تتابعت في هذا العصر إسقاطات منتجات الحضارة الأوروبية على مجتمعاتنا، كالعلمانية والاشتراكية والرأسمالية، وفي الجانب الاجتماعي طالعتنا حركات تحرير المرأة والنسوية التي نشأت من ظروف النظرة الدونية للمرأة في الثقافة الأوروبية، ثم أرادوا تعميمها في بلادنا بالرغم من المكانة الخاصة التي تمتعت بها المرأة في المجتمع الإسلامي، وهذه المقالة تلقي الضوء على ظاهرة الحركة النسوية
يقال في عرف المجتمعات إنَّ المرأة هي نصف المجتمع، والأَولى القول بأن المرأة هي المجتمع كله، نصفه بالتعداد، ونصفه الآخر بالتربية والإعداد، فهي المحضن الأول في تنشئة العلماء وتجهيز الحُماة وبناء الأسر الصالحة وزرع الأخلاق الفاضلة، ولهذا يَجِدُّ أعداء الفضيلة ودعاة الرذيلة إلى إسقاط هذا الحصن الحصين، لعلمهم بأنَّه أحدُ المداخل الرئيسة لتقويض قوة المسلمين وزعزعة صفوفهم.
لقد وجدت شبهات الباطل آذانًا صاغيةً وقلوبًا فارغةً تسمع وتتلقف كل ما يلقى إليها، لذلك لزم على كل من كشف الله جل جلاله له زور هذه الدعوات وترهل هذه الشبهات أن يبين للناس بطلانها ويعرفهم فسادها، قال الله جل جلاله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧].
وقد ظهرت في العقود الماضية حركة تسمى بـ (النِّسوية) تطالب بحقوق المرأة ابتداءً، فبين مدافع عنها، وناقد لها، ومؤطر لها في إطار الشريعة، ومحاربٍ ومحذرٍ منها ومن دعاتها.
وهنا عدة تساؤلات:
- هل حقوق المرأة ناقصة حتى تحتاج إلى من يحددها ويطالب لها بها؟
- هل تحتاج المرأة إلى النسوية أو غيرها من أجل إثبات حقوقٍ لها خارجةٍ عمّا أقرته الشريعة الإسلامية؟
- ما هو مكان النِّسوية الحقيقي بين الداعي إليها والناقد لها؟
المرأة هي المجتمع كله، نصفه بالتعداد، ونصفه الآخر بالتربية والإعداد، فهي المحضن الأول في تنشئة العلماء وتجهيز الحُماة وبناء الأسر الصالحة وزرع الأخلاق الفاضلة، ولهذا يَجِدُّ أعداء الفضيلة إلى إسقاط هذا الحصن الحصين، لعلمهم بأنَّه أحدُ المداخل الرئيسة لتقويض قوة المسلمين وزعزعة صفوفهم
حقوق المرأة في الإسلام:
عند الحديث عن حقوق المرأة فإننا نذكر شيئًا من الحقوق التي أثبتتها لها الشريعة الإسلامية، والتي لا يمكن الإحاطة بها في مجلدات فضلاً عن سطور.
وقد كثر الكلام حول هذا الباب الكبير، وتعدَّدت فيه المؤلفات والبرامج، ويمكن ذكر بعض هذه الحقوق:
أولاً: حق المرأة على نفسها:
أول حقٍّ للمرأة على نفسها هو أن تعرف نفسها، ما هي المرأة، وما هي مكانتها ووظيفتها في هذه الحياة؟.
تعريف المرأة عادةً ما يكون: هي أنثى الإنسان البالغة، ثم نقف عند هذا الحدّ، ولكن هذا التعريف تعريف وصفي يصف شكلها ووظيفتها البيولوجية، ولا يصف حقيقتها، فإذا رجعنا إلى التعريف ذاته نجد (هي إنسان) فما هو الإنسان؟
أول آية نزلت على رسول الله ﷺ هي قوله جل جلاله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ [العلق: ١-٢] فالإنسان إنما هو خَلْق الخالق وصنعة الصانع، والمصنوع يتحرك وينقاد بتوجيه صانعه بلا شك، سواءٌ علم الحكمة أم لم يعلمها، وهذا الوصف لا ينطبق إلا على صفة واحدة ألا وهي العبودية، إذن المرأة في حقيقتها تتصف بالعبودية لله جل جلاله، وهي تساوي الرجل تمامًا في هذا الوصف، فإذا عَرَفتْ ذلك عَرَفتْ ذاتها ومكانتها ووظيفتها في هذه الحياة.
ثانيًا: حق المرأة على الرجل:
الرجل بالنسبة للمرأة إما أن يكون أبًا أو زوجًا أو ولدًا، وقد كتب الله جل جلاله على كل واحد من هؤلاء حقًّا يجب عليه تأديته للمرأة.
فعلى أبيها: حقوق متعددة تجاه ابنته، بل وأوْلت الشريعة لتربية البنات أهمية زائدة على تربية البنين، جاء عن النبي ﷺ أنه قال: (من ابتُليَ مِن البناتِ بشيءٍ، فأحسنَ صحبَتهنَّ، كُنَّ له سِترًا مِن النار)[1] وابتلي أي: اخْتُبِرَ.
ولم تأذن الشريعة للأب أن يُزوِّج ابنته بمن يشاء دون النظر إلى كفاءة الخاطب ودينه، بل جعلت إذن المرأة شرطًا في صحة العقد، فهذه الصحابية خنساء بنت خدامِ الأنصارية زوَّجها أبوها وهي ثيِّبٌ فكرهت ذلك فأتتِ النبيَّ ﷺ فردَّ نكاحَه[2].
وعلى زوجها: بعد انتقالها إليه من بيت أبيها، ستجد نفسها محفوفة بجملة من الحقوق التي ترعاها، فأُلزِم الزوج بالعشرة بالمعروف والإحسان إليها، قال الله جل جلاله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩]. كما حفظت الشريعة للمرأة حقها في العفاف، وقد اتفق الفقهاء على أن للمرأة مطالبة الحاكم بفسخ النكاح إذا ثبتت عُنّة الرجل[3]، وإن امتنع الرجل من وطء الزوجة لغير عذرٍ ضرب الحاكم له أمد الإيلاء[4].
وحفظت أيضًا حق المرأة في حفظ سرّها وسترها في حال إتيانها، فقد جاء في الحديث عن رسول الله ﷺ: (إنَّ من أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: الرجلُ يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه، ثم ينشُر سِرّها)[5].
وعلى ولدها: أعظم حقوق المرأة، فزيادةً على ما جاء في حق الوالدين جميعًا في قوله جل جلاله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] بين رسول الله ﷺ عظيم مكانة الأم ومنزلتها وحقها في عدة مواطن فقد جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: (يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)[6].
بل وقدّم برها على صلاة التطوع كما جاء في قصة العابد جريج[7].
والحقوق على الأبناء كثيرة منها: البر والإحسان والنفقة عليها إذا فقدت المعيل، وخفض الصوت في الحديث معها، وانتقاء الألفاظ الحسنة، وذِكرها بخير، وعدم مخاصمتها ولا مقاطعتها، ورعايتها في مرضها، والدعاء لها بعد وفاتها، وغيرها الكثير.
الإنسان خَلْق الخالق وصنعة الصانع، والمصنوع يتحرَّك وينقاد بتوجيه صانعه بلا شك، سواءٌ علم الحكمة أم لم يعلمها، وهذا الوصف لا ينطبق إلا على صفة واحدة ألا وهي العبودية، والمرأة إذ تتصف بالعبودية لله جل جلاله، فهي تساوي الرجل تمامًا في هذا الوصف
ثالثًا: حق المرأة على المجتمع:
ينبغي للمجتمع ألا يُضيع حقوق المرأة التي هي جزءٌ لا ينفكُّ عنه؛ فهي نصفه بالعدد ونصفه بالتربية والتنشئة كما أسلفت، لذلك كان واجبًا عليه أن يحفظ لها حقوقها، في التعليم والتعلم، ورعايتها والإنفاق عليها إن فقدت الأهل، والتدخل في حل مشكلاتها كالحكمين في النزاع إن حصل بين الزوجين، ومنع الظلم عنها، وقَبول معاملاتها المالية، وحفظ كرامتها، وقد منعت الشريعة عادات مجتمعية كانت سائدة في صور ممقوتة للزواج، كالشغار والمتعة والاستبضاع وغيرها[8].
اعتبار ذوات العلم والفضل:
ومن أهم ما ينبغي للمجتمع: اعتبار فتاويها والأخذ بها إن كانت من أهل الفتوى، فالمرأة العالمة الفقيهة العاملة بما علمت لها مكانتها وفضلها الذي ينبغي أن يُبرِزه المجتمع ويحفظه لها.
رابعًا: حق المرأة على ولاة الأمر:
وهو حقٌ عظيم برعايتها وحمايتها، فأما رعايتها فتشمل النفقة عليها وتفقدها وتلبية احتياجاتها وتعليمها.
وأما الحماية فبأخذ حقها وحفظ نفسها، فإنَّ «جمهور العلماء، وجماعة أئمة الفتيا بالأمصار متفقون على أن الرجل يُقتل بالمرأة كما تُقتل المرأة به»[9]، لقوله جل جلاله: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، وحفظ عرضها من أن يُنتهك أو يُنال بسوء، فمن قذف المحصنات الطاهرات فقد حدّ الله جل جلاله له حدًّا وفرض عقوبةً رادعةً كما قال: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: ٤] جلد ثمانين وإسقاط العدالة فلا تقبل شهادته في شيء، وهو في زمرة الفاسقين، فأي صيانة للمرأة مثل صيانة الشريعة الإلـٰهية؟ فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة.
للمرأة حقوق كثيرة أقرتها الشريعة منذ 14 قرناً ضمن بنيان محكم من التشريعات المفصلة، بما يحفظ مكانة المرأة وكرامتها من الابتذال والاستغلال، وفاقت في عدالتها ما تنادي به كل حركات تحرير المرأة اليوم
دعوى النِّسوية:
الحديث عن النسوية «يقتضي بالضرورة إلقاء الضوء على تاريخ نشوء وتطور هذه المطالبات النسوية في بلاد الغرب الأساسية، فرنسا وبريطانيا وأمريكا كنماذج عملية»[10].
في دراسة سريعة لتاريخ نشوء وتطور ظاهرة النِّسوية نجد أنها بدأت مجرد دعوة إلى تحرر المرأة من قيود الظلم والطغيان.
«ففي أواخر القرن الثامن عشر (١٧٩٠-١٧٩٣م): بدايات الأمر كان في الوقوف بوجه الظلم الحقيقي الواقع على المرأة في العالم الغربي، وكان هذا في فرنسا وبريطانيا.
وفي القرن التاسع عشر: النضال والمؤلفات لنصرة القضية في بريطانيا وفرنسا وأمريكا.
النصف الأول من القرن العشرين (١٩٠٠-١٩٢٠م): دخلت المرأة في السياسة في بريطانيا وأمريكا وفنلندا والنرويج والاتحاد السوفيتي. وفي (١٩٤٥م) في فرنسا.
(١٩٦٨م) بدأت المرحلة الثانية في بريطانيا وفرنسا، وهي مرحلة الدعوة إلى المساواة في كل شيء.
وأيضًا كانت الدول والحكومات تسعى جاهدةً للقضاء على هذه الحركات والثورات والدعوات، حتى قتلوا وأعدموا عددًا من النساء الداعيات إلى هذا الفكر»[11].
وصلت النسوية إلى شكلها المعاصر وهي المساواة بين المرأة والرجل في كل شيء، وهنا ينبغي توصيف هذا الحال الذي وصلت إليه، والتي يظهر فيها جليًا «إلغاء كل الفوارق بينهما في الأدوار وفي التشريعات، فتلغى القوامة، وينتهـي ارتبـاط الأمومة بالمرأة، ويتقاسم الزوجـان كـل المهام والأدوار والسلطات داخـل الأسـرة، فتغدو الأسرة بلا قائد، أو تصبح سفينة ذات قائدين يتنازعان السلطة، فيكونـان معاول هدم لا أعمدة بناء»[12].
بعد عام ١٩٦٨م تبلورت النسوية المعاصرة لتأخذ شكل النسوية العلمانية، وبدأت الانتشار في البلاد العربية والإسلامية، وامتدادًا لهذا الانتشار وشيوعه بين المسلمات خرجت لنا محاولات لأسلمة هذه النسوية، والتي أصبحت تسمى «النسوية الإسلامية»، وفي حقيقتها ليست إسلامية، وإنما وهِمَ أصحابها، ولم يعطوا المرأة حقها، فعجبٌ ممن يعتقد فيها خيرًا، وأخطر ما فيها هدم الأسرة التي تحفظ كرامة المرأة وتلبي حاجاتها النفسية والعاطفية والمادية والبيولوجية، وتفكيك المجتمع الذي بتماسكه يحمي المرأة، وبالتالي ضياع المرأة.
الحركة النسوية اليوم تدعو لإلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة في الأدوار والتشريعات، فتلغى القوامة، وينتهي ارتباط الأمومة بالمرأة، ويتقاسم الزوجان كل المهام والأدوار والسلطات داخل الأسرة، فتغدو الأسرة بلا قائد، أو تصبح سفينة ذات قائدين يتنازعان السلطة، فيكونان معاول هدم لا أعمدة بناء
النسوية حركة «مدنية» ترفض تدخل الدين في ميدان الحركة النضالية، فهي حركة علمانية، وفي الوقت نفسه فإنَّ النسوية العلمانية لا ترضى أن تُتهم بالإلحاد، وتعتبر الحداثة هي الركيزة الأساسية في الخطاب النسوي العلماني، وبالتالي تصل إلى اعتبار الإنسان مركز الحياة ومرجع الأخلاق والأحكام مع إنكار الغيبيات
وللوقوف على تفاصيل أوسع حول الحركة النسوية، وامتدادها “النسوية الإسلامية” نذكر ما يتعلّق بالتأسيس والمفاهيم والأفكار والمرجعية والخطط لكلّ منهما:
أولاً: النسوية العلمانية/ مرحلة التأسيس:
عند الحديث عن مرحلة التأسيس نحتاج أن نبين شيئين مهمين، وهي التواريخ البارزة في المرحلة، وأهم الكتّاب خلالها.
«أهم الكتّاب العرب: مَي زيادة، نوال السعداوي، فاطمة المرنيسي، رجاء بن سلامة، فريدة النقاش، أما أبرز التواريخ: «الانتساب للنسوية ١٩٢٣م، بداية التنظير على يد النخب النسائية في السبعينات، الخلط بين موجتي النسوية (الثانية وما بعد النسوية) بداية القرن الحادي والعشرين»[13].
أهم المفاهيم والأفكار:
النسوية حركة مدنية ترفض تدخل الدين في ميدان الحركة النضالية، فهي حركة علمانية، وفي الوقت نفسه فإن النسوية العلمانية لا ترضى أن تُتهم بالإلحاد، وتعتبر الحداثة[14] هي الركيزة الأساسية في الخطاب النسوي العلماني، وبالتالي فتح المجال للإنسانوية[15].
المستند والمرجع:
هي المرجعية «المدنية» البشرية البعيدة عن نور الوحي، والممثلة بقيم منظمة حقوق الإنسان وأسسها الفكرية، وأهم ثوابت المدنية مبدأ الحرية والذي يعني الحرية المطلقة التي يقررها الفرد بنفسه، ومبدأ المساواة والتي تعني المساواة في الحقوق والقانون فقط لا الجوانب الفعلية، وينشأ عن ذلك المساواة المطلقة، والتي في حقيقتها تخالف العدل[16].
خطط النسوية العلمانية في التغيير:
كل حركة تنشأ يكون لها خطة عملية تسير عليها من أجل الوصول إلى الأهداف التي وضعها المنظرون لهذه الحركة، وأهم ما تسير عليه النسوية العلمانية:
- اعتبار المرجع القانوني وأحكامه وتقديمه على أحكام الشريعة.
- التأسيس لنهضة نسائية تستند للمرجعية «المدنية» وحدها بعيدًا عن الرجوع للخالق العليم بما خلق، والقضاء على المؤسسات الدينية.
وقد نتج عن النسوية العلمانية نشر مفهوم الجندر، والذي يقصد به حرية تحديد النوع، أي أن الإنسان حر في تحديد نوعه بغض النظر عن الطبيعة البيولوجية التي ولد عليها، وكانت قد أسست لهذه الأفكار الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار والتي قررت في كتابها (الجنس الآخر) عبارة خطيرة جدًا ترجمتها (لا نولد امرأةً وإنما نصير امرأة) أي أن المرأة لا تولد أنثى وإنما تصير أنثى بسبب التربية المجتمعية[17].
وكمثال على خطط النسوية وجهودها في تغيير المجتمع في المناطق المحررة من سوريا نجد التالي:
- تستغل المنظمات الغربية المشبوهة حالة الفقر التي أصبحت صفة للشريحة الأكبر من الناس في المناطق المحررة وخصوصًا مجتمع المخيمات.
- المؤسسات النسوية تركز على الأرامل والطالبات في الجامعات وتستقطب العديد منهن من خلال أنشطة خدمية أو تعليمية.
- زرع الأفكار يكون مقرونًا بالمساعدات المالية والإغاثية والتوظيف في بعض الأحيان.
- تعمل هذه المنظمات على توظيف من لا علاقة له بالثورة، وتحرص على استقطاب المرتزقة وصغار السن وتستبعد أصحاب القضية ليسهل توظيفهم في مخططاتها.
- الدعوة إلى تمكين المرأة واستقلاليتها التامة عن الرجل، ومحاربة الزواج المبكر[18].
ذكرت في السطور السابقة أبرز دعاة النسوية العلمانية بشكل عام، أما في المجتمع السوري فقد ظهرت عدة شخصيات يمكن التعرف عليها من خلال الأفكار التي يتم بثها بين النساء في سوريا وذلك عن طريق التوعية والفهم الحقيقي لمآلات هذه الأفكار والاعتبار بالمجتمعات الأخرى التي انهارت أخلاقيًا بسبب هؤلاء، والجهة الأولى المعنية بالاهتمام والبحث هم أئمة وخطباء المساجد بأعيانهم، لأن هذه المهمة لا يكفي أن يعلمها البعض ويكتبوا فيها بعيدًا عن الانخراط في صفوف المجتمع.
ثانيًا: النسوية «الإسلامية»/ مرحلة التأسيس:
أهم الكُتَّاب في هذا الموضوع: الإيرانية أفسانة نجم أبادي، ثم آمنة ودود، وزينة أنور، وأميمة أبو بكر، وزيبا مير حسيني، وكان لبعضهم مقالات في مجلة فرزانة الحكيم، ومقالات في مجلة زنان، ومن بعض مؤلفاتهم: سنوات الشدة سنوات النمو، واتجاهات وتيارات في البحث الإسلامي المعاصر، والنسوية والمنظور الإسلامي.
لم يكن لأصحاب هذا التوجه تاريخ قديم تأسسوا عليه، وإنما تبلور الخطاب النسوي «الإسلامي» في بداية تسعينيات القرن الماضي، بدأ في إيران ثم خرج إلى باقي الدول، ولم يكن هذا المصطلح «النسوية الإسلامية» علَمًا على خطاباتهم حتى مؤتمر اليونسكو حول النسوية «الإسلامية» في ١٩/٩/٢٠٠٦م[19].
أهم المفاهيم والأفكار:
الوعي بالتمييز ضد المرأة وهيمنة الرجل على المرأة، والعمل على «الاجتهاد الإصلاحي» في الإسلام لتطبيق العدالة والمساوة في الإسلام في الحقوق السياسية والاجتماعية، والسعي لتوثيق الصلة بين المسلِمات الساعيات إلى ذلك.
تدور رؤية النسويات «الإسلاميات» مع الحداثة، إلا أنها حداثة توفيقية تحاول المزج بين التمسك بمبادئ الإسلام والانفتاح على القيم العالمية، مع التركيز على مسألة حرية المعتقدات وعدم التمييز بين أصحابها[20].
خطط النسوية «الإسلامية» في التغيير:
النسويات «الإسلاميات» لا يعتبرن القرآن منتقصًا من حقوق المرأة، ولكنهن يرين أن الخطأ هو الاجتهادات السابقة في تفسير آيات القرآن والموروث العقدي والفقهي، لذلك وضعن معالم الطريق الذي يحقق مصلحة المرأة على النحو:
- إعادة قراءة النص الديني، وتقديم الاجتهادات النسوية البديلة.
- المطالبة بتعديلات قانونية تتضمن الاجتهادات النسوية.
نتائج وتوصيات:
- حفظ الإسلام حقوق المرأة في مختلف نواحي حياتها.
- فرض الله تعالى على مختلف شرائح المسلمين الحفاظ على المرأة وحمايتها وحفظ حقوقها.
- نشأت النسوية في مجتمعات غير إسلامية بسبب الظلم الذي وقع على المرأة في تلك المجتمعات.
- النسوية العلمانية خطر على الأسرة والمجتمع المسلم، لأن المرأة هي أساس التربية والأسرة، وإفسادها إفساد للأسر.
- تسعى النسوية لنشر العديد من الأفكار الخطيرة التي تمثل بذوراً للكفر والإلحاد والخروج من الدين.
- النسوية «الإسلامية» تسير في طريق غير شرعية وهي وإن كانت لا تسعى إلى إفساد الأسرة قصدًا ولكن طريقها غير سوي، وإن لم يقصدوا ذلك.
- ينبغي للباحثين التعمق أكثر في ثنايا هذه الحركات ودراسة شبهاتها تفنيدها والرد عليها.
أ. علاء الدين النصار
طالب في مرحلة الماجستير في الاقتصاد الإسلامي في جامعة شام.
[1] أخرجه البخاري (١٤١٨)، ومسلم (٢٦٢٩).
[2] أخرجه البخاري (٥١٣٨).
[3] ينظر: التمهيد، لابن عبد البر (١٣/٢٢٦). العُنَّة بضم العين وتشديد النون، والرجل العِنِّين: الذي لا يستطيع إتيان النساء.
[4] ينظر: المغني، لابن قدامة (٥/١٠٨).
[5] أخرجه مسلم (١٤٣٧).
[6] أخرجه البخاري (٥٩٧١) ومسلم (٢٥٤٨).
[7] ينظر: صحيح البخاري (٣٤٣٦).
[8] ينظر: صحيح البخاري (٥١٢٧).
[9] الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار، لابن عبد البر (٨/١٦٨).
[10] حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، لمثنى أمين الكردستاني، ص (٢٩٩).
[11] يُنظر: حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، ص (٣٠١ إلى ٣٢٠).
[12] المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة، د. كاميليا حلمي، ص (٦٣٦).
[13] يراجع: قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر، لملاك الجهني، ص (٣٥ إلى ٣٩).
[14] الحداثة نبتة غربية خبيثة، وهي مذهب فكري لم يكن وليد لحظة أو مصادفة، وإنما مذهب أنتجته تحولات فكرية متعاقبة، فبعد سقوط الكنيسة من واقع الناس وقلوبهم، نشأت في الغرب مذاهب إلحادية تحاول أن تفسر الكون والإنسان والحياة تفسيرًا ماديًا بعيدًا عن تفسير الدين وأطروحات الكنيسة، وكلما فشل مذهب انتقل الناس إلى غيره. www.islamweb.net
[15] الإنسانوية: تعني اعتبار الإنسان هو مركز الحياة ومرجع الأخلاق والأحكام ولا وجود للغيبيات، ولا حتى إلـٰه خالق للكون.
[16] المرجع السابق، ص (٥٠ إلى ٦٠).
[17] مستفاد من محاضرة مصورة للدكتور البشير عصام المراكشي حول قضايا النسوية بعنوان: النسوية، الحلقة الأولى.
[18] من أبرز المنظمات الداعية لهذه الأفكار: تستقل – كش ملك – اليوم التالي – الشبكة النسوية السورية – شبكة الصحفيات السوريات – قطرة – الرواد – تاء متحررة. من محاضرات للدكتور أسامة جورية في قضايا النسوية.
[19] يراجع: قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر، لملاك الجهني، من ص (٦٧ إلى ٧٢).
[20] يراجع: المرجع السابق، ص (٧٢ إلى ٧٨).