تعد سنة الفلاح من أعظم سنن الله في الحياة الإنسانية يصوغها القرآن وعدًا مشروطًا لا يُحابِي: من أخذ بأسبابه ظفر، ومن أعرض خسر. يكشف الكتابُ العزيز مقدماتها وشروطها، ويربطها بسلوك العباد فردًا وجماعة وأمّة؛ لتكون بوصلةً لنهضتهم واستخلافهم في الأرض. هذا المقال يبيّن مفهوم الفلاح ودلالته في الدنيا والآخرة، ويعرض أسبابه العملية كما يرسمها القرآن؛ ليكون وعيُ السنن مدخلاً لإقامة العدل والعمران والحياة الطيبة.
تقديم:
يعد البيان السنني للقرآن من مقاصده الكبرى التي نزل من أجلها: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 26]؛ فقد اعتنى بالسنن عناية فائقة ذكرًا وبيانًا، وتنبيهًا إلى أهميتها وفاعليتها، مع الحث على اكتشافها، والانطلاق منها في النظر والفهم، والعمل بمقتضياتها وتوظيفها في القيام بأعباء الاستخلاف والعمران في الأرض، والنصوص في ذلك كثيرة متنوعة الأساليب؛ وهو ما يعكس أهمية معرفتها والاعتناء بها علميًا وفكريًا، بما يتناسب مع حجم التركيز القرآني عليها، وموضوعاتها.
وفي مقالتنا هنا نتناول أعظم سنة إلهية اجتماعية، يحتاج المسلمون إلى فقهها، وتكوين ثقافتهم السننية عنها؛ ليحيوا وهي نصب أعينهم، جاعلينها غايتهم، وموجهةَ أعمالهم، فيستوفون شروطها وأسبابها، ويأتون بمقدماتها، وهي ما يمكن تسميتها بسنة الله في الفلاح الإنساني. فما مفهومها؟ وما سننيتها في القرآن؟
أولاً- تعريفات ومفاهيم:
١. السنة الإلهية: السنة بمعنى العادة والنهج[1]، والسيرة حميدةً كانت أو ذميمة[2]، والطريقة مرضية أو غير مرضية[3]، و”سنة الله” أحكامه وأمره ونهيه[4].
وفي القرآن إعلام مكثف بأن لله سننًا ثابتةً وطرقًا مطردةً عامةً لا تتبدل ولا تتحول، متصلة بسلوك الإنسان وتصرفاته فردًا وجماعةً وأمةً، تتعلق بدين الله وأمره ونهيه ووعده ووعيده، كقوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43]، ومعناها: عادات الله الجارية، وسيرته المألوفة وطرائقه الثابتة في معاملة عباده نتيجة سلوكهم وفعالهم[5]. فسنّة الله “طريق عامة يجري بها أمره في عباده”[6]، وتكون صيغتها شرطيةً تتركب من نتائج تقع كلما توفرت مقدماتها وانتفت موانعها، ولذا عرفها ابن تيمية بأنها “العادة التي تتضمن أن يُفعل في الثاني مثل ما فُعل بنظيره الأول، ولهذا أمر الله تعالى بالاعتبار… والاعتبار أن يُقرنَ الشيء بمثله فيُعلم أن حكمه مثل حكمه”[7].
٢. الفلاح: له معنيان أصليان لغةً: الأول شَقٌّ، والثاني فوز وبقاء[8]. والثاني هو ما يعنينا كما في استخدام القرآن وتركيبه؛ إذ هو النجاح و”الظفر وإدراك بغيةٍ، وذلك ضربان: دنيوي وأخروي، فالدنيوي: الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا، وهو البقاء والغنى والعزّ… وفلاح أخروي، وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جهل”[9]. والقرآن شامل للضربين، بل ثمة آيات ذكرتهما معًا كقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]؛ وقوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 64].
٣. التعريف التركيبي لسنة الفلاح:
يورد القرآن موضوع الفلاح في الدنيا باللفظ والمعنى باعتباره سنةً ربانية مرتبطة بسلوك العباد، تقع ترتيبًا على سلوكهم المستقيم وأخلاقهم الحميدة وأعمالهم الإيمانية، أي أن الإنسان فردًا وجماعةً وأمة إذا خضع في حياته للإيمان في تصوراته وأفكاره وأعماله وسلوكه العام وكان حاله حال المؤمنين فـ {قَدْ أَفْلَحَ}، أي يحقق نجاحه وسعادته في الدنيا من رفاهية ورقي وعز وقوة، ونحو ذلك من النجاحات في الدنيا، فضلاً عن الفلاح في الآخرة.
وأكبر تحدٍّ للأمة اليوم أن تتمكن من النجاح في تحقيق نهضتها الحضارية؛ بما فيه نجاحها في أداء المهمة الاستخلافية العمرانية في الأرض؛ أي تحقيق فلاحها الدنيوي الذي يمتلئ القرآن بالحديث عنه بمختلف الطرق والتعابير والأساليب، ولذا فهي بحاجة إلى إعمال هذه السنة الربانية بإيتاء أسبابها ومقدماتها، وتوفير عواملها التي بينتها الآيات الكثيرة سواء التي استخدمت لفظ الفلاح صراحة أو بالمعنى.
في القرآن إعلام مكثف بأنّ لله سننًا ثابتةً وطرقًا مطردةً عامةً لا تتبدل ولا تتحول، متصلة بسلوك الإنسان وتصرفاته فردًا وجماعةً وأمةً، تتعلق بدين الله وأمره ونهيه ووعده ووعيده
ثانيًا: بيان سننية الفلاح:
أ. حيث لفظ الفلاح صراحةً:
بتتبعنا لهذه السنة الربانية العظيمة في كتاب الله العزيز، فإننا نلفى إقرارها يأتي بسبب الإيمان وأعماله؛ فتارة يذكره لفظًا مع بيانه بأعمال وخصال متنوعة، وتارة يقتصر على ذكر أعمال وفضائل تعلق بها الفلاح كأسباب وشروط ومقدمات اتصف بها الموعودون به، الذين يصل عددهم حسب صاحب البصائر إلى أَربعة عشر، لكنا وجدناهم -بالتدقيق والمراجعة- اثنا عشر فقط؛ باعتبار استعمال لفظ الفلاح، ومراعاةً لمعيار التصنيف في الصفة نفسها، وهم مع التصرف بترتيبهم بطريقة نحسبها منطقية[10]:
» المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1].
هذه الآية هي الجامعة اللامَّةُ لسنة الله في الفلاح المقررة قرآنيًا، بل هي التي تبرز عظمَ شأنها؛ فقد خصت بالافتتاح لسورة “الْمُؤْمِنُونَ” بأسلوب جامع بديع؛ “لأنه من جوامع الكلم؛ فإن الفلاح غاية كل ساع إلى عمله”[11]، بل ومقصود السورة اختصاص المؤمنين بالفلاح[12]، أو الفتوى بفلاح المؤمنين[13]، بشارةً من الله ليؤكد بها سبحانه فلاح المؤمنين في الدنيا والآخرة، وهذه البشارة مترتبة على سلوكهم الصالح والمستقيم المتمثل فيما “تحلَّوا به من أصول الفضائل الروحية والعملية التي بها تزكية النفس واستقامة السلوك”[14]، وهو ما يجمله وصف الله تعالى لهم “بوصف الإيمان للإشارة إلى أنه السبب الأعظم في الفلاح، فإن الإيمان وصف جامع للكمال لتفرع جميع الكمالات عليه”[15]. ومما فرعه تعالى عليه وصفهم بالخصال والأعمال بعد البشارة: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ 3 وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ 4 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 5 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ 7 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 9 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 2-10].
» المتقون: {الم 1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ 2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ 3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 1-5].
وهنا تأتي جامعة “التقوى” سببًا للفلاح والفوز بالمحبوب، وهي تعبير آخر جامع للإيمان، وهي أساس الخير، وبالمعنى الشرعي هي جماع الخيرات[16]، بيّنتها الآيات بعقائد وأعمال باطنة وظاهرة[17]، هي مفردات لسمة المتقين، التي تشكل لهم “الوحدة الشعورية الإيجابية الفعالة، الوحدة التي تجمع في نفوسهم بين الإيمان بالغيب، والقيام بالفرائض، والإيمان بالرسل كافة، واليقين بعد ذلك بالآخرة. هذا التكامل الذي تمتاز به العقيدة الإسلامية، وتمتاز به النفس المؤمنة بهذه العقيدة، والجدير بأن تكون عليه العقيدة الأخيرة التي جاءت ليلتقي عليها الناس جميعًا، ولتهيمن على البشرية جميعًا، وليعيش الناس في ظلالها بمشاعرهم وبمنهج حياتهم حياة متكاملة، شاملة للشعور والعمل، والإيمان والنظام”[18].
» المطهَّرون المتزكون: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، و{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]. تجمل هاتان الآيتان بطريقة جامعة كذلك سنة الله في فلاح الإنسان ونجاحه لتزكيه، أو بلوغه حالة الزكاة: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا} [مريم: 13]، {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} [الكهف: 81]؛ أي طهارةً ونقاءً، كما أنها “شرف الخُلُق والوقار والسكينة المنطوية على خير”[19].
والتزكية مفهوم قرآني مركزي وكلي، معبِّرٌ عن حالة صياغة الإنسان بالتقوى والإيمان، وترقيه في سلم كمال قوتيه العلمية والعملية[20]، ومعناها: “إكساب الزكاة، وهي نماء النفس… وأصل التزكية نفي ما يستقبح قولاً أو فعلاً”[21]. فهي تلك العملية الإصلاحية للنفس تنقيها وتطهرها من شوائبها بالإيمان والتقوى، ولنقل بمنظومة الإيمان المتكاملة من عقائد وعبادات وأخلاق وطاعات. فموضوعها إصلاح النفس وتأهيلها لـ”يخلص صاحبها في تحمل كل ما يجب أن يتحمله في جنسه من المهام والواجبات المختلفة”[22]. فبمقدار ما تصلح تلك النفس وتزكو؛ يغدو صاحبها مصلحًا في الأرض، معمرَها بالخير والهدى، وهذا عين الفلاح في المعاش.
» المتبعون للرسول صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]. هنا وعدٌ ربانيٌّ بالفلاح نتيجة ما لا يتم الإيمان بالله ولا يُعرَف طريقه إلا به، وهو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع ما أنزل معه المسمى نورًا؛ “وهو القرآن الذي يستضاء به في ظلمات الشك والجهالات، ويقتدى به إذا تعارضت المقالات، أولئك هم المفلحون الظافرون بخيري الدنيا والآخرة، والناجون من شرهما، لأنهم أتوا بأكبر أسباب الفلاح. وأما من لم يؤمن بهذا النبي الأمي، ويعزره، وينصره، ولم يتبع النور الذي أنزل معه، فأولئك هم الخاسرون”[23].
» المطيعون: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].
وهنا تتحدد صفة السمع والطاعة لتجسد معنى الاتباع؛ فالمتحلون بهما المستمدّون قوّتهم المطلقة من الثقة بأن حكم الله ورسوله هو الحكم وما عداه الهوى، المنطلقون من التسليم المطلق لله، ومن الاطمئنان إلى أن ما يشاؤه للناس خير مما يشاؤونه لأنفسهم: {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ لأنهم المستقيمون على منهج الله الواضح أمامهم الذي لا عوج فيه ولا التواء، المطمئنون إليه، الماضون فيه بلا تخبط ولا حيرة، والمتسِمُون تبعًا بما يلي من الخصال:
» المخلصون: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: 38]. وها هنا شرط الإخلاص الذي بدونه لا قبول عند الله، بل تفقد كل الأعمال روحها ومعناها؛ فهو أعظم شروط النجاح والفوز بالمطلوب في كل ما يعمله العامل ويبذله؛ لما يشكله من قوة الدفع للفعل وحافزية العمل، بل والإحسان فيه.
» المكثرون من الحسنات: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8]، ترغِّب هذه الآية المؤمنين في توفير سمة لازمة للمؤمنين، وهي الإكثار من البذل في الإيتاء بالأعمال الصالحة واعدًا إياهم بالفلاح والفوز، وقد قيل إنّ “الموازين هي الأعمال الحسنة فمن أتى بما له قدر وخطر، فهو الفائز الظافر”[24]. فالحديث عن الحسنات والإكثار منها هو عن العمل الصالح قرين الإيمان، مُظهرِه ومُتمِّه، الذي يمثل “الترجمة العملية والتطبيق الأكمل للعلاقات التي حدّدتها فلسفة التربية الإسلامية بين الإنسان والخالق، والكون والحياة، والإنسان والآخرة”[25]، بمعنى أن الأعمال الصالحة متنوعة صورها، متسعةٌ دوائرها؛ إذ الهدي الرباني تشريع شاملٌ “يتناول جميع فعاليات الإنسان الدنيوية والأخروية، وجميع وجوه سلوكه من السلوك الروحي إلى السلوك الاقتصادي، إنّ الإنسان القرآني هو كلٌّ عضوي روحي حيّ، وسلوكه متكامل يهدف وجهة علوية هي السعادة الدنيوية والأخروية”[26].
» المحسنون: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ 3 الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [لقمان: 3-5]. لا شك أن الإكثار من الحسنات صفة محمودة، لكن الأحمدَ غايةً الحسن فيها، أي الإحسان كما تتحدث الآية، وهو إتقان العمل وإتيانه على أكمل وجه وأحسن هيئة، فـ”هو البلوغ إلى الغاية في حسن العمل”[27]. والمحسنون هم “الفاعلون للحسنات، وأعلاها الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولذلك خصت هذه الثلاث بالذكر بعد إطلاق المحسنين لأنها أفضل الحسنات، وإن كان المحسنون يأتون بها وبغيرها”[28].
» دعاة الخير: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
فقد وُعد المتصفون بخصلة الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنهم “المختصون بالفلاح الكاملون فيه الفائزون”[29]، ووجودها يعني وجود الدور الرقابي للأمة في المجتمع، الذي لا تخفى محوريته في إصلاحها ونهوضها الحضاري. وقد مدحها القرآن كصفةٍ لازمةٍ لجماعة المؤمنين: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، بها تكتسب الخيرية من بين الأمم والشهود على الناس: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
وما هذه الخيرية إلا تكليفٌ إصلاحي ثقيلٌ، يقتضي القيام “على صيانة الحياة من الشر والفساد… فهو النهوض بتكاليف الأمة الخيِّرة، بكل ما وراء هذه التكاليف من متاعب، وبكل ما في طريقها من أشواك…كل هذا متعب شاق، ولكنه كذلك ضروري لإقامة المجتمع الصالح وصيانته؛ ولتحقيق الصورة التي يحب الله أن تكون عليها الحياة”[30].
وإذا فرَّط المؤمنون في هذه الخصلة وأهملوها؛ حُرموا مدحَ الله وثناءه وإفلاحه لهم، وبتعبير القرطبي: “فإذا تركوا التغيير وتواطؤوا على المنكر، زال عنهم اسم المدح، ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببًا لهلاكهم”[31]، وبتعبير الغزالي: “ولو طوي بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد”[32]؛ ولذا نجد أنّ الله سبحانه يتوعد من يهمل هذه الخصلة بالخسر بقوله: {وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ 2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1-3]؛ حيث تتقرر مسؤولية الإنسان الاجتماعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء حق المجتمع من التواصي بالحق.
» المجاهدون: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التوبة: 88].
في هذا الموضع يقرر سبحانه صفة إيمانية أخرى جامعةً لشروط وأسباب الفلاح، التي لن يتحقق فلاح المسلمين بدونها، إنها صفة الجهاد بالمال والنفس بمعناه الواسع من العطاء وبذل الوسع في كل ميادين الحياة وأنشطتها؛ إذ تثني الآية على الذين “نهضوا بتكاليف العقيدة، وأدوا واجب الإيمان؛ وعملوا للعزة التي لا تنال بالقعود، {وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ}: خيرات الدنيا والآخرة، في الدنيا لهم العزة ولهم الكرامة، ولهم المغنم ولهم الكلمة العالية، وفي الآخرة لهم الجزاء الأوفى، ولهم رضوان اللّه الكريم، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، الفلاح في الدنيا بالعيش الكريم القويم والفلاح في الآخرة بالأجر العظيم”[33]. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]؛ حيث سنة الله في الفلاح جلية؛ إذ يعد عز وجل المؤمنين الباذلين كل وسعهم فيما يرضي ربهم بأن يزيدهم “هداية إلى سبل الخير وتوفيقًا لسلوكها”[34].
» الواقون أنفسهم من الشح: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. يمكن أن نقول: إن الحديث في الآية عن وصف دقيق لحال المتصف بكل الصفات الإيمانية السابقة، بأنها حال الواقي نفسه من الوقوع في المحذور، من البخل الشديد بهذا الفعل وذلك البذل، وكل تلك الخصال والفعال، وقد ذم تعالى من يشح على الخير غاية الذم بتعبير: {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} [الأحزاب: 19]، وهو المراد منهم؛ “وهذا شر ما في الإنسان، أن يكون شحيحًا بما أمر به؛ شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه أو يدعو إلى سبيل اللّه، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه، ونصيحته ورأيه”[35]، وغير ذلك من وجوه الشح.
وقد علقت الآية النجاح على حالة وقاية الإنسان نفسه من شحها على الخير والعطاء؛ “فإنه إذا وقي العبد شح نفسه؛ سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ففعلها طائعًا منقادًا، منشرحًا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه وإن كان محبوبًا للنفس تدعو إليه وتتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز. بخلاف مَن لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح بالخير الذي هو أصل الشر ومادته”[36]؛ ما يوقعه في حال أهل الباطل، فيحرمه أن يكون من أنصار الحق المفلحين، الذين هم:
» حزب الله: {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]. ويأتي هذا الجزء من الآية في سياق التمييز بين فريق الحق والإصلاح وفريق الباطل والإفساد، سمى الأول حزب الشيطان وتوعده بالخسران: {أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: 19]، والثاني حزب الله أي أنصاره[37]، يعدهم سبحانه بالفوز لأنهم الفريق المهتدي بهدي الله، المحقق لمنهجه، الفاعل في الأرض ما قدره وقضاه[38]. وهو المعنى الذي تحدثت عنه مباشرة آيات نصر الله لمن ينصره: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
فالخلاصة إذن، أن في جميع مواضع ذكر الفلاح لفظًا يبشر الله سبحانه الموصوفين بتلك الأعمال والفضائل الإيمانية بسنته العادلة والثابتة التي لا محاباة فيها، وهي إفلاحهم وإنجاحهم وإدراكهم مطالبهم، ولا سبيل لهم إلا ذلك، وإلا فالخسران والخيبة، لقوله السنني الجازم: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10].
إذا وُقيَ العبد شحّ نفسه؛ سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله r؛ ففعلها طائعًا منقادًا، منشرحًا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه وإن كان محبوبًا للنفس تدعو إليه وتتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز.
السعدي رحمه الله
ب. حيث الفلاح معنىً:
تكثر الآيات القرآنية التي تتحدث بالمعنى عن نجاحات ومطالب، ومرادات ومقاصد، مع بيان عواملها وأسبابها إرشادًا وترغيبًا في الإتيان بها، فنسلط الضوء خاصة على ما يعالج مسألة الفلاح الدنيوي وعمارة الأرض؛ حيث يمثل “العمل والإنتاج والتنمية والتحسين في واقع الحياة الدنيا… فريضة الخلافة في الأرض. والإيمان والعبادة والصلاح والتقوى تمثل الارتباطات والضوابط والدوافع والحوافز لتحقيق المنهج في حياة الناس.. وهذه وتلك معًا هي مؤهلات الفردوس الأرضي والفردوس الأخروي معًا”[39]. وأبرز هذه الآيات:
» {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: 66]، فالآية تتحدث عن نجاحات الدنيا المادية وسعاداتها، بالتمتع بطيباتها وخيراتها، بتعبير: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} المفيد معنى سعة الرزق، ورغد العيش، والخير والعمار والرخاء الذي يصيب الناس، مقيَّدًا بإقامة منهج الله واتباع شرعه في الحياة. فالآية تقرر هذه الحقيقة الضخمة في الحياة الإنسانية التي تظهر فيها اليوم الحاجة ماسة إلى جلائها؛ إذ الموازين فيها مختلة، والأوضاع مضطربة، والبشرية حائرة بين ضباب التصورات وضلال المناهج[40].
» {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96]. إن هنا تأكيدًا وترسيخًا لـ”قاعدة صحيحة تقوم على أسبابها من وعد الله، ومن سنة الحياة… وما من أمة قام فيها شرع الله، واتجهت اتجاهًا حقيقيًا لله بالعمل الصالح والاستغفار المنبئ عن خشية الله… ما من أمة اتقت الله وعبدته وأقامت شريعته، فحققت العدل والأمن للناس جميعًا؛ إلا فاضت فيها الخيرات، ومكن الله لها في الأرض، واستخلفها فيها بالعمران وبالصلاح سواء”[41].
» {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، يعِدُ سبحانه بأعظم نجاح يطمح إليه الإنسان في الدنيا، وهو العيش الكريم، والحياة السعيدة الطيبة التي تشمل كل وجوه الراحة من أي جهة كانت[42]. وذلك بشرط الإيمان وأعماله كما تقيد الآية.
» {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55]. وهذه الآية حوت وعدًا “من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكِّنُ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام… وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه، إلا بأذى كثير من الكفار”[43].
» {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12]. هنا بيان جلي للارتباط السببي بين الاستغفار النابع من الإيمان، وبين تيسير الأرزاق، وانفتاح أبواب الخيرات والخصب والغنى.
وهكذا، يقيم القرآن قِرانًا وثيقًا بين الإيمان والفلاح الدنيوي، بين النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، كأقوم نهج، وأصح سبيلٍ موصل إلى إعمار الأرض والحياة الطيبة، وعدًا صادقًا منه سبحانه. فهذه حقيقةٌ لا مجال معها للادعاء بالفصام بينهما، وبألا علاقة للإسلام بالتنمية والتقدم المادي. وليس واقع المسلمين المتخلف اليوم الشاهد بالفصام النكد بحجة، بل “عصور إيمانهم الحقيقي هي الحجة على أثر الإيمان في تزكية العمل، وذلك حينما اتجهوا بإيمانهم الحق يصنعون الأعمال في كل مجال من مجالات الحضارة… فإذا أعمالهم تلك تبلغ من الرشد والفعالية ما تجاوز نفعه خاصة دائرتهم إلى محيط البشرية كلّها”[44].
يقيم القرآن قِرانًا وثيقًا بين الإيمان والفلاح الدنيوي، بين النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، كأقوم نهج، وأصح سبيلٍ موصل إلى إعمار الأرض والحياة الطيبة، وعدًا صادقًا منه سبحانه
خاتمة:
وهكذا، فإن سنة الله في الفلاح الإنساني المجملة في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]، وعدٌ ربانيٌ للإنسان -فردًا وجماعةً وأمةً- ثابتٌ لا يتخلف؛ بأنه بالغٌ مطامحه من الخيرات والسعادات، ظافرٌ بالحياة الطيبة؛ ما اتبع الهدي الرباني. وقد صاغها القرآن بصياغات متعددة، تضافرت لتوجيه الإنسان الوجهة الصحيحة في الحياة؛ ترغيبًا في الخير، وتشويقًا لنفسه وتعليقها ببشارة الفلاح العظيم على ما يتحلى به من الإيمان، وخصال الاستقامة والصلاح والإصلاح.
وهذا ما يبرز لنا وظيفة السننية القرآنية التوجيهية الإصلاحية للإنسان ضمن وعيه بهذه السنة؛ فحين يريد الفوز والنجاح، فإنه يعي ما عليه عمله من توجيه كل طاقاته إلى إعمال شروطها وتوفير أسبابها.
د. فاطمة الزهراء دوقيه
دكتوراه في الدراسات الإسلامية، مجال الدرس القرآني والعمرا ن البشري – المغرب
[1] ينظر: لسان العرب، لابن منظور (13/٢٢٥-٢٢٦).
[2] المصباح المنير، للفيومي، ص (292).
[3] التعريفات، للجرجاني، ص (105).
[4] ينظر: لسان العرب (13/ ٢٢٥).
[5] علم السنن الإلهية من الوعي النظري إلى التأسيس العملي، لرشيد كهوس، ص (22).
[6] مفردات القرآن، للفراهي، ص (196).
[7] مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٣/19-20).
[8] ينظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس (٤/٤٥٠).
[9] مفردات ألفاظ القرآن، للأصفهاني، ص (٦٤٤).
[10] بصائر ذوي التمييز، للفيروزآبادي (٢/١٨٠-١٨٢)، بتصرف وتدقيق. ويبدو -والله أعلم- أن المؤلف قد اختلط عليه الأمر مرتين؛ الأولى: حين استدل بآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52]، كتب “المفلحون” عوض “الفائزون”، فلم نعتمد ذلك. والثانية: سمى الصنف الرابع عشر: “المؤدين لفرض الزكاة”، لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]، الذي لم يرد في أداء الزكاة، ولعله قصد قوله: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: 18]، الذي لم يرد فيه لفظ الفلاح، إلا في معناه في الآية التي تسبقها: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17].
[11] التحرير والتنوير، لابن عاشور (١٨/٨).
[12] نظم الدرر، للبقاعي (13/١٠٥).
[13] بصائر ذوي التمييز (١/٣٢٩).
[14] التحرير والتنوير (١٨/٦).
[15] المرجع السابق (١٨/٨).
[16] المرجع السابق (١/٢٢٨).
[17] يراجع: تفسير السعدي، ص (٢٩).
[18] في ظلال القرآن، لسيد قطب (1/39).
[19] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية (3/536).
[20] يراجع: التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم، ص (136).
[21] التوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي، ص (٩٦).
[22] منهج الحضارة الإنسانية في القرآن، للبوطي، ص (٢٥-٢٦).
[23] تفسير السعدي، ص (٣٦٤).
[24] تفسير الرازي (23/295).
[25] مقومات الشخصية المسلمة أو الإنسان الصالح، لماجد عرسان الكيلاني، ص (٤٢).
[26] الإسلام والإنسان، لحسن صعب، ص (٩٥).
[27] نظم الدرر (١/٣٩٨).
[28] التحرير والتنوير (٢١|١٤١).
[29] فتح البيان في مقاصد القرآن، للقنوجي (٢/٣٠٥).
[30] في ظلال القرآن (1/٤٤٧).
[31] تفسير القرطبي (٥/٦٦٤).
[32] إحياء علوم الدين، للغزالي (٢/٣٠٦).
[33] في ظلال القرآن (3/١٦٨٥).
[34] تفسير الآلوسي (٢١/١٤).
[35] تفسير السعدي، ص (٧٧٦).
[36] المرجع السابق، ص (١٠٠٣).
[37] ينظر: مفردات ألفاظ القرآن، للأصفهاني، ص (٢٣١).
[38] ينظر: في ظلال القرآن (6/٣٥١٥).
[39] في ظلال القرآن (2/٩٣٢).
[40] ينظر: المرجع السابق (2/٩٣٠).
[41] المرجع السابق (6/٣٧١٣).
[42] ينظر: تفسير ابن كثير (٤/٦٠١).
[43] تفسير السعدي، ص (٦٧٠).
[44] الإيمان والعمران، إسلامية المعرفة (الفكر الإسلامي المعاصر حاليًا)، عبد المجيد النجار، ع٨، أبريل ١٩٩٧م، ص (٦٦-٦٧).



