لم يكن علم النفس الحديث نتاج صدفة، بل كان وليد تحوُّلٍ جذريٍّ في المعرفة الغربية، غير أنَّ منطلقاته وأدواته في دراسةِ الإنسان وإصلاحِ شؤونه لم تراعِ طبيعته الغيبية من حيث كونه جسدًا وروحًا، ما استدعى علم النفس الإسلامي النظر إلى الإنسان من منطلق شمولي، يراعي طبيعته الإنسانية الموصولة بحقيقته الغيبية، وعليه فهذه مقالة نقدية تبحث الأسس التي قام عليها علم النفس الغربي المجرَّد، والإشكاليات التي واجهها، وحلولها من علم النفس الإسلامي المسدَّد
مقدمة:
يعد علم النفس من أبرز العلوم التي اكتسبت حظوةً في المشهد العلمي المعرفي؛ لأنه قدَّم دراساتٍ حديثةً غير مسبوقةٍ؛ متوسِّلاً في ذلك بمجموعةٍ من الأدوات والوسائل (معرفية، نفسية، تجريبية…) على نحو يتيح له القدرة على تفسير وفهم جُلّ الظواهر والسلوكيات الإنسانية.
غير أن هذه الدراسات نُسجت على فلسفة المناهج الوضعية التي اتَّسمت منذُ نشأتها بنظرتها العُدوانية تجاه كُلِّ فكرٍ يبني تصوُّراته ورُؤاه على مخرجات الفكر الديني لتفسير الواقع الاجتماعي والسلوك الإنساني.
ومن هنا نُسجت فكرة المقال من دراسة علم النفس الغربي المُجَرّد([1]) عن أصل مُكَوّنِ الخِلْقِة والخَلق والمكتفي بتحليل وتفسير الظواهر والسلوكيّات تفسيرًا لا يتعدَّى الأسباب المادية الحسيّة من خلال التجريب؛ قصد تحقيق كمالات للذات الإنسانية، إلى النظر في خصوصية المشروع المعرفي الإسلامي المُسَدَّد([2]) بأنوار الوحي؛ وما يمكن أن تقدمه هذه الخصوصية المعرفية لفضاء علم النفس، سعيًا للانفتاح على إنسانية الإنسان.
ومن أجل استيعاب ذلك عملنا على الربط بين مفردات ومفاهيم فلسفة علم النفس الغربي وبين التصور والخصوصية المعرفية (الإبستمولوجيا)([3]) الإسلامية، مع الوقوف عند بعض الوقفات التي تميز طبيعة الرؤية الإسلامية عن الرؤية الغربية، والتي ترسم معالم وجوهر النمط المنهجي المعرفي الإسلامي في التعاطي مع السلوك الإنساني وفق خصائص يُراعى فيها كل من الجانب الروحي (عالم الغيب) والمادي (عالم الشهادة).
علم النفس بين الرؤية الغربية والرؤية الإسلامية:
تهتم مدرسة علم النفس الغربي بدراسة الإنسان من خلال بُعدَين اثنين لا يمكن الفصل بينهما، بُعْدٌ يهتم بطبيعة التربية الثقافية التي نشأ فيها الإنسان، وامتلك من خلالها قِيَمَه المعرفية فيما يسمى بالمدرسة السُّلوكية، وبعدٌ آخر يهتمُّ بدراسة السلوك العقلي والنفسي الكامنِ في الذات الباطنة وآثاره على الأداء والسعي الشمولي للإنسان فيما يسمى بالمدرسة المعرفية.
إنَّ الدعوةَ التي بدأها محمد عثمان نجاتي إلى التأصيل لعلم نفسٍ إسلاميٍّ من خلال كتابه “الإدراك الحسي عند ابن سينا”([4])، يُمكن أن تُخلف أثرًا بليغًا في هذا العلم، ولعلنا نستعرض بعضًا منها من خلال وقفاتٍ تتيح التأمل في المميزات التي قد تأتي بها هذه الرؤية الإسلامية.
الوقفة الأولى: وصل المُدركات الحسية بـ “الغيب”:
وذلك دون الحاجة إلى البرهنة على كل حادثةٍ أو سلوك من داخل إطار معين سلوكيًّا كان أو معرفيًا نفسيًا، فالمقصد هو الانفتاح على عنصر الغيب الذي يقتضي الأخذُ به مراعاةَ الفطرية الكامنة في كل إنسانٍ يقوم في ذهنه “تساؤل وجودي بصفة فطرية، فما أن يبدأ في التعامل مع البيئة الكونية تعاملاً عقليًا حتى يَرِدَ على خاطره سؤالٌ ذو ثلاثِ نقاطٍ أساسية: مأتى العالم ومصيره وحقيقة حركته فيما بين المأتى والمصير”([5]) الشيء الذي فُقد في التفسيرات الغربية؛ التي أغرقتْ في تجريدِ وتصويرِ كلِّ الأفعال والسلوكيات الإنسانية تفسيرًا عقليًا ماديًا محضًا، يُطَوِّقُ فطرة الإنسان وينفصل به عن أصل خلقته، بل ويفصل أيَّ رابطٍ يجمع بينه وبين توجُّهه إلى إلهٍ يتَّصف بصفات الكمال تتوق النفس إلى الخضوع له ولأوامره وأحكامه.
الوقفة الثانية: وصل الإنسان بروحه (إحياء روحه):
ويقتضي ذلك ربط عُنصرَي المادة والجسد بالروح، على أن يكون كلُّ فعلٍ إدراكي موصولاً بالقلب، وإذا تحقَّق هذا الربط وامتلأ وجدانُه به أورثه ذلك الإيمان الروحي الدفاق؛ الذي يمازج الأفعال والسلوكيات؛ والذي يجعله يُقبل على كل فعلٍ بنظرٍ إيماني توَّاقٍ إلى الندى الوجداني الكامن في الروح التي تناشد آفاق الكون والسماء، وهذا النسق الذي شطَّت عنه المدرسة الغربية التي فسَّرت السلوكيات والأفعال، بل وحتى الأحاسيس والطبائع الشعورية والصدمات النفسية من ضعف وفزع وحزن؛ على أنها نتائجُ لأفعالٍ ناتجةٍ عن مجموعة سلوكياتٍ سابقة، فعلى سبيل المثال: المدرسة السلوكية التي تفسر سلوك الإنسان بالمثير والاستجابة، والمدرسة الفرويدية التي كانت تُرجع الصدمات النفسية إلى الماضي العميق الذي يؤثر في نشأة وثبات الذات.
الوقفة الثالثة: تجديد إنسانية الإنسان:
من خلال الإيمان بوجود الله تعالى والإيمان بأنه الخالق لكل شيء، المتصرف في الكون، الذي له مطلق العبودية، المتَّصف بصفات الكمال، إذا تحقَّق هذا المعنى اهتدى إلى الصراط المستقيم الذي يؤدِّي إلى استكمال الإنسان إنسانيَّتَه، وهو سعيُ حفظٍ للأمانة التي تحمَّلها، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: 72].
الوقفة الرابعة: العودة للمقوِّم الثابت (البلاغ القرآني):
والتأمل في كلِّ ما سبق يُفضي إلى أن بلاغ الرسالة القرآنية هو الذي يحقِّق الاستيعاب بما سلف، ويؤكِّد العلاقة بين هذه الغايات السامية والهدايات الربّانية التي تسدِّد الإنسان إلى الصراط المستقيم، حيث “إنَّ الشعور بالمعنى الرسالي للقرآن، إنَّما يتحقَّق لك على المستوى النفسي؛ إذا تصورت طبيعة الوجود البشري، ذلك أنَّ الإنسانَ إذ جاء من عالم الغيب، قد أحاطت به حُجُب عالم الشهادة ففقد الاتصال بأصله الغيبي؛ إلا ما كان من نداء الفطرة الخفي في قلبه. ….
جاءت الرسالة من عالم الغيب لتربط الإنسان بأصله الحقيقي ولتُشعره بسَعَة الكون، وربوبية الخالق عز وجل المحيطة بكل شيء، ثم لتُعلمه بقصته كاملةً من النشأة حتى المصير”([6]).
ولا تقتضي نظرية أسلمة علم النفس من خلال بعث مفاهيمَ علميةٍ جديدةٍ -تُراعي الفضاء الإسلامي وتُضاهي المفاهيم الغربية- حَجبَ حُقبةٍ من الزَّخَم العلميِّ المعرفيِّ الغزير الذي توصَّل إليه النِّتاج الغربي، بل إلى النظر في عُمق هذه “النظريات التي لا تخلو من فائدةٍ علميةٍ بعد أن قطعت شوطًا في مسيرتها العلمية، وبعد الإنجازات التي حقَّقتها في تعميق المعرفة الاجتماعية”([7]) بُغية تقويم هذا الإرث المعرفي الغربي ذي الحمولة التاريخية من خلال نقد مناهجه وإعادة النظر في طبيعته المعرفية، بما يتلاءم مع طبيعة المناهج الإسلامية التي تؤصل وتُشكِّل المعرفة الإسلامية.
وعليه؛ فليس المقصدُ من نقد مناهج علم النفس هدمَ الأُسُس الثابتة والبناء عليها؛ بقدر ما هو توسيع دائرة المعارف الإنسانية والانفتاحُ عليها؛ مما يحقِّقُ مقصدَ الارتواءِ والاستمدادِ من المناهج الحديثة وسائلَ تُثري التراثَ المعرفي الإسلامي، وفق ضوابطَ ولوازمَ لا تتعارض مع طبيعة المجال التداولي الإسلامي.
ليس المقصدُ من نقد مناهج علم النفس هدمَ الأُسُس الثابتة والبناء عليها؛ بقدر ما هو توسيع دائرة المعارف الإنسانية والانفتاحُ عليها؛ مما يحقِّقُ مقصدَ الارتواءِ والاستمدادِ من المناهج الحديثة وسائلَ تُثري التراثَ المعرفي الإسلامي، وفق ضوابطَ ولوازمَ لا تتعارض مع طبيعة المجال التداولي الإسلامي
الإشكالات المنهجية (للرؤية الغربية):
اتخذ المنهج العلمي الغربي في التشكُّل والتطوُّر طريقًا محفوفةً بالتحدِّيات والصعوبات؛ صَحِبتها العديد من التغيُّرات في طُرق البحث العلمي ومناهج الاستدلال على القضايا المعرفية والاجتماعية، بعد أن تدرَّجت في الانفصال عن سُلطة الكنيسة إلى التخلِّي عن معالم الدين بشكلٍ كُليّ، مع حفظ الأخلاقيات التي تُشكِّل جوهره في قالبٍ يُغيب معالم الدين، أثناء بناء النظريات الوضعية القائمة على أسس وضوابط تراعي طبيعة المنهج الاستدلالي للعقلانية التجريدية، ومع هذا؛ فإنَّ الفضاءَ الغربيَّ قد أخفق في استبدال المنهج المعرفي للكنيسة اللاهوتية التي كانت “تعتبر كل أسلوبٍ خارج عن ذوق الكنيسة يعتبر أسلوبًا غيرَ علمي”([8]) بصفةٍ كُلية ترسم حدودًا تاريخيةً واضحةَ المعالم بين الحقبة المعرفية اللاهوتية وحقبة التوجُّه إلى سلطة المناهج الطبيعية التجريبية، “وهذا واضح في ثورة الإصلاح الديني؛ فالبروتستانت رجعوا إلى الدين المسيحي دون التوسط بالكنيسة.. إذًا الانفصال الأول كان انفصالاً عن الكنيسة لصالح العودة إلى الدين المسيحي. ثم جاءت محاولة ثانية هي الانفصال عن المسيحية مع حفظ الصلة بمبدأ الدين.. ثم هنالك انفصال ثالث، وقد كان انفصالاً عن مبدأ الإيمان الديني مع حفظ الصلة بالأخلاق التي يتضمنها الدين.. فهذه المحاولات كلها تدل على أن الانفصال لم يحصل دفعة واحدة أولاً، بل حصل على التدريج، ولم يكن انفصالاً كلياً، بل كان جزئياً”([9]).
وعليه؛ يتبيَّن انطلاقًا من النظر في طبيعة الفضاء العام الذي شكَّل قوالبَ الثقافة الغربية أنَّ هذه السمة التي طبعت التداول المعرفي الغربي، كانت تقتضي الانتقال من سلطة الكنيسة وحكم رجال الدين إلى “اتخاذ النموذج الطبيعي سلطةً مرجعيةً تبني عليها أُسُسَها المنهجية، وتستبعد كل الأنساق المعرفية الأخرى القائمة على الدين”([10])، إلا أن هذا الانتقال من المنهج الديني إلى المنهج الوضعي تخللته العديد من الإشكالات المنهجية التي ميزت طبيعة مادته المعرفية، وهذه بعض منها:
- عقلنة المناهج العلمية:
لا شك أنَّ السمة التي طبعت الانتقال الذي سعى إلى القول بفصل المناهج الدينية -الإنسانية- عن تفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية وناهض من أجل تبني العقلانية الديكارتية المجردة؛ خلّف أثره البالغ في طبيعة المعرفة الكونية، من حيث هيمنة سلطة العقل على المعرفة، انطلاقًا من إعمال النظر العقلي في تحليل وتفسير الظواهر الطبيعية والسلوكيات الاجتماعية، إلا أنه لم يخلُ من إشكالاتٍ منهجيةٍ أفضت إلى استغلاقه؛ لكثرة غوصه في التجريد دون اعتبارٍ للفوارق الجوهرية بين العلوم النظرية والذات والجماعات الإنسانية.
إنَّ التعصُّب للعقلانية تعصُّبٌ لطبيعتها التجريدية، هذه الصفة التي تأتي لإقصاء وتهميش كلِّ ما هو خارجٌ عن نطاق حدود العقل المجرَّد من المعاني الغيبية والشواهد النقلية الحسية التي لا يمكن الاستدلال على قطعيتها في ضوء نموذج المناهج الطبيعية.
وقد أفضى اعتبار الحسِّ طريقًا لتحصيل المعرفة ومصدرًا لها إلى تقديس التجربة؛ على اعتبار أنها تحقق الاتصال المعرفي اليقيني؛ لا تتم المعرفة إلا إن تم اخضاعها لمعايير التحليل والتجريب وإنزالها من حيّز التجريد إلى حيِّز التجربة. وعليه فإنَّ إمكان تحصيل المعرفة اليقينية بالوسائل العقلانية من خارج حدود النظر العقلي والتجريبي لا يُمكن اعتبارُه بحال من الأحوال.
ويفضي القول بانعدام حصول المعرفة إلا من طريق التفاعل بين الحس والتجربة إلى حجب صفة العقلانية عن كل ما هو خارج عن نطاق حدود المادية.
ولا تتم المعرفة القطعية اليقينية في الفكر الغربي إلا من نافذة الفعل الشكِّي القائم على قاعدة: “اليقين لا يثبت إلا بمبدأ الشك في طبيعة المعرفة”، التي لا يُتحصل التصديق بها إلا إن حقَّقت مسلَّمة الانطلاق من العقلانية التي تحجُبُ كُلَّ المفاهيم والمعاني الغيبية، ومن الآفات التي تصحب التوجُّه الشكِّي المعرفي: السقوط في عدميّة تحصيل المعرفة اليقينية.
القولُ بفصل المناهج الدينية عن تفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية خلّف أثره البالغ في التوسُّع في إعمال النظر العقلي في تحليل وتفسير الظواهر الطبيعية والسلوكيات الاجتماعية، إلا أنه لم يخلُ من إشكالاتٍ منهجيةٍ أفضت إلى استغلاقه؛ لكثرة غوصه في التجريد دون اعتبارٍ للفوارق الجوهرية بين العلوم النظرية والذات والجماعات الإنسانية
- علمنة المناهج العلمية:
صورة الفصل بين الدين والدنيا اليوم تكاد تكون من البديهيات المسلَّم بها لدى الإنسان الغربي، وهذه الصورة الإقصائية التي رسَّختْها العلمانية جعلت من العمل الديني مفهومًا ينحصر داخل فضاء مغلق لا سلطة له ليتفاعل مع الفضاءات الاجتماعية، وقد يُسمح بأن يؤتى إليه بينما يُمنع أن يأتي إليهم، وعليه كان “طابعها العام هو حجز الدين عن التمدُّد أو نفيُهُ كليّةً من الوجود”([11]) بعد أن كان هو السلطةَ التشريعيةَ الأولى الحاكمةَ للحياة الاجتماعية بين الجماعات؛ يقول الفيلسوف هنري برجسون: “لقد وُجد وتوجد جماعةٌ إنسانيةٌ من غير علومٍ وفنونٍ وفلسفات، لكن لم توجد قطُّ جماعاتٌ بدون ديانة”([12]).
حتى وإن كان هذا الفصل حقيقةً، إشكاليةَ صِرَاعٍ غربي بين أرباب العلمِ الوضعي ورجالِ الدين الكنسي، إلا أنه أحدث تشويهًا في الذات الإنسانية التي عجز العلم الطبيعي إلى حدِّ اللحظة (الذي لا يؤمن بنجاعة المعتقدات الدينية) عن تلبية احتياجاتها النفسية والفطرية، مما أدَّى إلى استغلاق الآفاق عليها أمام مغرياتٍ شتى من الحياة المادية.
الواقع أن حقيقة التهديد الذي تضمَّنته العلمانية لم يكن فحسب من طريق الفصل بين الدين والدنيا، ولا من طريق العقلنة العلمية، إنما التهديد في التمييع الذي وَسَمَ مفهوم الحريات التي أفضت إلى تقديس الذات حدَّ التأليه، إلى أن أضحت الإنسانية تعيش نوعًا من العبودية للذات، ولن نأتي بعجيبٍ إن قلنا: إنها إله العصر الحديث، ففي فترة حكمها أضحى الإنسان عبدًا لذاته يسير مغشيًّا عليه من سطوة ما تُمليه عليه شهواته، “هذا الإنسان الذي يئنُّ تحت ضربات اللامرجعية المتسامية عن العالم، واللاقداسة الناهشة لوجوده، يتحرَّك بلا مُوجِّهٍ ذاتيٍّ، ويسير إلى غيرِ غايةٍ كبرى. لقد تحوَّل العالم الذي يحتويه إلى متاهةٍ كبرى بلا معالمَ ولا اتجاهات”([13]).
الفصل الغربي بين الدنيا والدين أحدث تشويهًا في الذات الإنسانية التي عجز العلم الطبيعي (الذي لا يؤمن بنجاعة المعتقدات الدينية) إلى حدِّ اللحظة عن تلبية احتياجاتها النفسية والفطرية، مما أدَّى إلى استغلاق الآفاق عليها أمام مغرياتٍ شتى من الحياة المادية
- التزام الموضوعية التجريبية في تفسير سلوك الذات الإنسانية:
في عصر التحديث الاجتماعي وهيمنة النموذج الطبيعي الوضعي على حساب النموذج التشريعي الإلهي على الساحة العلمية، لم يعد يُرى للإنسان من إنسانيته إلا شطرُها المادي، ولو تأمَّلنا قليلاً في الوسائل العقلية التجريبية، سنجد أن الإنسان وُفق هذه الرؤية ما هو إلا ذاتٌ تتَّسم بمظاهر وبواعث خارجيةٍ صِرفة لا يُمكن التعرُّف عليها إلا من طريق الحسِّ والتجربة، “وبذلك تكون الدعوة إلى تبني النموذج الطبيعي والتركيز على المظاهر المادية للسلوك الإنساني دون الدوافع الداخلية الموجِّهةِ لهذا السلوك لتحقيق صفة العلمية في العلوم الإنسانية دعوة فارغة المضمون، إنَّ الوضع الطبيعي أن تتحقق هذه العلمية في التزام النظرة الكلية التي تعكس حقيقة الإنسان بدوافعه ومظاهره”([14])، وقد أدَّت هذه التفسيرات العقلية التجريبية إلى تجريد الذات الإنسانية من صفاتها الروحية والغيبية واختزالها في السلوك الخارجي الذي يراعي طبيعة المنهج الاستدلالي للمناهج الوضعية.
- الفصل بين الذات والروح:
في حين تركَّزت جُلُّ الدراسات الاجتماعية والتحليلات السلوكية بتجلِّياتها العِلمية على أثر السلوك الفرديِّ الخارجي على الذات الإنسانية، نجد أنها قد سَحَبت البِساط وضيَّقت آفاقَ المعنى الكونيِّ للوجود الإنساني، مختزلةً الذاتَ الإنسانية في الفعل السلوكي الخارجي، لتكون بذلك ذاتًا ماديةً لا يُرى منها إلا ظاهرُها.
“وعندما حاول علماء الاجتماع تطبيق النموذج الطبيعي على الظواهر الإنسانية كانوا يُركِّزون على الظواهر الملموسة والمحسوسة في الإنسان والممثَّلة في سلوكهم الظاهري القابل للإدراك والمشاهدة دون النفاذ إلى بواعث هذا السلوك، ودون نفاذٍ إلى الجوانب المعنوية والروحية للإنسان، ولذلك جاءت النتائج التي انتهت إليها الدراسات الاجتماعية نتائجَ مُشوِّهة لحقيقةِ الإنسان؛ لأنها اختزلته في جانبه المادي الملموس فقط، ولم تر في القيم الروحية التي يَدين بها الإنسان سوى بعض المظاهر السلوكية التي يُمارسها على شكل طقوسٍ وشعائرَ فسَّرها علماء الاجتماع بالعادات”([15]).
فهذا التأسيسُ الذي لا يُدرك حقائقَ الذات الإنسانية المشتمِلة لصفاتٍ خارجيةٍ تتمثَّل في السلوكيات الحسية، وأخرى باطنةٍ تعكس السماتِ الوجدانية والنفسية والعاطفية، يجهلُ حقيقةً الإنسانَ الذي يرقى عن أن يأكل من فتات المادة، الراغب ببحثه عن درجات المعاني الغيبية المتعالية عن دركات الدنيا الدنيَّة الفانية.
وعليه فلن يتم استيعاب جوانب الذات الإنسانية في النموذج الطبيعي، إلا إن تمَّ وصلُ سلوكها الخارجي بالبُعد الروحي، ومن غير هذا المنهج لن يتوصل الإنسان إلى تحقيق كمال إنسانيته التي تئن من الداخل وسط سطوة وهيمنة العُنصر المادي.
- الفصل بين الذات والغيب:
رؤية الذات من دون آفاق غيبية موصولة، تحل محلها النفعية الذاتية والولع بالفردانية، وتؤدي إلى تهميش العلاقات الاجتماعية في عالم مستهلك يقضي بتقديم حاجاته المادية للفرد المتجاوز بفردانيته كل الروابط الغيبية والعلاقات الاجتماعية.
حينما تم الانفصال بالذات عن الجذور التي تصلها بآفاقها الغيبية، وسادت الخيارات الفردية القائمة على استباحة كل ما حرمه الدين، تجلت في سماء الغرب سحابة الجشع المادي الاستهلاكي الطامح لتحقيق اللذة والشهوة الذاتية بمختلف الطرق بُغيَة تحقيق كمال الشهوانية واللذة النفسية أولاً، ومن أجل التخفيف من سطوة ووطأة الفراغ الروحي وتعاسة الإنسان القابع في مستنقع من العبث المادي من ناحية أخرى.
وما هذا إلا نتيجة تسلط العقل المجرد على تحليل وتفسير ظواهر الحياة الاجتماعية، ولا يمكن استعادة هذه الذات الإنسانية إلا باستعادة إنسانيتها وربطها من جديد بآفاقها الغيبية، وكذا بأن يعاد العقل المجرد إلى أصله الفرعي حتى يكون مسدَّدًا بأصله الغيبي.
ويقتضي اعتبارُ النسق الغيبي جزءًا لا يتجزأ من الممارسة اليومية للحياة الاجتماعية للإنسانية تَرْكَ مسلمة نجاعة المناهج الميثودولوجيا([16]) الغربية التي ترى لمناهج العلوم العقلية أفضليةً على مناهج العلوم الدينية، والانتقال إلى النظر في مصادر الميثودولوجيا الإسلامية التي تراعي خصوصيات المعرفة الإسلامية؛ “وحينما نفهم الوحي هذا الفهم ونُدرجه ضمن المصادر الأساسية التي تقوم عليها الميثودولوجيا الإسلامية، فإنما نهدف بذلك إلى تجاوز تلك السلبيات؛ لأننا نعتقد أنَّ الوحي قادرٌ على إعطاء إجابات محددة لكثير من تلك القضايا الاجتماعية التي كانت مثار جدل حاد بين المدارس الاجتماعية المتباينة.
إن الوحي بإمكانه أن يُصحِّح أخطاءَ علم الاجتماع وتصوُّراته للأنماط الاجتماعية والثقافية في عُصورها السابقة، وتنبُّؤاته الفاشلة لمستقبل الإنسانية، ويستطيع أن يُحدِّد مجموعةً من القوانين الاجتماعية ولو في شكلها العام، وهي القضية الأساسية التي تهدف إليها العلوم الاجتماعية والتي فشلت في تحقيقها لحد الآن”([17]).
بإمكان الوحي أن يُصحِّح أخطاءَ علم الاجتماع وتصوُّراته للأنماط الاجتماعية والثقافية في عُصورها السابقة، وتنبُّؤاته الفاشلة لمستقبل الإنسانية، ويستطيع أن يُحدِّد مجموعةً من القوانين الاجتماعية ولو في شكلها العام، وهي القضية الأساسية التي تهدف إليها العلوم الاجتماعية والتي فشلت في تحقيقها لحدِّ الآن
كيف يُسهم علم النفس -المسدد- في بناء المفاهيم؟
يسعى الممارسُ المشتغلُ بأدوات علم النفس التربوي الإسلامي إلى تنظيم معارفه في شكلٍ هرميٍّ ذي نسقٍ واحدٍ متكاملٍ ومترابط، يشدُّ بعضُه بعضًا في بُنيةٍ مفاهيميةٍ تتجاوز اللفظ إلى الطبيعة المعرفية الدفينة في مجتمعٍ ذي ثقافةٍ وفكرٍ معين، ولذلك يُعَدُّ الاشتغال بعلم النفس التربوي الإسلامي في الحقول التدريسية قناةً فعّالةً لبناء المفاهيم داخل ذات المتعلِّم، حيث إنه يبني المفاهيم الكبرى على أصل الخلق والكون منفتحًا بذلك على آفاق الغيب، وهو يختلف بحسب المراحل العمرية للمتعلم، إذ يكون نمو وتطور المفاهيم الحسية في ذهن المتعلم في المراحل الدراسية الأولى -الابتدائي- أنجع وأسهل لأنه يعتمد على الحِسِّ أكثر من التجريد الذي يتطلَّب قُدرةً عاليةً من التفكير والتأمُّل في الآيات والشواهد والمفاهيم المجردة، “حيث يُلاحَظ على نُموِّ المفاهيم وتطوُّرِها أنها لا تنمو أو تتطوَّر بمعدَّلٍ واحد، وإنما تختلف في درجة نموها وتطورها باختلاف المفهوم نفسه”([18]).
كما أنَّ من الخصائص التي تُسهم في بناء المفاهيم في علم النفس التربوي: التحرُّر من القيود المادية، لا نقول: الانفصالُ عن المادة، بل عن المادية التي تفسر كل الظواهر تفسيرًا ماديًا محضًا لا يقبل بما وراء آفاق السماء، هذا القصور والاختلال هو ما ينبغي أن يعالجه علم النفس التربوي الإسلامي المُسَدَّدُ بالرسالة الربانية التي تربط أسباب الأرض بإرادة السماء.
وهو مع هذا يمُّر بالمفاهيم عبر مراحل؛ بحيث لا تتشكَّل في لحظةٍ واحدةٍ، بل تنمو مع النمو العقلي للمتعلِّم فكلَّما ازدادت خبراته زاد المفهوم عُمقًا في بنيته الذهنية إلى أن ينضج ويتطور ويصبح أكثر وضوحًا وأكثر تجريدًا وشمولاً.
علم النفس التربوي الإسلامي وبناء التعليمات:
إنَّ الناظر في المناهج التربوية الغربية سوف يخلُصُ إلى أن رؤيتها وتعامُلَها مع الذات الإنسانية وتفسير سلوكها تفسيرًا تربويًا، ما هي إلا رؤيةٌ تنطلق من مدارسَ ومذاهبَ وضعيةٍ من أبرزها: (المدرسة المثالية) التي تدعي بأنَّ الوصول إلى المعرفة يكون بالعقلِ لا بالحواس، هذا التمجيد للاستدلال العقلي الذي أدَّى بها إلى القول إنَّ الدينَ وضعٌ بشري. (المدرسة الواقعية) التي تدَّعي بأنَّ الحقائق تكمُنُ في عالم الواقع ويُتوصَّل إليها بالحواس.
أما علم النفس التربوي الإسلامي فهو ينظر إلى الإنسان والحياة والكون بمنظار الوحي الرباني (القرآن الكريم والسنة النبوية) الذي تُبنى عليه وتنبثق منه باقي المعارف العلمية، مع النظر للعلوم الإنسانية على أنها فروعٌ معرفيةٌ يُستعان بها من أجل السعي لتحقيق وتعميق الإيمان بالخالق في الذات الإنسانية؛ ويمكن القول إنّ علم النفس التربوي الإسلامي يقوم على ثلاثة أنماط:
- نمط معرفي:
إنَّ للمعرفة الإسلامية قيمةً مركزيةً تنضبط بها العلاقة القائمة بين الإنسان والكون والخالق ورؤيته للحياة والمصير، وهذه المعرفة هي التي تُخاطب المكلَّفين بالأوامر والنواهي للنهوض بأسبابها ومقاصدها، ومنه كانت هذه الطبيعة المعرفية للثقافة الإسلامية ولعلم النفس التربوي الإسلامي اللبنة الأساس في بناء التعلمات، هذا الطابع المعرفي يُعَدُّ قيمةً مركزيةً ذات أهميةٍ بالغةٍ في بناء التعلمات، تماشيًا مع نظرة المناهج التعليمية التي تروم جعل قيمة التوحيد قيمةً ناظمةً لباقي المداخل استحضارًا لدورها في الإجابة عن أسئلة المتعلم في بناء التعلمات تساؤلاً واستشكالاً وتفاعلاً.
- نمط سلوكي:
ويقصد به التأسِّي العملي بالمنهج النبوي من خلال استحضار نماذجَ قيميةٍ ونفسيةٍ ومواقفَ حياتيةٍ في سيرة سيد الخلق، والاقتداءِ بها في السياقات والتجارب الحياتية، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
من الخصائص التي تُسهم في بناء المفاهيم في علم النفس التربوي: التحرُّر من القيود المادية التي تفسر كل الظواهر تفسيرًا ماديًا محضًا لا يقبل بما وراء آفاق السماء، هذا القصور والاختلال هو ما ينبغي أن يعالجه علم النفس التربوي الإسلامي المُسَدَّدُ بالرسالة الربانية التي تربط أسباب الأرض بإرادة السماء
- نمط وجداني:
ولا تخفى أهمية ومركزية هذا النمط إذ إن من بين العديد من أساليب التعلم يوجد ما يسمى بالتربية الوجدانية، أو كما يصطلح عليه دانيل جولمان بـ “الذكاء العاطفي”، ولا يخفى على الباحث الفروق الشاسعة بين التصور الذي تنطلق منه المدارس الغربية في هذا النمط الذي يسمى بـ “الإرشاد الروحاني” وبين التصور الإسلامي الذي ينطلق من منطلقٍ إيمانيٍّ تزكويٍّ يكتسبُ معه الإنسانُ الشعور بالطمأنينة النفسية، “ولا يخفى أنَّ شعور الإنسان بالأمن والطمأنينة في الحياة هو الشرطُ الضروري لكي يُقدم على العمل والإنتاج والتعمير في الأرض، ففي مناخ الأمن النفسي تنمو القدرات الذهنية وتتجه نحو الإبداع، وتنشط القدرات الإنجازية وتتضاعف فعاليتها ويزكو إنتاجها، وإنَّ استشعار الضآلة واستصغار الأنفس يفقد الإنسان الفعالية فيسقط في السلبية والتواكلية، لذلك كان لعقيدة التكريم دورٌ مهمٌّ في إقرار التوازن في ذات الإنسان، وإشاعة الشعور بالقوة في نفسه، ذلك لأنَّ اعتقاد الرِّفعة والعزة يؤدي إلى قوة الإحساس بالوجود، وينمي الشعور بالذات، ويثمر بالتالي الإيمان بالنفس الذي هو مفتاح التوازن في الشخصية ومعقد الفاعلية في المحيط”([19]).
خاتمة:
لقد حرص علماء النفس في المجال التداولي الغربي على التلويح بالتفسيرات التي تختزل الإنسان فيما هو مادي، ومع الانتقادات الموجهة لعلم النفس الغربي بسبب ذلك، إلا أنه لا يشكل جوهر الأزمة التي يواجهها المنهج العلمي، بقدر ما هو مظهرٌ خارجيٌّ لأزمة التخلِّي عن المرجعية الدينية في تفسير ومعالجة سلوك الإنسان الذي لا يستطيع إلّا أن يتمركز حول مُقدّس ما، وهو الأمر الذي يمثل تحدِّيًا لنمط التفكير الذي يروم علمُ النفس الإسلامي تحقيقه، من خلال تأصيل تصوُّرٍ علميٍّ يستمدُّ أصالتَهُ من المرجعية الدينية متجاوزًا لعالم المادة، بل يجعل منها حلقةً وجسرًا يعبر منها للوصول إلى المعاني الكامنة وراء وجوده في مواجهة منه لأزمة المعنى والشعور باللاجدوى التي تسيطر على هذا العالم. وعليه فإن هذه الرؤى التي يستهدف علم النفس الإسلامي تحقيقها والتي تُعدُّ حجر أساسٍ في بناء علم نفسٍ يُراعي طبيعة المعرفة الإسلامية، يمكن أن تملأ ذلك الفراغ الذي خلَّفه البُعدُ عن الجانب الغيبي في الرؤية الغربية، وقد أشرنا إلى هذه الرؤى من خلال مجموعة من الوقفات التي تتيح التأمل في المميزات التي تكتنفها الرؤية الإسلامية في هذه المقالة.
محسن ديدوش
طالب باحث في سلك الماستر، تخصص التفسير والدراسات القرآنية.
([1]) يُركز هذا المجال على دراسة الظواهر النفسية من منظور تجريدي، بعيدًا عن التفسيرات التي تنطلق من منظور ديني.
([2]) هو الذي يُسددُه الشرعُ ويُرشده، فهو لا يبتعد عن حقيقة الإنسان الغيبية في تفسير الظواهر والتعامل معها.
([3]) هي فرعٌ من فروع الفلسفة تهتم بدراسة طبيعة المعرفة وأسسها.
([4]) الدكتور محمد عثمان نجاتي: عالم مصري متخصص في علم النفس، عمل أستاذًا ثم وكيلاً لكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1965م، وأعير ليكون أول عميد لكلية الآداب بجامعة الكويت، وبعدها عمل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض أستاذًا متفرغًا لتأصيل العلوم الإسلامية، أسهم في تأسيس عدد من الأعمال والمؤسسات منها: جمعية البحوث الحضارية المقارنة، وجريدة الشرق، وكان له عضويات العديد من الجمعيات النفسية في مصر والولايات المتحدة وبلجيكا وغيرها، وله عدد من المؤلفات والأعمال العلمية المنشورة. توفي عام 2000م.
([5]) خلافة الإنسان بين الوحي والعقل، للدكتور عبد المجيد النجار، ص (39).
([6]) بلاغ الرسالة القرآنية، لفريد الأنصاري، ص (36).
([7]) منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، للدكتور محمد امزيان، ص (247).
([8]) ينظر: المرجع السابق، ص (249).
([9]) الحوار أفقًا للفكر، للدكتور طه عبد الرحمن، ص (101-102).
([10]) منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، ص (249).
([11]) العالمانية طاعون العصر، للدكتور سامي عامري، ص (85).
([12]) فقه الإيمان وتزكية النفوس، محمد بلحسان، ص (64).
([13]) العالمانية طاعون العصر، ص (125).
([14]) منهج البحث الاجتماعي، ص (253).
([15]) منهج البحث الاجتماعي، ص (254).
([16]) هو عِلم بيان طرق البحث العلمي واستقصاء أمرها، موضوعه المنهج والمناهج وآلياتها.
([17]) ينظر: منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، ص (267).
([18]) تدريس مفاهيم اللغة العربية والرياضيات، للدكتور جودت أحمد سعادة وجمال يعقوب اليوسف، ص (69).
([19]) قيمة الإنسان، للدكتور عبد المجيد النجار، ص (52).