دعوة

الفصل بين الجنسين أم الاختلاط في السياقات العلاجية والمهنية والتعليمية؟

بينما تسعى بعض الدول في عالمنا الإسلامي نحو زيادة الخلط بين الجنسين في البيئات التعليمية والوظيفية وغيرها، نجد موجة تراجع واضحة لصالح الفصل بين الجنسين في عدد من الدول الغربية والتي كانت رائدة الخلط والدعوة إليه، فما هي الآثار المترتِّبة على كلٍّ من التوجُّهين؟ وهل يمكن تفادي آثارها السلبية؟ في هذه المقالة مناقشة لهذه القضية في السياقات العلاجية والمهنية والتعليمية

مدخل:

من المسائل المثيرة لجدلٍ لا يكاد يهدأ حتى يثور: مسألة الاختلاط بين الجنسين في مختلف السياقات المهنية والتعليمية والعلاجية، التي يراها البعض ضرورةً يفرضُها نظام العصر الحديث، ويراها آخرون شرًّا لا بدَّ من تلافيه بالكلية، والعودة لزمان حجب النساء خلف المشربيات أو في ركن الحريم.

فالسؤال المطروح إذن: هل هناك حاجة حقيقية تدعو للجمع بين الجنسين في تلك السياقات الثلاثة خاصة (العمل، والتعليم، والعلاج)؟ وهل يعود الجمع بينهما بالنتائج المحمودة والمرغوبة المُعلن عنها، من زيادة الإنتاجية أو توسعة الصلات الاجتماعية أو إثراء الآفاق الثقافية؟

لا بدَّ من فهم اختلاف طبائع المرأة والرجل في مكامن الشهوة ووسائل تلبيتها، والتأمل في الآثار المترتبة تلقائيًّا وبالضرورة على اختلاطهما معًا، فهي تُصرّح عن مدى نفعها وضررها بنفسها دون الحاجة لتكلّف تأويلٍ أو استنباط

وبينما جاءت الشريعة بمعالم بيّنة في حدود وآداب التعامل بين الجنسين حين تدعو الحاجةُ لاجتماعهما، تهدف السطور التالية لبسط الجواب عليه من ناحية علمية ونفسية واجتماعية.

اختلاف طبائع الرجل والمرأة:

بدايةً، لا بدَّ من فهم اختلاف طبائع المرأة والرجل في مكامن الشهوة ووسائل تلبيتها، والتأمل في الآثار المترتبة تلقائيًّا وبالضرورة على اختلاطهما معًا، فهي تُصرّح عن مدى نفعها وضررها بنفسها دون الحاجة لتكلّف تأويلٍ أو استنباط.

وبالرغم من أنَّ المصنَّفات والمواد العلمية الجادَّة التي يمكن الرجوع لها لتعلُّم هذه المسائل ستكون في غالبها من المصادر الأجنبية، إذ الموارد العربية بضاعتُها مزجاة في هذا المجال وغالبها مترجم. من ذلك مثلاً: ما تنشره الدورية الفصلية «سيكولوجية النساء Psychology of Women Quarterly» و«جمعية علم النفس الأمريكية American Psychology Association» عن أبحاث حول مسألة الصداقة بين الرجال والنساء، والأثر النفسي الذي يُحدثه التقارب الفيزيائي بينهما في مختلف المعاملات خاصة التي تتطلب احتكاكًا دوريًّا؛ كبيئة الجامعة أو الوظيفة، إلا أنَّ غالب تلك الأبحاث يخلُصُ إلى أنَّ تلك الاحتكاكات ليست بريئة تمامًا، ولا تكاد تسلمُ صلةٌ بين رجلٍ وامرأةٍ من رغباتٍ شخصية Personal Desires من أحد الطرفين، تكون عاطفيةً معنويةً Emotion/Passion غالبًا من جهة الأنثى، وجنسيةً ماديّةً Sex/Lust من جهة الذكر[1]. وتنشر دورية Science Daily للأخبار البحثية مقالاتٍ ودراساتٍ في المجال، منها ما تناول كيفيةَ تفاعُلِ دماغِ الرجال والنساء عند النظر لصُور الجنس الآخر[2].

ومن مجموع الرصد والملاحظة لتلك الاختلافات في الطبائع والاستجابات، يتأكَّد أن الجمع بين الجنسين في أيّ سياق عامّ كفيلٌ بإحداث نوعٍ من توزيع الانتباه اللاواعي والتلقائي بالضرورة. فإذا زادت مؤثِّراتُ شخصنة السياق ومهيّئات الإحساس بالأُلفة والحميميّة فيه Intimacy، زاد احتمالُ التباسِ المشاعر الشخصية واستقبال رسائل خاطئة بين الجنسين بنسبةٍ أكثرَ مما بين أفراد الجنس الواحد.

ثم إنَّ سياقاتِ التربية والتعليم والعلاج تعتمدُ على تكرار اللقاء والاحتكاك، وتسعى عمدًا لخلق جوٍّ من الألفة والمودّة بين أفرادها لتحقيق أهداف المقام الإصلاحية والعلاجية. أمّا سياقات المعاملات العامة غير القائمة على الشخصنة والتآلف بين أطرافها كالندوات العابرة، أو المعاملات الإجرائية كالبيع والشراء، فتحكُمُها حدودٌ تمنع غالبًا من وقوع ما سيأتي ذكره من المآخذ حال الاختلاط، ولذلك فهي خارج محل المناقشة هنا.

وبناء عليه فهل الأنفع والأصلح في السياقات العلاجية والمهنية والتعليمية الفصل أم الخلط بين الجنسين؟ هذا ما نُسلِّط عليه الضوء من خلال نموذج تطبيقي في كل سياق:

سياقات التربية والتعليم والعلاج تعتمدُ على تكرار اللقاء، وتسعى عمدًا لخلق جوٍّ من الألفة والمودّة بين أفرادها لتحقيق أهدافها. أمّا سياقات المعاملات العامة كالندوات العابرة، أو المعاملات الإجرائية كالبيع والشراء، فتحكُمُها حدودٌ تمنع غالبًا من وقوع ما لا يحمد

١. السياق العلاجي

من صور اللقاءات الاجتماعية المستحدَثة: ما يعرف بـدوائر العلاج الجماعي Group Therapy، التي يجتمع فيها عددٌ من الأفراد يُعانون من المشكلة نفسها، أو يواجهون مشكلات في المجال نفسه، ليتشاركوا خبراتهم الوجدانية والعملية، من باب التنفيس من جهة، وللتوصُّل لمقترحاتِ حُلولٍ من جهةٍ أخرى. بدأ هذا النهج فرعًا عن وسائل العلاج النفسي، ثم توسَّع ليُعقَد في مختلف المجالات بمختلف الدوافع، ولا يعتمد في ترتيبه سوى على اتِّفاق مجموعة الأفراد المعنيِّين. مِثلُ هذا السياق يتضمَّن قدرًا كبيرًا من الإفصاح عن الذات والتفاصيل الشخصيّة، بالإضافة إلى أنَّ أفرادَه يكونون بالفعل على جانب كبير من الهشاشة النفسية Vulnerability والفراغ العاطفي Emotional Void[3]. وتضافُر كلِّ هذه العوامل معًا له أبعادٌ خطيرةٌ حين يُمارسه الجنسان معًا، إذ ينشأ بالضرورة مناخٌ مثاليٌّ لإساءة إرسال واستقبال الرسائل الخاطئة.

مثلًا، يكثر في تلك المجموعات أن يخلط الفردُ بين الشعورِ بالارتياحِ الناشئِ من البَوحِ والتفاهُم والتضامُن الوجداني المتشارَك، والشعورِ بالارتياح (أو على وجه الدقة النشوة المريحة) الناشئ من الميل الغريزي للجنس الآخر ولَذّة حيازة الانتباه منه. ويزيدُ تأجيجَ تلك الشهوة الخفية المُسمَّى «الخيري» أو «النبيل» أو البريء ظاهريًّا الذي تستتر تحته ممارساتُ «المساعدة» و«المساندة» و«التعاطف»: كأن يتَّصل رجلٌ بامرأةٍ أجنبيةٍ عنه يسألُها عن أحوالها ويسمعُ لفضفضِتها باعتبارهما رفيقي رحلةِ تعافٍ وتآزُر، في حين أنَّه ما كان ليُقدِم على تلك البادرة ولا تسعد هي باستقبالها في ظلِّ الظروف العادية. كذلك لا تُخطئ امرأةٌ –في العادة- فهم شعور التعاطُف الصادر من امرأةٍ أخرى على أنَّه تعاطُف، لكنَّها بسهولةٍ يمكن أن تخطئ فهمه على أنَّه نوع انجذابٍ خاصٍّ حين يَصدُر من رجل. وبالمِثل، لا يُثير -عادة- ثناءُ رجلٍ على رجلٍ أو نظرةُ تفاهُم معه ما يُثيره فيه ثناءُ امرأةٍ ونظرةٌ منها من مشاعرَ قد لا تتَّصل بالسياق ولا تحتملُها أهدافُه، كأن يظنها تُكنّ له مشاعر شخصية.

وبهذا يتَّضح كيف أنَّه لا وجه للتحجُّج في هذا المقام بدعاوى التفتُّح والتثاقُف بين الجنسين، فلا هذا مقامُها ولا تلك المقاصد تتحقَّق في تلك البيئة أو من ذلك الوجه. ومن نافلة القول أنَّ الشرع لا يُجيز مثل تلك الممارسات بين رجلٍ وامرأةٍ أجنبيين، ولو تحت مسمَّيات الإنسانية والخيرية والشهامة… إلخ، بل تلك المسمَّيات لا تجوز أصلاً على تلك الممارسات غير البريئة بحال من الهوى والشهوة!

ويجدر التنبيه إلى أنّ كون بعض المشاركين في تلك المجموعات متزوِّجين ليس عاصمًا ولا حتى واقيًا من تعرّض أفرادها لكل ما سبق ذكره من إشكالات، أو إشعال فتيلها في غيرهم. فتلك إشكالاتٌ تتعلَّق بالأساس بــ: طبائع الجنسين، وطبائع الشهوة بينهما، ومدى جهلِ الفرد بُكلٍّ منهما وبالتالي: سوء تقديره واستقباله وتعامله معهما.

والخلاصة: أنَّه بغير انضباط نهج المجموعات العلاجية، ومع استمرار تطبيقاتها الفوضوية، فإنّ ضررها في تأجيج باطن الشهوة (القصد والإحساس) وظاهرها (السلوك والتجاوب) سيكون أكثر من نفعها في الغالب. بل قد يكون ضررُها أشدّ من الضرر الأساسيِّ الذي يُعانيه المُقبلون عليها للخلاص بها! مع العلم أنّه حتى المراجع الأجنبية لا تخلو من تعديد المآخذ والعيوب على نهج المجموعات العلاجية[4]. لكننا اكتفينا هنا بلفت النظر لأهم الآفات التي تعنينا من المنظور المسلم.

عادةً لا تُخطئ المرأة فهم شعور التعاطُف الصادر من امرأةٍ أخرى، لكنَّها بسهولةٍ يمكن أن تخطئ فهمه على أنَّه نوعُ انجذابٍ خاصٍّ حين يَصدُر من رجل. وبالمِثل، لا يُثير -عادةً- ثناءُ رجلٍ على رجلٍ ما يُثيره فيه ثناءُ امرأةٍ ونظرةٌ منها من مشاعرَ، كأن يظنَّها تُكنّ له مشاعر شخصية، وهذا جزءٌ من مخاطر المجموعات العلاجية

٢. السياق المهني:

من مظاهر الاحتكاك الاجتماعي الشائعة بين الجنسين ما يكون بين زملاء العمل. وهذا من السياقات العامرة بالمحاذير والمحفوفة بالفتن، ومع ذلك ما أكثر ما يُغفَل عن حدوده وتُؤمَن جوانبه تمامًا عند أصحابها، بسببِ درجة الأُلفة والاعتياد التي تسود أجواءه. وهذه الألفة عينها هي أولى مكامن الخطر، لأنها تَذهَب بحذر المرء وانتباههِ على المدى لمسألة مكامن الشهوة وتواجد الفتنة (طبيعة الانجذاب الغريزي بين الجنسين) حين يجتمعان، خاصةً في ظلِّ عدم العناية بتذكرة النفس وتجديد الوعي بانضباط مسلك الفرد حين يتعامَل ويُعامَل، وبالتالي تُرفَع الكُلفة وتَسقُط الهيبة وتذوبُ الحدود النفسية بين الأفراد، بما يمهِّد للتجاوز في السلوكيات الفعلية والقولية.

ومن ثَمّ كان احتمال وقوع هذه الفتنة من الدواعي التي قد تَمنع شرعًا من ركوب امرأةٍ سيارةً مع زميلِ عملٍ أو أيِّ رجل من معارفها من غير ذوي المحارم، بخلاف سيارة الأجرة، مع أنَّ الظاهر في الحالين أنَّ المعطيات واحدة! وذلك لأنَّ الألفة في السياق الأول تفتح باب الأُنس وداعي التقارب وفرصة تجاذب أطراف كل أنواع الحديث القوليِّ والفعلي (نظرات العيون ونبرة الصوت وإيماءات الجسد فضلاً عن الفَوَران الداخلي متمثلاً في الشعور بالنشوة أو الإثارة وزيادة خفقان القلب … إلخ)، ويندُرُ أن يسلم مثل ذلك الاجتماع من محاذيرَ ومكروهات، إذا لم يقارِب محرّمًا أو يقع فيه!

٣. السياق التعليمي:

ومن أشهر نماذجه -ولعلَّه الأشهر بين سائر أشكال الاجتماع بين الجنسين عامة- المدارس المختلطة، فيكفي أن نُلقي نظرةً على الدراسات الأجنبية المتواترة للتنبيه على محاذير الخلط في ذلك السياق، من ناحيةٍ تعلميةٍ تربويةٍ بحتة. مثلًا: في دراسة لقناة BBC البريطانية[5] عن وقائع التعليم في المدارس المنفصلة والمختلطة، ظهر أنَّ عدد المدارس المنفصلة انخفض للنصف في بريطانيا في آخر ٢٠ سنة بدعوى فتح أبواب التفتُّح العلمي والاجتماعي، ومع ذلك كان معدّل درجات GCSEs للطالبات أعلى باطّراد في المدارس المنفصلة عن نظيراتهن من طالبات المدارس المختلطة، بنسبة ٧٥٪ للمنفصلة إلى ٥٥٪ للمختلطة؛ وذلك عائدٌ بالأساس إلى قدرةِ الأفراد على «التركيز» في الدراسة وبناء صلاتٍ اجتماعية مع الأقران، دون أن يُضاف لهذين عبءٌ ثالثٌ يحتلُّ غالبًا المساحةَ الكُبرى من الاهتمام؛ وهو انطباعات الجنس الآخر ومحاولة التقرُّب منه، وتكوين علاقاتٍ غراميةٍ مع فردٍ فيه، فيما يعرف بظاهرة «الإلهاء الجنسي Sexual Distraction». بل وأظهرت تلك الدراسة وغيرها أنَّ الفتيات في المدارس المنفصلة يُسجِّلن تفوُّقًا لافتًا في المجالات التي يترأَّسُها الشباب عادةً في المدارس المختلطة، أهمها العلوم التطبيقية والرياضيات. وعددُ الفتيات المتَّجهات للمجالات الهندسية والعلمية في المرحلة الجامعية من المدارس المنفصلة ضعف عدد نظيراتهن من المدارس المختلطة. وعللت الدراسة ذلك بما يسمى ضغط الأقران Peer Pressure، إذ هو من العوامل المؤثِّرة بشكلٍ كبيرٍ في الوسط المدرسي في تحجيم الاختيارات الفردية؛ فالنمطُ السائد في المدارس المختلطة يجعلُ اهتمامَ الفتاة بمثل تلك المجالات مسلكًا غيرَ أنثوي خاصةً في نظر أقرانها من الشباب، ويتم وصمهنّ بصفاتٍ تدلُّ على الهَوَس أو غرابة الأطوار: geek, nerd, weirdo, dweeb.

وفي المقابل، تُظهر الدراسة أنَّ شعبيةَ المدارس المختَلَطة ترجع في الأساس للانطباع السائد أنَّها تعين الجنسين على الاختلاط الطبيعي من سنٍّ مبكِّرة، فلا يقعون في فجوة الانفصام بين الحياة المدرسية المنعزلة والحياة الاجتماعية القائمة على مخالطة الجنس الآخر، خاصةً حين يُقبلون على المرحلة الجامعية التي لا تُتاح في غالبها فرصة الفصل، فيتعامل كلُّ جنسٍ مع الآخر بتصوراتٍ مثاليةٍ تخالف الواقع.

حسب الدراسات تسجِّل الفتيات في المدارس المنفصلة تفوُّقًا لافتًا في المجالات التي يترأَّسُها الشباب عادةً في المدارس المختلطة، أهمها العلوم التطبيقية والرياضيات. وعددُ الفتيات المتَّجهات للمجالات الهندسية والعلمية في المرحلة الجامعية من المدارس المنفصلة ضِعف عدد نظيراتهن من المدارس المختلطة

لكن تظلُّ الحقائق والإحصاءات عائقًا أمام القطع بهذه المزية للمدارس المختلطة، إذ تذكر مقالةٌ نشرتها صحيفة الهافينجتون بوست أنَّ «أكثر من ثلث الطالبات تعرَّضن للتحرُّش في المدارس المختلطة»[6]. وفي بحث لمجلة The Educator الأسترالية[7] يقارن بين نوعي التعليم، أنَّ أهداف المخالطة الاجتماعية السويّة التي أُقيمت لأجلها المدارس المختلطة لا تتحقَّق على النحو المرجوِّ في ظلِّ انتشار وقائع حالات التحرُّش والتنمّر والعُنف الجسدي والعُقَد الجنسية. فضلاً عن أنَّ مرحلة المراهَقَة بالذات تتَّسمُ بفَوَران الشهوة والرغبة لدى الجنسين، فتكثُرَ الغرامياتُ والاشتغال بالعلاقات العاطفية وما يعرف بـ «الكراش» Teen Crush[8]، وتصرُّف الطلبة في كثيرٍ من الحالات بعيدًا عن التركيز الدراسي والتحصيل العلمي. بل وينبِّه البحث على أنَّ ثمة فارقًا كبيرًا بين تخصيص فصلٍ للبنات في مدرسةٍ مختلطة، وبين كونِ البيئة الدراسية كلِّها قائمةً على توحيد الجنس، فالأخيرة تخلُقُ «مساحةَ أمان» وتتيح «تفصيل» البيئة بكاملها تعليميًّا وتربويًا لموافقة احتياجات الفتيات.

وصحيحٌ أنَّ جودة العملية التعليمية عامةً تقوم على عواملَ عديدةٍ لا تقتصرُ على جنس الطلبة، مثل نوعية المعلّمين وتجديدات المناهج التعليمية وتنويع الأنشطة… إلخ، إلا أنَّ عامل الفصل والخلط بين الجنسين من أكثرها تأثيرًا ويتجاوزُ أثرها حُدود أسوار المؤسسات التعليمية.

ختـامًا:

لعلَّ هذه الوقفات التطبيقية عند كلِّ سياقٍ تُدلِّل على عمق تفاصيل طبائع الجنسين، ومكامن شهواتهما، وتعدُّد أبعاد مضارّ ومنافع الاحتكاك الاجتماعي بينهما، وعلى خطر الجهل بكل تلك العلوم. ومع ذلك يُقابَل الموضوع بسطحيةٍ واستهانةٍ في النموذج المعرفيِّ العربيِّ بدعوى التفتُّح، أو باستنكارٍ وتجريمٍ في النموذجِ المعرفي المسلم بدعوى الحشمة! مع أنه من العلوم التي لا يسع الفردَ الجهلُ التامُّ بها، وهو لازمٌ للتعاملٍ السَوِيٍّ مع نفسه ثم مع مَن حولَه، ولاتخاذ تدابير صيانة نفسه وغيره في تلك المعاملات.

 


 

أ. هدى عبد الرحمن النمر

كاتبة ومؤلّفة ومتحدِّثة في الفكر والأدب وعُمران الذات.

 


 

[1] تقرير بعنوان: (Can men and women be just friends?) هل يمكن للرجل والمرأة أن يكونا صديقين فحسب؟! من إعداد أبريل بليسكي وديفيد بوس، عام ٢٠٠٠م، نشر جامعة تكساس في أوستن.

[2] من بحث بعنوان: (How our brains see men as people and women as body parts?) كيف تحلل أدمغتنا الرجل بوصفه إنسانًا والمرأة بوصفها أعضاء؟ نشرته مجلة ساينس ديلي نقلًا عن جامعة نبراسكا، ٢٠١٥.

[3] خصوصًا حين يكون هدف المجموعات هو تبادل الدعم النفسي، أو التشارك في إيجاد الحلول للمشكلات.

[4] مقطع مرئي بعنوان: (Working at a $1000/Day Corrupt Rehab | Informer) العمل بمرتب ١٠٠٠ دولار في اليوم، على منصة يوتيوب.

[5] من تقرير للبي بي سي بعنوان: (What Are The Advantages Of Single Sex Schools?) ما هي مميزات المدارس أحادية الجنس؟ BBC Active.

[6] من مقال بعنوان: (More Than A Third Of Girls Have Been Sexually Harassed While At Mixed-Sex Schools, Study Finds) دراسة تبيِّن أن أكثر من ثلث البنات تعرضن للتحرش الجنسي في المدارس المختلطة، هافينجتون بوست ٢٠١٧م.

[7] من مقالة بعنوان: (Co-ed schools perpetuate outdated sexual attitudes) المدارس المختلطة تشجع على استدامة مواقف جنسية عتيقة، نشرتها صحيفة ذا إديوكيتور الأسترالية، ٢٠١٢م.

[8] تعريف crush: تعبير يُفيد الإعجاب أو الهيام بشخصٍ ما، خاصةً من طرفٍ واحدٍ، وترتبط دلالته بمرحلة المراهقة كونها مرحلة فوران العواطف عادةً بطيشٍ وسذاجة. راجع قاموس هاربر كولينز.

X