن كانت هي المولدة لأحقادهم وأضغانهم، لكنها ليست الأصل في دفعهم وقتالهم كما فعل علي مع الخوارج.

فمن قاتلنا وصال علينا قاتلناه ودفعناه، ومن سكت عنا ولم يهاجمنا سكتنا عنه ولم نهاجمه.

واليوم.. لا مانع من الاختصاص في دفع صيال أحد العدوين، فإخواننا في فلسطين يركزون على دفع المشروع الصهيوني، دون ترك اعتقاد عداوة الرافضة، مع وجوب الحذر من ألاعيبهم وعدم الانخداع بهم، وأهل الشام في سوريا ولبنان واليمن والعراق يركزون على دفع المشروع الصفوي، مع تعاون وتكامل الجميع؛ كل في جبهته.

وفي الختام:

لا شكَّ في خطورة هذين المشروعين، ولا سيّما المشروع الصفوي الإيراني؛ فإنه أبعدُ عمقًا في التاريخ والزمان، وأوسعُ انتشارًا في المكان والبلدان، وأشدُّ تأثيرًا على الإنسان؛ في دينه وعقله ونفسه وماله وعرضه.

فيجب جهاد الجميع بحسب القدرة والإمكان، بالحجة والبيان وبالسيف والسنان.

والله غالب على أمره، وما النصر إلا من عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


فايز الصلاح

دكتوراه في العقيدة الإسلامية، باحث متخصص في الدراسات الشرعية، عضو مجلس الإفتاء في المجلس الإسلامي السوري


[1] منهاج السنة النبوية (2/46).

[2] كتبت هذه المقالة قبل تحرير دمشق، وقد أذن الله بتحريرها من رجسهم بفضل الله تعالى ومنه وكرمه.

[3] بحار الأنوار (39/191).

[4] تحرير الوسيلة (1/352).

[5] جواهر الكلام، للجواهري (1/436).

[6] عيون أخبار الرضا (1/273)، بحار الأنوار (52/313).

[7] سير أعلام النبلاء (15/145).

[8] الحكومة الإسلامية، ص (142).

[9] مجموع الفتاوى (25/ 309).

[10] ينظر مقال: “حين استقبل الشيعة الصهاينة بالورود والأحضان”، على لسان الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، وعلى لسان أمين عباس الحاج في حوار مع صحيفة أيديعوت أحرونوت الإسرائيلية عام 2014م، موقع الهدهد.

[11] أخرجه أحمد (12268) وأبو داود (2504).

[12] جامع المسائل (7/440).

[13] ترتيب المدارك، للقاضي عياض (4/375-376).

[14] البداية والنهاية (11/322).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X