الإسلام ناسخ لجميع الشرائع السابقة، والنبي محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، وبقاء هذا الدين إلى يوم القيامة معلومٌ بالضرورة، ومن الدلالات الحتمية لهذا الأمر: صلاحية هذه الشريعة لكل زمان ومكان. وبالرغم من وضوح هذا الأمر شرعيًا وتاريخيًا، فإننا نجد بين المسلمين من يُردِّد ما يدَّعيه أعداء الإسلام من عدم صلاحية الشريعة وأدواتها في السياسة والتشريع لعصرنا الحديث!!
مدخل:
عند الحديث عن تطبيق النظام السياسي الإسلامي وإقامة أحكام الشريعة يَعترضُ بعضُهم بقولهم: «إنَّ الشريعة نزلت في إطارٍ زمني قابل لتطبيق أحكامها في حدوده، ومُتعلقة بمعطيات تاريخية لم تعد متحققة في عصرنا، فهناك متغيرات ومستجدات تختلف عما كان عليه الحال في القديم، وبالتالي فإن تطبيقها في الوقت الحالي لم يعد ممكنًا.
كما أنَّ نظام الدولة الحديث ومكوِّناتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية كلها تغيرت عما كانت عليه في السابق، فكيف لشريعة نزلت لعصر سالف وغطت حاجاتِ أزمنة سابقة أن تلبِّي حاجاتنا المعاصرة؟ وكيف لشريعة ثابتة أن تلبي حاجات متغيرة؟»
والمقالة التي بين أيدينا لمناقشة هذه الدعوى من خلال المسائل التالية:
المسألة الأولى: الدعوة إلى النظام السياسي الإسلامي ليست استنساخًا للتاريخ:
الدعوة إلى النظام السياسي الإسلامي ليست رجعية -كما يعبِّر البعض- من خلال العودة إلى حقبةٍ تاريخيةٍ معينة، أو استنساخ مظاهرَ وأشكالٍ ومسمَّياتٍ قديمة، أو العمل على مطابقة الحاضر للماضي بكلِّ ما فيه، فمثل هذه الأفكار لا تثمر إلا دعواتٍ عاطفية، وتصوُّراتٍ بدائية، وتخيُّلاتٍ ساذجة لا تمتُّ للواقع بِصِلة، ولا يمكن أن يقوم عليها مشروع، ولا يقول بها أحدٌ من الداعين إلى تطبيق الشريعة أو المناداة بالنظام السياسي الإسلامي خلا بعض النماذج المشوَّهة للغُلاة ونحوهم، ممن لا اعتبار لهم.
إنَّ التصوُّر الذي يقوم على أنَّ إقامة الشريعة وتحكيمَها لا يكون إلا باستدعاء هيكلٍ معيَّنٍ، أو أسلوب حكمٍ مخصَّص، أو وجود مسمَّياتٍ معيَّنة، كالخليفة، والأمير، والوالي، أو أنه لا يكون ذلك إلا على جميع الأراضي التي امتد إليها حكم المسلمين تاريخيًا، ونحو ذلك، هو تصوُّرٌ خاطئ، فنظام الحكم الإسلامي ليس محصورًا في صورٍ ومسمَّياتٍ رهينة زمنٍ محدَّدٍ أو ظروفٍ معيَّنة، لكنه حقائق يمكن تنزيلها لتجيب عن كل ما تحتاجه الدولة ونظام الحكم فيها ويحقق مصالح الناس في أيِّ عصر من العصور.
بل إنَّ المستقرئ لتاريخ الدولة الإسلامية في كلِّ العُصور يجدُ أنها كانت سابقةً لعصرها متقدِّمةً عليه، ومن الأدلَّة على ذلك أنَّ الدولة الإسلامية لما نشأت في المدينة على عهد الرسول ﷺ كانت نابعةً من المجتمع الذي نشأت فيه، فظهرت فيها التنظيمات الإدارية والوظائف القيادية المعروفة.
وبعد وفاة الرسول ﷺ ظهر نظامُ الخلافة في عهد أبي بكرٍ رضي الله عنه، وهو نظام لا يعني قيادة الناس فحسب، ولا يشبه الأنظمة المعروفة للملك أو الإمارة أو رئاسة القبيلة، بل هو نظامٌ فريدٌ يجمع بين المنصب الشرعي والدنيوي، كما تأسَّس العملُ بمبدأ الشورى في اختيار الخليفة واتخاذ القرارات.
ولما توسَّعت الدولة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وازداد عدد رعاياها ومسؤولياتها، وتنوَّعت أقاليمها، واحتاج الخليفة لضبط شؤون الدولة، اتَّخذ الدواوين، كديوان الجند، والخراج، وانتقلت مؤسسة الشورى لمرتبةٍ أكثر تنظيمًا.
وفي عهد الدولة الأموية اتَّخذ الخُلفاء مساعدين للقيام ببعض الأمور كالوزراء والكتَّاب، وتوسَّعت مؤسسة الدوواين وأصبحت أكثر تنظيمًا وشمولاً، وتعدَّدت التقسيمات والمناصب الإدارية واستقرَّت.
ثم ظهرت أنواع الوزارة من تفويض وتنفيذ في العهد العباسي، وانتقلت وظيفة الكتَّاب والحجَّاب إلى مؤسسة لها شروط لتوليها، وتنظيماتها المختلفة.
ويمكن تتبُّع نشوء وتطور مؤسسات القضاء، والحسبة، وديوان المظالم، والبريد، والأنظمة المالية، والإدارية، والعسكرية وغيرها، والتي كانت الدولة الإسلامية سابقةً لزمانها في كل عصر في تبنيها والأخذ بها وتطويرها[1].
نظام الحكم الإسلامي ليس محصورًا في صورٍ ومسمَّياتٍ رهينة زمنٍ محدَّدٍ أو ظروفٍ معيَّنة، لكنه حقائق يمكن تنزيلها لتجيب عن كل ما تحتاجه الدولة ونظام الحكم فيها، ويحقق مصالح الناس في أيِّ عصر من العصور
المسألة الثانية: الشريعة فيها الثابت والمتغير:
في الحديث عن عدم صلاحية الشريعة لزماننا بسبب ثباتها وتغير الزمن وظروفه خلطٌ بين أمرين:
- نظام الحكم في الإسلام والذي يعني المرتكزات العامة، والتشريعات والقوانين الأساسية التي تسير عليها الدولة في مختلف مفاصلها، كالتشريعات الاقتصادية والقضائية والجنائية ونحوها، وهي تشريعاتٌ ثابتةٌ صالحةٌ لكل زمان ومكان.
- مؤسسات الدولة وهياكلها، وقوانينها التنفيذية الإجرائية، والتي تختلف باختلاف الزمان والمكان، وقد وضعت الشريعة أطرها العامة وتركت تفاصيلها للناس وما يستجدُّ لهم.
فالخلط بين الأُسس والمرتكزات للنظام السياسي في الإسلام، وبين المؤسسات والقوانين الإجرائية التفصيلية، وبين الثابت والمتغيِّر فيها: جهلٌ بطبيعة الشريعة ونظام الحكم فيها، يؤدِّي إلى الوقوع في خطأ استدعاء التاريخ أو استنساخه من كلا الفريقين؛ الذين يُريدون أن يرسموا نظام الدولة الحديثة بمعزلٍ عن التشريعات الإسلامية ويتنكَّرون للثابت منها، والذين يريدون أن يستنسخوا حقبةً تاريخية سابقة بحذافيرها ولم يفقهوا المتغيِّر منها.
وقد جرى توضيح هذا الأمر في مقال سابق[2].
وعليه: فعبارة (الشريعة ثابتة والحياة متغيرِّة) غيرُ صحيحةٍ بهذا الإطلاق؛ فلا الشريعةُ ثابتة في كل أحكامها، ولا الحياة متغيِّرة في كل شؤونها:
فالشريعة فيها الثابت المحكم الذي لا يتغيَّر بتغيُّر الزمان ولا المكان، ومنها ما هو متغيِّر نِسْبِيٌّ وهو من موارد الاجتهاد؛ بل إن منها منطقة العفو التي أحالت فيها إلى التجربة والمصلحة، في إطار من قواعد الشرع الكلية ومقاصده العامة[3].
والحياة كذلك من شؤونها ما هو ثابت، ومنها ما هو متغيِّر متجدِّدٌ؛ فالغرائز الفطرية والحاجات الأساسية للإنسان ثابتة، وسيَظَلُّ الإنسان -ما بَقِيَ الليلُ والنهار، ومهما تغيَّر الزمان والمكان- في حاجةٍ إلى عقيدة يعرف بها سِرَّ وجودهِ واتصاله بخالقه، وإلى عبادات تُزَكِّي رُوحَه وتُطَهِّرُ قلبه، وإلى أخلاق تُقَوِّم سُلوكه وتُهَذِّبُ نفسَه، وإلى شرائعَ تُقِيمُ مَوازِينَ القِسط بينه وبين غيره؛ والذي يتغيَّر من الحياة: الأعراف والتقاليد وظروف الزمان والمكان، وقد تعاملتْ نصوص الشريعة مع الإنسان على هذا الأساس؛ ففَصَّلَتْ له القول في الثابت الذي لا يتغير من حياته، كإقامة العدل وإزالة الجهل وبذل الحقوق وحفظ الأمن والعمل بالشورى، وسكتتْ أو أجملتْ فيما من شأنه التغيُّر والتجدُّد كالتنظيمات الإدارية، والوسائل العصرية، وأساليب التواصل، والتشاور، ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾[4].
الشريعة فيها الثابت المحكم الذي لا يتغيَّر بتغيُّر الزمان ولا المكان، ومنها ما هو متغيِّر نِسْبِيٌّ وهو من موارد الاجتهاد؛ بل إنَّ منها منطقة العفو التي أحالت فيها إلى التجربة والمصلحة، في إطارٍ من قواعد الشرع الكلية ومقاصده العامة
المسألة الثالثة: تحكيم الشريعة لا يتنافى مع الحضارة والمعاصَرَة:
مقولة «الشريعة نزلت في إطارٍ زمنيٍّ قابلٍ لتطبيقِ أحكامها في حُدوده، ومتعلِّقةٍ بمعطياتٍ تاريخيةٍ لم تعُد متحقِّقةً في عصرنا» تنطوي على دعوى: أن نظام الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة يتعارض مع الحياة المعاصرة ولا يصلح لها.
وهذا كلامٌ باطل من وجهين:
١- الوجه الأول: ادِّعاء التعارض بين الشريعة الإسلامية وبين الحضارة والمعاصَرَة غير صحيح:
فنظام الحكم في الإسلام جزءٌ من الشريعة الإسلامية، والشريعة صالحةٌ لكلِّ زمان ومكان؛ فهي الدين الذي أكمله الله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]، وارتضاه لنا دينًا ومنهاجًا.
وهو الدين الذي أُمرنا بالتحاكم إليه والعمل بما فيه إلى يوم الدين، قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: ٤٩]، ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨]، ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]، وقال ﷺ: (إنِّي تركت فيكم ما إنِ اعتصمتم به فلن تضلِّوا بعدي أبدًا؛ كتاب الله وسُنَّة نبيه)[5].
وصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان من مسائل الدين المعلومة بالضرورة، التي أجمع عليها المسلمون بلا خلاف، وهي مرتبطةٌ بالتصوُّر الصحيح عن الكون والحياة وعمارة الأرض، كما أنَّها جزء من مشروع التمكين والدعوة الذي كُلف به المسلم.
قال ابن تيمية: «فإنه قد عُلم بالاضطرار من دين الإِسلام: أنَّ رسالة محمد بن عبد الله ﷺ لجميع الناس: عربهم وعجمهم، وملوكهم وزهادهم وعلمائهم وعامتهم وأنها باقية دائمة إلى يوم القيامة، بل عامة للثقلين الجن والإنس، وأنه ليس لأحد من الخلائق الخروج عن متابعته وطاعته وملازمة ما يشرعه لأمته من الدين. وما سنَّه لهم من فعل المأمورات وترك المحظورات بل لو كان الأنبياء المتقدمون قبله أحياء لوجب عليهم متابعته ومطاوعته»[6].
وقال ابن القيم في بيان كمال الشريعة: «وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبنيٌّ على حرفٍ واحدٍ وهو عموم رسالته ﷺ بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يحوج أمته إلى أحدٍ بعده، وإنما حاجتُهم الى من يبلِّغُهم عنه ما جاء به.
فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص:
- عموم بالنسبة إلى المرسَل إليهم.
- وعموم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه مَن بعث إليه في أصول الدين وفروعه.
فرسالته كافيةٌ شافيةٌ عامةٌ لا تُحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج نوعٌ من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به…
فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمَّته، ولم يُحْوجهم الله إلى أحدٍ سواه، فكيف يُظَن أن شريعته الكاملة -التي ما طرق العالَم شريعةٌ أكمل منها- ناقصة تحتاج إلى سياسةٍ خارجةٍ عنها تُكمِّلها، أو إلى قياسٍ أو حقيقة أو معقول خارج عنها؟! ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده»[7].
طيلة تاريخ الحضارة الإسلامية كانت الشريعة قادرةً على استيعاب النوازل والتطوُّرات والتعامل معها، واستوعبت الجديد النافع مما جادت به التجارب الإنسانية، بما في ذلك التعامل مع شكل الدولة وأنظمتها
والتاريخ شاهد!
فالدولة الإسلامية حكمت مساحات كبيرة من الأرض وشعوبًا مختلفة الأعراق والحضارات طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان تحت ظلِّ الشريعة الإسلامية[8]، وجرى أثناء هذا الحُكم العديد من التغيرات والوقائع والأحداث، وتطوَّرت العلوم والصناعات، وتطوَّرت الحياة، ومع ذلك فلم تكن الشريعة في يوم من الأيام عائقًا في طريق العلم والتطوُّر بل كانت دافعًا للنهوض الحضاري الذي ازدهر وأمدّت أوروبا المعاصرة بالعلوم التي قادتها إلى التطور الذي تشهده الآن.
كما بقيت الشريعةُ قائمةً مطبقةً على مستوى الدولة، واستوعبتها العلوم الشرعية وعلماؤها، ولم تواجه في ذلك مشكلةً وتعذرًا في التطبيق، بل كانت الشريعة قادرةً على استيعاب النوازل والتطوُّرات والتعامل معها، واستوعبت الجديد النافع مما جادت به التجارب الإنسانية في الحضارات الأخرى بما في ذلك التعامل مع شكل الدولة الحديثة.. وما الذي جاءت به الحضارة المعاصرة وفيه مصلحة معتبرة ولم يأخذ به المسلمون بحجّة عدم موافقته للشريعة؟
والدولة الحديثة بما فيها من مؤسسات وأدوات وآليات ليست بدعًا في التاريخ، فالشريعة قادرة على استيعاب الصالح منها وتوليد بدائل للخاطىء منها تحقق مقاصد عليا.
٢- الوجه الثاني: هناك فرق بين النظام السياسي والحضارة:
فالنظام السياسي من ناحية النظرية السياسية يُنظر له من جانب مُناسبته للعصر من عدمه، من زاوية: مدى شموله لفلسفة ومبادئ الحكم النظرية والنظم المناسبة، وهذا ما تحويه النظرية السياسية الإسلامية[9].
أما ما يتعلق بجانب الحضارة: فهذا أمر خارج موضوع النظام السياسي، وهو متعلق بالمبادئ النظرية والفلسفية التي يقوم عليها النظام أو النظرية السياسية، فالحضارة ترتبط بالنظرية الفلسفية أكثر منه من نظام الحكم، لذا فإن الأنظمة الحديثة ترتكز في حضارتها إلى فلسفات وليس إلى مجرد نظم، كالشيوعية والليبرالية وغير ذلك.
فإن كان السؤال أنه هل تتنافى النظرية السياسية في الإسلام مع هذه الحضارة المعاصرة القائمة على هذه الفلسفات والأصول العلمانية والليبرالية؟
فالجواب بكل تأكيد: نعم، فهذه الفلسفات مناقضةٌ للشريعة من الأساس ولهدف إقامة الدولة وإعمار الأرض، والشريعة لا تقبل بهذه الأفكار المنحرفة، وحينها فالتعارض في حقيقته هو مع هذه الأصول الفلسفية، ولا يُسلَّم حينئذ أنَّ هذه الأفكار هي جزءٌ من الدولة الحديثة إلا إذا أريد فرض إيديولوجيا معينة أو نموذج محدد، فكثير من الدول المعاصرة لا تطبق هذه النظريات.
وهذا الأمر ليس خاصًا بالشريعة الإسلامية، فلكلِّ فلسفة رؤية معرفية كاملة، والنظرية السياسية الإسلامية تقوم على فلسفة حضارية كاملة مختلفة عن الفلسفة التي تستند إليها الحضارة العلمانية المعاصرة.
وهذا لا يمنع المسلمين من الاستفادة من نظام الدولة الحديثة، والعمل على تطبيق الشريعة، مع الحفاظ على هويتهم الدينية والحضارية وتجنب تلك الأصول المخالفة للشرع كما سيأتي في الفقرة التالية.
قدَّم العلماء والباحثون الكثير من الدراسات والبحوث التي تناولت المتغيِّرات السياسية المعاصرة، وتنزيل الأحكام الشرعية عليها، وقدَّموا العديد من الحلول لمشاكلها. فليس في الشريعة الإسلامية وعلمائها ضعفٌ أو عجزٌ عن مواكبة التطورات والتغيُّرات والمستجِدَّات
المسألة الرابعة: العجز عن تطبيق كامل الشريعة لا يعني عدم تطبيق أي شيء منها:
قد يقول المعترض: في ظل الدولة الحديثة «العلمانية» لا يمكن تطبيق الشريعة تطبيقًا كاملاً؛ فهناك العديد من المجالات التي ستعجزون عن تطبيق الشريعة فيها كليًا أو جزئيًا، وبالتالي فلن تكون هناك «دولة إسلامية» أو شريعةُ مطبَّقة بالمعنى الذي تريدون.
ويزيد البعض بقوله: إنَّ أكبر عوائق تطبيق الشريعة هي مسألة التقنين؛ لأنها صياغة الأحكام الفقهية بمفردات قانونية غربية، وأنَّ الشريعة في جوهرها روحية تعبُّدية، أما مقاصد التشريع الغربي في جوهرها فهي ماديةٌ بحتة، مما يؤدِّي عند تقنين الأحكام الشرعية إلى اجتزائها أو اختزالها، والخروج بها عن مقاصدها.
ويمكن الإجابة عن ذلك بأمور:
- من القواعد الشرعية: أنَّه «لا واجب مع العجز»، وأنَّ «الميسور لا يسقط بالمعسور»؛ فعدمُ القدرة على العمل ببعضها لا يلغي العمل بالمستطاع منها.
فمتى عمل الإنسان بما يستطيع من تكليفات، وعَجِز عن بقيَّتها: فإنه قد أدَّى ما عليه، ولا يُؤاخَذ بما لا يستطيعه، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وجاء في صحيح مسلم: (أنَّ الله تعالى قال: قد فعلت)[10]. وقال في عموم الأوامر: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].
قال الإمام الشاطبي: «ثبت في الأصول أن شرط التكليف أو سببه: القدرة على المكلف به، فما لا قدرة للمكلف عليه لا يصح التكليف به شرعًا»[11].
وليس هذا من الأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه القائم على التشهِّي والهوى، بل هو من العمل بالمستطاع والمقدور عليه، بسبب العجز وعدم القدرة[12].
- وفي الجانب النظري: قدَّم العلماء والباحثون الكثير من الدراسات والبحوث التي تناولت المتغيِّرات السياسية المعاصرة، وتنزيل الأحكام الشرعية عليها، وقدَّموا العديد من الحلول لمشاكلها[13]. فليس في الشريعة الإسلامية أو
- العاملين في مجالها ضعفٌ أو عجزٌ عن مواكبة التطورات والتغيُّرات والمستجِدَّات، لكنَّ غالب الحال اليوم سببه عدم الرغبة والمنع والإفشال المتعمَّد من الأطراف الأخرى.
وهنا لا بدَّ من التفريق بين القابلية للتطبيق نموذجًا واقعيًا غير مُغرقٍ في المثالية (طوباوية)، وبين عدم القدرة على التطبيق لصعوبات في الواقع:
- أما قابلية الشريعة للتطبيق فهذا ما نتحدث عنه، وهي تختلف عن النماذج غير الصالحة للتطبيق لقصورٍ ذاتي فيها؛ بسبب عدم تضمُّنها للتشريعات، أو احتوائها على تشريعاتٍ تعارض العلم والحياة، والشريعة من هذه الجهة أثبتت قابليتها للتطبيق عصورًا طويلة يدل عليها تاريخنا الإسلامي الطويل.
- أما إن كان الأمر متعلقًا بعدم القابلية للتطبيق لصعوبات الواقع، فهذا يَرِدُ على كلِّ الأنظمة والنظريات السياسية وليس خاصًا بالنظام السياسي الإسلامي، وإيراد الاعتراض هكذا دون التفريق بين الأمرين (القابلية لصلاحية النموذج نفسه، أو عدم القابلية لصعوبات الواقع) هو خلط ومغالطة منهجية لا يمكن التسليم بها.
- عدم إقامة الشريعة وتطبيقها في الدولة والمجتمع هو خللٌ ومنكرٌ عظيم، والواجب على المسلمين عمومًا وأهل العلم والمتعاملين بالسياسة خصوصًا العمل على إزالة هذا المنكر ولو بتخفيفه قدر المستطاع، كما هو الحال في كل منكر[14].
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «فعلى هذا؛ لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفَّار، وعمِلوا على جعْل الولايةِ جمهوريَّةً يتمكَّن فيها الأفرادُ والشّعوب مِن حقوقهم الدِّينيَّة والدُّنيويَّة، لكان أَوْلَى مِن استسلامهم لدولةٍ تَقضي على حقوقهم الدِّينيّة والدُّنيويّة، وتحرِصُ على إبادتها، وجعْلِهم عمَلةً وخدمًا لهم، نعمْ إنْ أمكن أنْ تكون الدولةُ للمسلمين وهم الحُكَّام، فهو المتعيِّنُ، ولكن لعدم إمكان هذه المرتبةِ فالمرتبةُ التي فيها دفْعٌ، ووقايةٌ للدِّين والدُّنيا مُقدَّمةٌ، والله أعلم»[15].
وفي توضيح إمكان السّكوت على ما يخالف الشريعة، وربّما الإعانة عليه إذا ترتّب على ذلك مصلحةٌ راجحة قال العزّ بن عبد السلام: «يجوز الإعانةُ على المعصيةِ لا لكونها معصيةً، بل لكونها وسيلةً إلى تحصيل المصلحة الرّاجحة، وكذلك إذا حصل بالإعانةِ مصلحةٌ تربو على مصلحةِ تفويت المفسدة، ومبنى هذه المسائلِ كلِّها على الضّروراتِ، ومَسِيس الحاجات، وقد يجوز في حال الاضطرار ما لا يجوز في حال الاختيار»[16].
المسلمون ليسوا بين خياري: الأخذ بكل تفاصيل الدولة الحديثة ولو كان على حساب الدين، وبالتالي: عدم تطبيق الشريعة بحجة وجود مخالفات شرعية. أو تطبيق كامل الشريعة دون نقص أو قصور؛ بل هناك خيار ثالث وهو إقامة الدين وتطبيق الشريعة بحسب المقدور عليه وبالقدر المستطاع
وفي عام ١٩٤١م قام الشيخ أحمد شاكر بتوجيه رسالة إلى رجال القانون والقضاة في مصر ينصحُهم فيها أن يحكُموا بشريعة الإسلام ويستبدلوا القوانين الوضعية بالقوانين الشرعية، وختم رسالته قائلاً:
«أما إذا أبيتم -وأُعيذكم بالله أن تأبَوا- فسأدعو رجال الأزهر، علماء الإسلام، رجاله ورجال مدرسة القضاء ودار العلوم، وسيستجيبون لي، وسيحملون عِبء هذا العمل العظيم، وسيرفعون راية القرآن بأيديهم القوية التي حملت مصباح العلم في أقطار الإسلام ألف عام، وسينهضون به كما نهضوا من قبل بكلِّ حركات الرقي والتقدم في الأمة، وفيهم رجالٌ لا يبارَون علمًا وكفاءة وحكمة وعزمًا، وسيجدون الأعوان الصادقين المخلصين منكم رجالَ القانون، ومِن سائر طبقات الأمة، وإذ ذاك سيكون السبيل إلى ما نبغي مِن نصر الشريعة، السبيل الدستوري السّلمي: أن نبُثَّ في الأمة دعوتنا، ونجاهدَ فيها ونجاهرَ بها، ثم نصاولكم عليها في الانتخاب، ونحتكم فيها إلى الأمّة، ولئن فشلنا مرة فسنفوز مرارًا، بل سنجعل مِن إخفاقنا -إن أخفقنا في أول أمرنا- مقدمة لنجاحنا، بما سيحفز من الهمم، ويوقظ من العزم، وبأنه سيكون مبصرًا لنا مواقع خطونا ومواضع خطئنا، وبأن عملنا سيكون خالصًا لله وفي سبيل الله. فإذا وثقت الأمة بنا ورضيت عن دعوتنا واختارت أن تحكم بشريعتها طاعة لربها، وأرسلت منا نوابها إلى البرلمان فسيكون سبيلنا وإياكم أن نرضى وأن ترضوا بما يقضي به الدستور، فتلقوا إلينا مقاليد الحكم، كما تفعل كل الأحزاب إذا فاز أحدها في الانتخاب؛ ثم نفي لقومنا -إن شاء الله- بما وعدنا، من جعل القوانين كلّها مستمدة من الكتاب والسنة.
ومن بشائر الفوز وأمارات النجاح، بإذن الله: أن رأينا كثيرًا من ذوي الرأي يقولون بقولنا، ويتمنون أن تستجاب دعوتنا، ويرجون أن تعود الأمة إلى دينها وشريعتها، وأن بعض الجمعيات القوية جعلت هذا المقصد من أهم مقاصدها»[17].
المسلمون ليسوا بين خياري: الأخذ بكل ما نادت به الدولة الحديثة ولو كان على حساب الدين، وبالتالي: عدم تطبيق الشريعة بحجة وجود مخالفات شرعية في الدولة الحديثة. أو تطبيق كامل الشريعة دون نقص أو قصور؛ بل هناك خيار ثالث وهو إقامة الدين وتطبيق الشريعة بحسب المقدور عليه وبالقدر المستطاع[18].
وهنا لا بدَّ من التنبُّه إلى أمور:
- أخذ مسألة تطبيق الشريعة بعين الاعتبار والاهتمام، وعدم الركون إلى الكسل بحجة عدم القدرة.
- عدم الانجرار إلى الابتذال في التأويل والتنازل عن الثوابت بحجَّة الضرورة والمصلحة، كتعطيل الحكم بالشريعة، أو إقرار قوانين مخالفة لها بحجة مصلحة الدولة، أو إسباغ الشرعية على الحاكم الظالم الخارج عن شرع الله، أو عقد التحالفات مع الكيانات والدول المحاربة لشرع الله، لمصالح حزبية ضيقة، أو بحجة السماح للدعوة بالعمل، ونحو ذلك.
وهذا لا يمنع المسلمين من الاستفادة من نظام الدولة الحديثة، والعمل على تطبيق الشريعة، مع الحفاظ على هويتهم الدينية والحضارية وتجنب تلك الأصول المخالفة للشرع.
- أما ما يتعلق بعدم صلاحية أحكام الشريعة للتقنين:
فهذا الأمر غير مُسلَّمٍ به بإطلاق؛ فمع صِحة الحديث عن الفروق بين أساس تشريع القوانين الغربية وأساس تشريع الأحكام الشرعية، إلا أنَّ هذا لا يعني عدم إمكانية التعامل معها، أو تقنينها، وما جهود الفقهاء في تقنين أحكام الأسرة والمعاملات المالية إلا دليلٌ على إمكانية ذلك.
كما أنَّ الشريعة لا تقتصر في حُكمها بين الناس على مجرَّد الأحكام والقوانين، بل تعتمد على منظومة متكاملة من الأخلاق والآداب، وربط العمل بالثواب الأخروي، ونحو ذلك.
كيف يترك المسلمون نظامًا يثقون في مصدره، ويعلمون إحاطتَهُ بما يصلُح للبشر ويُسعدهم، وعاشوا في كنفه قرونًا، وحقق لهم السعادة والتقدم والرقي، وشهد العالم بعدالته، ثم يجرِّبون قوانين وأنظمة بشرية يعتريها النقص والخطأ، وما زال أصحابها يكتشفون خطأ كثير من قوانينها؟!
وختامًا:
فإنَّ ادِّعاء أنَّ النظام السياسي الإسلامي ومسائل السياسة الشرعية لا تصلُح لهذا الزمان يؤدِّي إلى نتيجةٍ مفادها: أنَّ أحكام الشريعة الإسلامية بمُجملها حالةٌ تاريخية مضتْ وانقضتْ، وأنها غيرُ صالحة للتطبيق في أي زمان أو مكان مختلف، وهي دعوى أثارها المستشرقون للطعن في الشريعة الإسلامية، وقد بيَّن أهل العلم والمفكِّرون تهافُتها ونقضوها.
كما يؤدِّي إلى ادِّعاء أنَّ الشريعة غيرُ شاملة ولا كاملة، وأنَّه يجوزُ الخروج عن أحكام الشريعة في المسائل السياسية، وفي هذا خروجٌ عن الدِّين، وطعنٌ في حِكمة الله تعالى وكمالِ عِلمِهِ حيثُ رضيَ لنا دينًا ناقصًا وألزمَنا بالعمل به إلى يوم القيامة -حاشاه-، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: «فلفظ الشرع والشريعة إذا أريد به الكتاب والسنة؛ لم يكن لأحد من أولياء الله ولا لغيرهم أن يخرج عنه، ومن ظن أن لأحد من أولياء الله طريقًا إلى الله غير متابعة محمد ﷺ باطنًا وظاهرًا فلم يتابعه باطنًا وظاهرًا فهو كافر»[19].
وبالمقابل: كيف يترك المسلمون نظامًا يثقون في مصدره، ويعلمون إحاطتَهُ بما يصلُح للبشر ويُسعدهم، وعاشوا قرونًا في كنفه، فحقق لهم السعادة والتقدم والرقي، وشهد العالم بعدالته، ثم يجرِّبون قوانين وأنظمة بشرية يعتريها النقص والخطأ، ما زال أصحابها يكتشفون خطأ كثير من قوانينها، ويضيفون عليها ويُعدلون، ويجعلون العالَم حقول تجارب لمخرجات عقولهم الناقصة وأمزجتهم المتقلبة؟!.
لقد شقي العالَم بعد تراجُع الدور الحضاري للإسلام بشريعته العادلة، فشهد أسوأ الأنظمة وأكثرها جرمًا؛ وقامت أنظمة استعمارية شمولية احتلت البلدان وقتلت ملايين البشر واستعبدت الإنسان وانتهكت حرماته، وأشعلت أفظع الحروب التي جرِّبت فيها أفتك الأسلحة، وحُورب فيها الإيمان بالله تعالى وفضائل الأخلاق، حتى وصلت تجاربهم إلى تشويه الفطرة ونظام الأسرة ومحاربته.
فعن أي قوانين يتحدثون، وأيَّ شريعة يحاربون؟!!
د. عماد الدين خيتي
باحث ومتخصص في الدراسات الإسلامية، نائب رئيس مجلس الإفتاء في المجلس الإسلامي السوري.
[1] للتوسع ينظر على سبيل المثال كتاب: النظم الإسلامية، للدكتور حسين الحاج حسن.
[2] ينظر مقال: هل يوجد في الإسلام نظام حكم؟ للكاتب، مجلة رواء، العدد الثالث عشر.
[3] ينظر مقال: الظنيات بين الثوابت والمتغيرات، د. عمار العيسى، المنشور في مجلة رواء بالعدد الأول.
[4] ينظر: شبهات حول تطبيق الشريعة الإسلامية، د. صلاح الصاوي، ص (٥٠).
[5] سيرة ابن هشام (٢/٦٠٤)، وأخرج مسلم (١٢١٨): (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله).
[6] مجموع الفتاوى (١١/٤٢٢-٤٢٣).
[7] إعلام الموقعين (٤/٢٨٥-٢٨٦).
[8] قد يعترض معترض قائلاً: خلال هذه القرون لم تكن الدول على مرتبة واحدة في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، وهذا الأمر غير مسلم به؛ فخلال هذه القرون بقيت الشريعة هي الحاكمة في عامة شؤون الدولة والمجتمع، والضابطة لشؤون الحكم والحاكم، ولم يحدث أن نُحيت بالكلية، أو غيرت قوانينها إلى قوانين وضعية كما حصل في العصر الحالي، مع التسليم بوقوع نقص وخلل في عدد من التطبيقات التي خرجت عن هذا العموم، لكنه لا يلغي الأصل ولا ينقضه.
[9] ينظر مقال: النظرية السياسية الإسلامية مقارنةً بالنظريات السياسية الحضارية، أ. ياسر المقداد، مجلة رواء، العدد الخامس.
[10] أخرجه مسلم (١٢٦).
[11] الموافقات (٢/١٧١).
[12] وبهذا يتبين عدم دقة العبارة التي يرددها البعض «خذوا الإسلام كله أو دعوه كله».
[13] إنَّ بذل الجهد في إيجاد الحلول الشرعية للمتغيرات السياسية على درجة عالية من الأهمية، فهو وإن كان في بدايته غير شامل، أو فيه ضعف أو قصور، فإنه لابد أن يثمر في نهاية المطاف نتائج إيجابية، أما الاستكانة للواقع المر دون إنكار المنكر، أو التحرك العملي لتغيير الواقع فهو غير مثمر، ومثل ذلك: لو أن العاملين في مجال الاقتصاد والعلوم الاجتماعية تحركوا بإيجابية ومسؤولية عالية في مجال «أسلمة» هذه العلوم، وإيجاد بدائل وحلول شرعية لمنتجاتها لكنا الآن أوجدنا منتجاتٍ اقتصادية إسلامية، أو علومًا اجتماعية إسلامية، على الرغم مما يعتريها من نقصٍ أو خلل.
[14] وينظر: شرح التوصيات الختامية لندوة «رؤيةٌ شرعيةٌ في المصطلحات السّياسية المثيرة للجدل» المنعقدة في استانبول يوم الأربعاء ٣ ربيع الثاني ١٤٣٧هـ الموافق لـ١٣ كانون الثاني ٢٠١٦م. على موقع هيئة الشام الإسلامية.
[15] تفسير السّعدي «تيسير الكريم الرحمن» ص (٣٨٨).
[16] قواعد الأحكام في مصالح الأنام (١/٨٧).
[17] الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر: لأحمد شاكر، ص (٤٠-٤١).
[18] وحين يعمل الناس بالقدر المستطاع فإن عملهم كله يوصف بأنه مشروع، وليس فقط جزء الاستطاعة منه، فلا يأثمون بذلك، ينظر مقالة: المشروع الإسلامي والمشروع الوطني، مجلة نور الشام، العدد الرابع والخمسون، د. معن عبد القادر.
[19] مجموع الفتاوى (١١/٢٦٣).