يتناول المقال صعود نظام الملالي في إيران إلى الحُكم، مع إبراز دوره في اختطاف الثورة الإيرانية لتحقيق أجندات أيديولوجية، ويكشف العلاقات الخفية بين الملالي والقوى الغربية منذ الخمسينات، خصوصًا الولايات المتحدة، التي دعمتهم كبديلٍ استراتيجي مع أفول الشاه واستنفاذه، كما يسلط الضوء على سياسات التوسع الإيراني وتصدير الثورة والعلاقات مع إسرائيل، مستعرضًا تناقضاتها بين البراغماتية السياسية والشعارات، ويُظهر كيف استغل الملالي الدِّين لتحقيق أهداف سياسية وإقليمية وسط انقسامات داخلية وتخادم دولي.
ضرورة إعادة قراءة إيران:
لعل أوجز مقولةٍ تعبّر عما نحن بصدده هي: “إيران جبل من الجليد، بعضه ظاهر للعيان، ومعظمه الكثير تغطيه المياه المجهولة”[1]. ففي ذلك الجبل كتلُ قضايا ومعضلاتٌ مركبةٌ كحكاية صعود الملالي، حيث يصعب فهم أنّ القصة نسجت نفسها، وكأنها تغييرٌ ثوريٌ طبيعيٌ في الحكم استحقّه الخميني فارتفع إلى عرش إيران. سنحاول هنا رواية وجهٍ آخر من قصة (إيران الخفية)، غيرِ مألوفٍ في عالمنا العربي، بالاعتماد على صنّاع الحدث وشُهوده المتنوعين. وقد وضعنا جانبًا التحليلات “الأيديولوجية”، لصالح الشهادات والتوثيقات والنقولات.
سُئل (راي تاقيه) مستشار الخارجية الأمريكية حول كتابه (حقبة الشاه): لماذا وضعت كتابًا رابعًا جديدًا عن الشاه وإيران؟
أجاب: “بعد مرور 40 عامًا على سقوط الشاه، بات من الممكن إجراء تقييمٍ أكثر موضوعية لعهده، فالمشاعر المتّقدة هدأت والنقاشات باتت منطقية، وبدأت تصدر كذلك سجلّات عن تلك الحقبة”[2].
ومن المعلوم أنه في العام 2017م أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية حوالي 1000 صفحة من الوثائق حول تلك الحقبة.
يقول عاصم الدسوقي:
“البعض يدعو إلى تجديد كتابة التاريخ بعد قرابة (خمسين سنة) لاعتبارات؛ كإعطاء المؤرخ فرصة كي يبتعد عن التأثر الشخصي، والخشية على نفسه، والانسياق مع التيار. ودُور الأرشيف تفتح أبوابها عادةً بعد انقضاء تلك المدة مراعاةً للمصالح السياسية والعسكرية. ثم كلما تقدم الزمن ظهرت أوراق ومذكرات غير رسمية تلقي أضواءً أكثر…”[3].
وأيًّا كان، فإن نظام الشاه الدكتاتوري، كان لا بد أن تسقطه قوى الشعب المتنوعة العريقة، وهو الذي قمع الحريات وسلط “السافاك” وبذخ واستعلى، وظن أن الغرب سيحميه. ولا يمكن نسيان جريمته وانقلابه مع بريطانيا على رئيس حكومة الشعب محمد مصدق، ثم إعدامه المشين.
تعاني غالب الدراسات العربية وكثير من مواقف الإسلاميين من الدولة والمجتمع الإيراني من ارتباك في مناهج البحث وتنوُّع مصادر المعلومات وطرق معالجتها، وغالبهاً استبطن مسلمةً رومنسيةً؛ هي لحظة ثورة الإيرانيين المحقّة، وسقوط (الشاهنشاه الديكتاتور)، وانتصار الرمزية الدينية، كلحظةٍ معرفيةٍ تأسيسيةٍ انطلقت منها لتناقش النموذج الإيراني وتُفسر تموضعاته السياسية والاجتماعية والمذهبية في المنطقة
من أين أُتينا معرفيًا: أشواقٌ وبريقٌ:
تعاني غالب الدراسات العربية للدولة والمجتمع الإيراني وسياسات الملالي من ارتباك في مناهج البحث وتنوُّع مصادر المعلومات وطرق معالجتها، فكثيرًا ما تخضع للتحيزات والالتقاطات اللحظية والمحدودية التي يغلب عليها تأريخ المشهد منذ أواخر سبعينات القرن المنصرم، مع غيابٍ للصورة البانورامية منذ مجيء الشاه والانقلاب على القائد الوطني محمد مصدق بمساهمة الملالي.
إجمالاً، بخلاف روايات الإيرانيين بتنوعها، وشهادات صنّاع الحدث والدبلوماسيين والوثائق، فإن كثيرًا من مواقف الإسلاميين استبطنت مسلمةً رومنسيةً هي لحظة ثورة الإيرانيين المُحقّة، وسقوط (الشاهنشاه الديكتاتور)، وانتصار الرمزية الدينية كلحظةٍ معرفيةٍ تأسيسيةٍ انطلقت منها لتُناقش النموذج الإيراني وتُفسر تموضعاته السياسية والاجتماعية والمذهبية في المنطقة، متجاوزةً حقائق تكوينية بسبب بريق تلك اللحظات ومشهد الرهائن، وتمسح الثورة (بعلي شريعتي)، وطباعة كتب (سيد قطب) وارتداء الخميني عباءة (يوم القدس العالمي) فورًا، ناهيك عن شوق جماهير الأمة إلى هذا التغيير كفاتحةٍ لغيره[4].
أمعن الملالي والصحافة الغربية (لأسباب متباينة) في رسم صورةٍ (للشاه) موغلة في العمالة والدموية، وردَّدها بعضُ الإسلاميين كونها أقرب إلى حالة القهر التي عاشوها، وتم إلقاء “هالات” على الثورة الملالية رغم اختطافها لعدالة ثورة قوى الشعب الإيراني المتنوعة واستحواذها عليها.
كما ذهل الناس عن تذبذب علاقات (الشاه) بالغرب وتضاربها مع مشاريعه الاقتصادية وسياسته النفطية، وموازنته للعلاقات مع العرب وتل أبيب[5]، وتوتر علاقاته ببريطانيا وفورد وكارتر وكيسنجر[6].
لقد استبعد الشاه خوض معارك دموية أخيرة حتى النهاية، وعيّن السجين شابور بختيار رئيسًا للوزراء -اغتاله لاحقًا الحرس الثوري في باريس- وغادر لعلَّه يعود بعد هدوء الأمور في حين كان جيشه قويًا ومواليًا.
ذهل الناس عن تذبذب علاقات (الشاه) بالغرب وتضاربها مع مشاريعه الاقتصادية وسياسته النفطية، وموازنته للعلاقات مع العرب وتل أبيب، وتوتر علاقاته ببريطانيا وفورد وكارتر وكيسنجر.
وفي المقابل، تراجع (الخميني)[7] عن وعوده (بعدم تدخُّل رجال الدين في الحُكم)، وراح يركِّز السلطات بيده، وعمل بولاية الفقيه، وأبعد الملالي الذين خالفوه كشريعتمداري، وأجهز على صلاحيات الحكومات المنتخبة وأقال رؤساءها[8]، وطارد حركات ورموز الثورة كبني صدر وبازرجان وقطب زاده ورجوي. ووصف المخالفين (بالماركسيين الإسلاميين) ثم عزل نائبه (منتظري)[9] في الإقامة الجبرية[10].
نموذج طلابي لتسلُّل دعايات الملالي:
مما أسهم في هذا التسلُّل: تَشكّل علاقات قوية بين شخصيات إسلامية عربية وإيرانيين مناضلين في أوروبا وأمريكا، حيث تشاركوا أحيانًا في تأسيس منظماتٍ إسلامية كجمعية مسلمي أمريكا، وروابط الطلبة المسلمين.
يقول د. توتنجي: “صار الطالب الإيراني مهدي بهادوري أول رئيس (لاتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا)… ولكن تكرَّرت التوترات التي نشأت عندما تولى الإيراني عباس جباري… وكنت ثاني رئيس للاتحاد قبله…”[11]. ومن أسباب التوترات ما حلّ بالفلسطينين على يد (أمل) ثم حرب العراق وتوزيع كتاب خميني (الحكومة الإسلامية).
ويضيف توتنجي:
“أتذكر أن (خميني) كانت تحيط به مجموعة متميزة، نشؤوا في أوروبا وأمريكا وكونوا علاقات مع المجتمع السني… كان السنة والشيعة متَّحدين في العمل والتزامهم بالدين الإسلامي. وكان هناك سبع وزراء للخميني تلقَّوا تعليمهم في أمريكا، منهم وزير الدفاع مصطفى شمران [مؤسس الحرس الثوري]، وإبراهيم يزدي (وزير الخارجية). لقد عملنا معًا للإسلام دون أية حواجز بيننا…”[12]. وعند بحثنا تبيَّن أن ضمنهم وزراء الخارجية السابقين: علي أكبر صالحي، وولايتي، وجواد ظريف.
هذا النموذج يوضح أحد المداخل النفسية والعلاقاتية مع مفردات الثورة التي سيطرت على بعض العرب، فيما لم يفرّق د. توتنجي -ومثله كثر- بين العلاقات الطلابية وحقيقة أنَّ الخميني إمّا أنَّه حَوّل هؤلاء إلى وحوش أو استغلهم كاليزدي أو ظهروا على حقيقتهم كالمجرم شمران، أو أنهم اكتشفوا أمره لاحقًا كأتباع شريعتي وطالقاني.
كان هناك سبع وزراء للخميني تلقَّوا تعليمهم في أمريكا، منهم وزير الدفاع مصطفى شمران [مؤسس الحرس الثوري]، وإبراهيم يزدي (وزير الخارجية).
نموذج الشِقاقي وحركة الجهاد[13]:
يقول رمضان شلّح:
“عندما اندلعت الثورة الإيرانية ألّف الشِقاقي كتيبًا بعنوان (الخميني: الحل البديل)”[14].
ورغم أنَّ الشِقاقي ينقل فقراتٍ مطوَّلةً من كتاب الخميني (الحكومة الإسلامية) إلا أنه لم يلحظ فكر خميني كلعنه الشيخين والغلو في أئمتهم.
ثم أعلن الشِقاقي أنها ليست ثورة طائفةٍ دون طائفة، واعتبر عصمة الأئمة مسألةً فرعية. وقال لوكالة الأنباء الإيرانية في 1/3/1994م: “انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الخميني أطلق الصحوة الإسلامية في المنطقة وفلسطين…”.
كان الشقاقي بعواطفه النبيلة الشابة وقضيته العادلة خير من يمكن لإيران استغلاله، بعد أنْ امتعض من الجمود الحركي والمراوحة عند (جماعة الإخوان) تجاه فلسطين حسب وصف كتابه. وقد قيل إنَّ الشقاقي اكتشف العطب متأخرًا وحاول الفكاك قبل اغتياله.
لقد حصلت مثل هذه التسللات للثورة الخمينية، رغم صدور كتاب سعيد حوى (الخمينية شذوذ) محذرًا من “التقية والبندقية”، وكتاب (وجاء دور المجوس)، وبيان (الإخوان في سوريا)[15] حول مواقف النظام الإيراني، ومما جاء فيه:
“إنَّ المواطن السوري والأخ الفلسطيني وكل من تحمَّس لحكّام طهران سرعان ما انقلب عليهم وأدان وقوفهم المخزي مع النظام الطائفي الخائن في دمشق، ولم يعد المسلمون يسألون عن الشواهد التي تثبت شِراء طغاة إيران الأسلحة من الصهاينة…”.
إيران مُصدّق وليس الملالي: انقلاب أجاكس
الشاه الأب رضا بهلوي كان يؤمن بمجد إيران واستقلالها، ورغم علاقته بالمستعمر البريطاني لم يمِل لصالح الحلفاء ضد المحور، فخلعوه وجاؤوا بابنه الشاه محمد رضا بعد غزو بريطانيا وروسيا لإيران 1941م. وبات الشاه الشاب (تحت الوصاية) البريطانية، ولم يجد بُدًا من الهروب إلى الحضن الأمريكي لاحقًا.
في تلك الأثناء رسمت شخصية (محمد مصدق) العظيمة أكبر حراكٍ سياسي في المنطقة للتحرُّر من الهيمنة الغربية فأسَّس “الجبهة الوطنية” تحالفًا وطنيًا واسعًا تبعه شريعتي وطالقاني وبازرجان.
بقيت قضية “تأميم النفط” ضد (الشركة البريطانية) تتفاعل، فقاد مصدق المطالبات الشعبية بالتأميم واستطاع تحجيم الشاه الذي غادر البلاد. لكن بريطانيا شددت حصارًا بحريًا واقتصاديًا على إيران من أجل خلع مصدق (رئيس الوزراء المنتخب)، وإحداث شغبٍ شعبي مضادٍ له من خلال العملاء وشراء بعض القوى الدينية والتجار، أعقبها (عملية أجاكس) بالتعاون مع أمريكا[16].
بذور علاقة أمريكا بالملالي:
ساند مصدقًا عمومُ الشعب والقوى والتيار الديني، وكان أحد أبرز الملالي السياسيين في إيران (آية الله أبو القاسم كاشاني) رئيس مجلس النواب الذي انضم إلى حركة مصدق الوطنية، فأفتى بأن “كل من يعارض تأميم النفط الإيراني عدو للإسلام”.
ولكن بدأت الخلافات بين كاشاني ومصدق بسبب انفتاحه على اليساريين بزعمه، فأصدر مجموعةٌ من الملالي فتوى بأنَّ مصدقًا معادٍ للإسلام، فانسحب (كاشاني) من التحالف مع مصدق[17]، واتَّهمه بخيانة الإسلام، ما أدّی إلى كشف ظهر مصدق[18]، فقام الأمريكان والإنجليز بانقلاب ضده في أغسطس 1953م، وبذلك سقطت حكومة مصدق[19].
تحوَّل الملالي والكاشاني من النقيض إلى النقيض، وتعاوَنَ مع (كيميت روزفلت)[20] مندوب المخابرات الأمريكية، وتحول إلى حليف للشاه[21]. وهكذا أعلن ابن الكاشاني من الإذاعة عودة الشاه!
وقد كشفت الدفعة الجديدة من (الوثائق) التي أفرجت عنها الخارجية الأمريكية عام 2017م، عن جذب وكالة المخابرات لكاشاني[22] الذي كان مصدر إلهامٍ للخميني لاحقًا، وعقدت لقاءات مختلفة معه قبل الانقلاب، وهو ما كشفت عنه (وثائق أجاكس) في رسالةٍ من السفارة في طهران إلى الخارجية الأمريكية، وذكرت في نهايتها أن الكاشاني يمكن رشوته[23].
وقبل ذلك، بعد تولى كاشاني رئاسة البرلمان، هنّأه وغازله وليام وران رئيس برنامج المساعدات الأمريكية، وكانت إحدى طموحات كاشاني حلمه بتشكيل جيش موازٍ من ملايين المسلمين يقودهم. ونقلت إحدى (وثائق أجاكس) عن كاشاني قوله للأمريكان: “أنا لست شخصًا عاديًا، أنا زعيم العالم الإسلامي”. ولعل هذه الأفكار شبيهة بتصدير الثورة والمركزية الخمينية، كما أنّ كاشاني كان مُعلم (خامنئي).
كما أكدت BBC تلقي (آية الله بهبهاني) مبالغَ ضخمةً من السفارة الأمريكية قبل تنفيذ الانقلاب، وعنوَن موظف المخابرات الأمريكية (ريتشارد كاتم) فى كتابه عنوان: (دولارات بهبهاني)، وهو ما يتفق مع مصادر أخرى، ومذكرات شقيقة الشاه (أشرف بهلوي).
نقلت إحدى (وثائق أجاكس) عن كاشاني قوله للأمريكان: “أنا لست شخصًا عاديًا، أنا زعيم العالم الإسلامي”. ولعل هذه الأفكار شبيهة بتصدير الثورة والمركزية الخمينية، كما أنّ كاشاني كان مُعلم (خامنئي).
الخميني: الله صفع مصدقًا، وكاشاني وبهبهاني أبطال:
العجيب كما كتب (منصور فرهانج) أول سفير للثورة في الأمم المتحدة وشاهد عيان على دور كاشاني وبهبهاني في الانقلاب، أنّ “رجال الدين الذين عارضوا مصدقًا إما أيدوا الانقلاب أو التزموا الصمت. ومع ذلك، خلال المظاهرات الثورية عام 1979م، استخدموا الاستياء العام من إعدام مصدق في دعايتهم المناهضة لأمريكا… ومن هؤلاء (الخميني) الذي حين سأله صحفي عن مصدق، أجاب: “الرجل الذي ذكرته صفعه الله”. وبعبارة أخرى، اختار الله وكالة المخابرات المركزية لمعاقبة مصدق. وأشاد الخميني آية الله بموقف كاشاني وبهبهاني”[24].
وفي خطاب ألقاه خميني عام 1981م وصف (مصدق) بأنه “غير مسلم”.
صعود الشاه ونزعته الاستقلالية:
بدأ الشاه بعد عقدين ينحو كوالده باتجاه نوعٍ من الاستقلالية السياسية والاقتصادية وتكريس “الشاهنشاهية”، فرفع أسعار النفط من أجل برنامجه الاقتصادي واستكمال البنى التحتية كمفاعل بوشهر، ورفض صراعًا إقليميًا توظيفيًا ضد العراق والعرب، فوقَّع اتفاقية الجزائر عام 1975م، وقد كان عقد السبعينات قد شهد اضطراب علاقات الشاه بفورد وكارتر ولندن بسبب أسعار النفط[25].
جاء ذلك بعد (ثورة الشاه البيضاء) في الستينات، حيث بدأ بنزع ملكيات كبار المزارعين لصالح صغارهم فتقلصت جبايات الملالي، وسمح للنساء بالتصويت، فعارض الملالي ورجال البازار إصلاحات الشاه، لا سيما مع القمع وبذخ حاشيته. ومن هؤلاء (خميني) الذي كان من أشد المعجبين بالكاشاني وبدأ بنسج امتياز قيادة معارضة الشاه واتهم الشاه بمعارضة الدستور والدين وبيع البلاد لأمريكا”[26].
والخميني يعي أنّ “إيزنهاور رتَّب انقلابًا فاشلاً على الشاه عام 1958م عن طريق الجنرال محمد ولي قرني”[27].
الشاه وقضية فلسطين والخيار العربي:
شهدت نهاية حرب 1973م، وتحول مصر نحو الغرب وتخلي العرب عن الخيار العسكري، متنفسًا للشاه الذي اعتمد على مبدأ (الخيار العربي)، كانت إيران حينها في أوج قوتها.
بات الشاه يتوجَّس أكثر من السوفييت وشراهة الدول الغربية، ورأى أن استقراره لن يتحقَّق إلا بالتفاهم مع العرب والتوازن في العلاقة مع تل أبيب[28]، فمال لخطب ودهم واعترف بالبحرين وزار مكة لتنسيق السياسة النفطية، لكنه تعرض للخذلان بسبب اتفاق يماني وكيسنجر السري[29].
كما دعمت إيران الاعتراف بمنظمة التحرير وحق العودة، وكانت ترى الخيار السلمي لتحقيق هذه الحقوق. وفيما يتعلق بالقدس والمستوطنات، أبلغ الشاه كيسنجر بأن إيران تطالب بسيادةٍ إسلاميةٍ على القدس، بالإضافة لرفضها المستوطنات، والمطالبة بالانسحاب من أراضي 67.
بالنتيجة كانت مواقف الشاه متماشية مع المواقف العربية، وتقبل الأمر الواقع بوجود إسرائيل، وتتعاون مع تل أبيب في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية، مع مطالبتها بمنح الفلسطينيين حقوقهم من أجل السلام وتخفيف التوتر في المنطقة لإبقائها بعيدًا عن مغامرات السوفييت التي تستغل القضية الفلسطينية، وبذلك يكون الشاه متصالحًا في سياساته مع البراغماتية الواقعية[30].
الشاه والنفط:
مع دور إيران داخل (أوبك) وحرب ۱۹۷۳م وأزمة النفط، بدأت ترتسم سياستها في السبعينيات بالتحالف مع مصر والخليج وباكستان، ومع إسرائيل وتركيا في المقابل، ولكن ضمن رؤية مستقلة عن التبعية الكاملة للسياسة الأمريكية.
وعقب توقيع الشاه اتفاقية الجزائر مع العراق 1975م، وكلام رابين لكيسنجر بأنه سيكون من الحماقة اعتماد تل أبيب على الشاه[31]… اعترف كيسنجر لرابين بأن الشاه أدخل عنصرًا خطيرًا من عدم الثقة في عملية السلام قائلاً: “سأعطيك حُكمي، ولكن حُكمي يجب أن يشمل إمكانية تغيير مسار السادات في المستقبل… ما فعله الشاه، هو قادر على فعله… لقد هزني القرار الإيراني أيضًا”[32].
مع دور إيران داخل (أوبك) وحرب ۱۹۷۳م وأزمة النفط، بدأت ترتسم سياستها في السبعينيات بالتحالف مع مصر والخليج وباكستان، ومع إسرائيل وتركيا في المقابل، ولكن ضمن رؤية مستقلة عن التبعية الكاملة للسياسة الأمريكية.
خطط أمريكية بديلة؛ تصعيد خميني:
يبدو أنَّ الاستقرار السياسي بين دول المنطقة كان خلافًا لرغبة أمريكا بزعزعة المنطقة لتحقيق مصالح استراتيجية اقتصادية وديمغرافية تفتيتية.
الولايات المتحدة كانت تراقب الشارع الذي بقي يتحرَّك منذ الستينات وأيقنت أنَّ البديل المرحلي العقائدي الإقصائي المناسب قد يكون (الملالي)، لا سيما مع مرض الشاه ونزعته الاستقلالية والنفطية وهو ما انتهجته أمريكا لاحقًا بدهاءٍ سياسي على حساب تيارات المعارضة الإيرانية الوطنية الأخرى.
أدركت الولايات المتحدة أنّها لا يمكن أن تسمح للحراك (الذي شمل جميع القوى) بتجديد عهد (مصدق) فأفسحت الطريق لنظام الخميني الأيديولوجي صاحب “ولاية الفقيه”، وهذا قد يفسر تغاضي أمريكا عن (مصطفى جمران)[33] الذي كان يعمل في وكالة ناسا وأسس جبهةً معارضةً هناك.
فيما تعود جذور فكرة التخادم الأمريكي مع (خميني) إلى التجربة الناجحة مع (كاشاني) في قطع الطريق على القوى الوطنية الثورية عام 1953م، وهو ما حصل 1979م مع تفاقم مرض الشاه المتمرد.
وفي وثيقة (للوكالة الأمركية) بعنوان “الإسلام في إيران”، ونشرتها هيئة الإذاعة البريطانية، إنّ (خميني) تواصل مع الولايات المتحدة عام 1963م عبر د. ميرزا خليل كرامائي حيث أوضح خميني أنه لا يعارض مصالح أمريكا في إيران.
ويعزى إلى (لورد ويورد) وزير خارجية بريطانيا قوله في أكتوبر 1914م أن هناك أقوى جهاز متنفذ في إيران ونحن نثق به وهو طبقة رجال الدين الملالي.
ويذكر (نهاوندي) رئيس جامعة طهران سابقًا: “السيناريو بدأ يحاك منذ 1975م بعد أن تصلب شاه إيران في رفع أسعار البترول، وأخذ يعد العدة للاكتفاء الذاتي، ولا يهتم بالمصالح الأمريكية والأوروبية كالسابق”[34].
وقد “ذكر الشاه في مذكراته أنَّ الأمريكان لم يعملوا لإنقاذه، ورغبوا في مغادرته البلاد كما قال له الجنرال هويزر معاون رئيس حلف ناتو والذي اتصل بالمعارضة”[35]. بل “انحصرت مهمة هويزر في منع الجيش من القيام بانقلاب لإنقاذ العرش وأبلغهم أنَّ أمريكا لن تساندهم، وأما BBC فقد كانت تساند المعارضة بشدّة وتبثُّ خطب ومحاضرات الخميني”[36].
فيما نُقل عن الشاه: “يقول لي الناس لو أنك رفعت لحية الخميني فستجد عبارة صنع في إنجلترا تحت فمه”[37]. وما كان على الشاه إلا أن يلوم نفسه على حصاده.
تعود جذور فكرة التخادم الأمريكي مع (خميني) إلى التجربة الناجحة مع (كاشاني) في قطع الطريق على القوى الوطنية الثورية عام 1953م، وهو ما حصل عام 1979م مع تفاقم مرض الشاه المتمرد.
محادثات خمينية أمريكية:
لم يكن سفر إبراهيم يزدي إلى أمريكا عام 1960م عائقًا لدوره في (الجبهة الوطنية(، فافتتح لها فرعًا في هيوستن[38]، وتسلّم مسؤولية ترجمة بيانات (خميني) والرسائل المتبادلة بين خميني والأمريكيين، التي بلغت وفقًا لمذكرات يزدي خمسة لقاءات دارت حول المخاوف من نشوب حربٍ أهليةٍ مع الانقلاب، والتخوف من قوة الشيوعيين… ومستقبل استثمارات أمريكا في إيران[39].
يقول البروفيسور (موسى الموسوي)[40] الذي كان خميني يطلب مساعدته في طهران والنجف وباريس: “يظهر من اعترافات زمرة خميني أن الأمريكان غيروا سياستهم في دعم الشاه… وبدؤوا بالاتصال مع (خميني) وزمرته. فهل كان هذا لأنَّهم علموا أنَّ (الشاه) مصابٌ بالسرطان… فالبحث إذن عن نظامٍ قويٍّ صديق، لا سيما أن اهتمام السياسة الأمريكية ينصب على عدم انتصار الشيوعية في بلد استراتيجي مثل إيران”[41].
ثم يضيف الموسوي: “… ناهيك عن المحادثات التي دارت في باريس بين خميني ورامزي كلارك، ثم استمرت المحادثات بين زمرة خميني في طهران مع الأمريكان، كما اعترف بازركان وبهشتي ورفسنجاني أنهم أجروا تلك الاتصالات بعلم (خميني) وأمره… ولم يكن وزير الخارجية (اليزدي) هو الأمريكي الوحيد في الدولة الخمينية، بل كان (أمير انتظام) وزير الدولة والناطق الرسمي، (ومصطفى جمران) وزير الدفاع يحملان (الجنسية الأمريكية)”[42].
“ومن المفارقات أن حسين (حفيد خميني)، ذكر لي أنه حمل إلى جدِّه وثائق من (فتح) تثبت عمالة (جمران) للمخابرات الأمريكية، وأبلغ جدَّه موقف جمران من قضية فلسطين وتورُّطه بدماء الفلسطينيين مع (أمل)، إلا أن جدَّه ثبته كوزير للدفاع. ومع أنَّ حسين الخميني صفع جمران في المطار أمام الجموع علّه يستقيل”[43].
“من المفارقات: أن حسين (حفيد خميني)، ذكر لي أنه حمل إلى جدِّه وثائق من (فتح) تثبت عمالة (جمران) للمخابرات الأمريكية، وأبلغ جدَّه موقف جمران من قضية فلسطين وتورُّطه بدماء الفلسطينيين مع (أمل)، إلا أن جدَّه ثبته كوزير للدفاع”
الثورة البائسة للموسوي
الفئات التي تعاونت لإسقاط الشاه[44]:
1. الجبهة الوطنية: جماعة مصدق الأعرق. ثم تجمعت في حركة (حرية إيران) التي أسسها الإمام الزنجاني وبازركان، ونفوذها في الجامعات والبازار.
2. مجاهدو خلق وجماعة الفرقان: بدؤوا بالمقاومة المسلحة، الأب الروحي لهم الطالقاني وشريعتي، دورهم الشبابي كبير في نجاح الثورة، كذلك الأحزاب اليسارية كتوده الشيوعي.
3. كبار رجال الدين كشريعتمداري وطبطبائي، وكانوا على طرفي نقيض مع الخميني.
4. جماعة شريعتي: المثقفون المتحمسون للتجديد الإسلامي بعيدًا عن الطبقية وحكم الملالي.
5. خميني وزمرته من رجال الدين.
وقد اضطر نظام خميني في البداية لأن يسمح لحركة (حرية إيران) بتشكيل أول حكومة بعد الثورة -بارزكان ثم بني صدر- ثم أجهضها وطردهم واستحوذ على كل الصلاحيات.
على طريق إيران كونترا:
وفقًا لتريتا بارسي، زار أحمد ابن الزعيم آية الله كاشاني إسرائيل في أوائل عام 1980م لمناقشة مبيعات الأسلحة والتعاون بخصوص المفاعل العراقي، وأدى ذلك إلى صفقات أسلحة وسماح الخميني لأعداد كبيرة من اليهود بمغادرة إيران، وزار بعدها الكولونيل Uri طهران[45].
وتحدث الرئيس الإيراني (أبو الحسن بني صدر) بإسهاب في كتابه (دوري لأتحدث)، وفي عدة مقابلات عن كثيرٍ مما أسلفناه، وعلاقات (خميني) ورجاله بأمريكا والتي تطورت إلى (إيران كونترا)، ومما قاله: “تم عقد اجتماع في إسبانيا بين رضا بسنديدة نجل شقيق الخميني ووليام كيسي مدير الحملة الانتخابية لريجان… وقد قال لي أحمد الخميني أمام والده: إنّ الخميني يصر على التعاون مع ريغان… وكان هناك لاحقًا اتفاقٌ سري لبيع السلاح لإيران”[46].
وبحسب مركز بافي للدراسات في جامعة تل أبيب فإن (إسرائيل) عدا عن وساطاتها والصفقات الأمريكية، باعت إيران أسلحةً مقابل النفط.
يقول الموسوي:
“ثبت لإسرائيل أن إيران في ظل “التاج والعمامة” سوقٌ رائجة، فما تستورده الجمهورية الإسلامية من إسرائيل بلغ أضعاف ما كانت تستورده إيران في عهد الشاه، والنفط الذي تستورده إسرائيل منها أضعاف ما كانت تستورده أيام الشاه، فمتى كان الشاه يشتري الأسلحة وقطع الغيار من إسرائيل كما فعلت الدولة الخمينية، غير أنَّ الشاه كان شجاعًا في التصريح بعلاقاته مع إسرائيل، والخميني وزمرته جبناء…”[47].
وقد اتُّهم مهدي هاشمي من قبل النظام عام 1986م بإفشاء معلومات المفاوضات بين هاشمي رفسنجاني والولايات المتحدة، فصدر حكم إعدامه رغم معارضة منتظري.
“كان الشاه يشتري الأسلحة وقطع الغيار من إسرائيل كما فعلت الدولة الخمينية، غير أنَّ الشاه كان شجاعًا في التصريح بعلاقاته مع إسرائيل، والخميني وزمرته جبناء”
الثورة البائسة للموسوي
جانب من التعاملات مع إسرائيل:
1. قبل وصول الخميني إلى السلطة بشهر تواصلت إسرائيل معه لمعرفة نواياه تجاه الكيان واليهود، فكان جوابه مطمئنًا. الرسائل[48] نقلتها “روث بلاو” زوجة الصهيوني “نيتوري كارتا” والتقت بالخميني عدة مرات، ثم لعبت دورًا في هجرة اليهود وبيع أسلحة لإيران منذ 1980 حتى إيران كونترا[49].
2. في أبريل 1980م، إسرائيل باعت إيران قطع غيار لمقاتلات إف 4 وأسلحة، وبالمقابل سمح خميني لليهود الإيرانيين بالانتقال إلى إسرائيل. وأكد أحمد حيدري تاجر الأسلحة الإيراني أن 80% من أسلحة إيران بعد بداية الحرب وصلت عن طريق إسرائيل.[50]
3. تخوف الموساد من تفوق العراق على إيران وأثره على الأمن القومي. ولهذا قام “وليم كيسي” بعمل عدة اجتماعات بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين في الموساد أحدهم كان “ناخوم ادموني” في إسبانيا. تسليح إيران كان أولوية لإسرائيل[51].
4. ريغان أوعز بإيصال الأسلحة في أول أيامه مما فتح الباب لإسرائيل لدعم إيران بشكل لا محدود. تطورت العلاقات إلى فتح لجنة مشتركة بين أمريكا وإسرائيل للتباحث في نوعية وكمية الأسلحة المرسلة لإيران(.[52]
5. بلغت قيمة الصفقات عشرات المليارات حتى العام 1987م. إسرائيل استطاعت تزويد إيران بأسلحة إسرائيلية وأمريكية وأوروبية وبرازيلية، وطائرات ميراج ومعامل للأسلحة الكيمياوية[53].
6. بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تواصل بيع إيران لملايين براميل النفط لإسرائيل. وقد أبلغت إسرائيل أمريكا بذلك في نوفمبر 1989م.
ضرب الإسلام من الداخل:
الشاه كان يؤمن بعظمة القومية الفارسية وتراثها، وسعى لتحقيق عصبية فارسية (شاهنشاهية) في محيط متجاذب راعى فيه التوازن الجيوسياسي، فيما شاركه (خميني) في المركزية العرقية، ولكن زاد عليها العصبية المعنوية (الصفوية)، وهي التي كرست (تصدير الثورة) وهلهلة المنطقة بالتهديدات، وهو ما ثبت أنه أصلح لتدخل الغرب وابتزازه للمنطقة وحلبِها.
يقول د. محمد الأحمري:
“لعل مما يستحق التنبُّه له في الدراسات الغربية والتخطيط هي سياسة تقسيم الإسلام إلى قسمين: سني وشيعي، سياسة سبق أن أثارها أمثال فريدمان الذي يزعم أن السنة كانوا يحتلون العراق، وأن أمريكا جاءت لتحرير الأكثرية من الأقلية!
ومن الزاعمين أنهم يكتبون استراتيجية للعلاقات “الشيعية الأمريكية” نصر والي، صاحب كتاب (انبعاث الشيعة) الذي يقوم على نظرية أنَّ الإسلام السني يشبه “الكاثوليكية” بجموده وتخلُّفه وخطره على الغرب وثقافته، فيما “الإسلام الشيعي” يمثل “بروتستانت الإسلام” أي التيار المتنوِّر الديمقراطي الواقعي المتصالح فكريًا ومستقبليًا مع الغرب، والذي كان يظهر للغرب أنَّه عدو له وفي الحقيقة يحمل بذور الصداقة والعلاقة الاستراتيجية.
قد يكون هدف الفكرة تقريب الغرب للشيعة وتقريب الشيعة للغرب، وتقوية الأقلية ضد الغالبية، وبناء ولاءٍ أعمق من السياسة… وهذا التوجه إحياء لأفكار قديمة استعمارية نجحت في الماضي…”[54].
وجاء على لســان (رفسنجاني) عقب حرب الخليج الثانية: “إنَّ إيران البلــد الوحيد الــذي يمكن للعالــم الاعتماد عليه للدفاع عن أمــن منطقة الخليج ومواردها النفطية”[55].
الشاه كان يؤمن بعظمة القومية الفارسية وتراثها، وسعى لتحقيق عصبية فارسية (شاهنشاهية) في محيط متجاذب راعى فيه التوازن الجيوسياسي، فيما شاركه (خميني) في المركزية العرقية، ولكن زاد عليها العصبية المعنوية (الصفوية)، وهي التي كرست (تصدير الثورة) وهلهلة المنطقة بالتهديدات، وهو ما ثبت أنه أصلح لتدخل الغرب وابتزازه للمنطقة وحلبِها.
البرغماتية الملالية:
“أكّد عدد من النخب الإيرانية أن الدعوة لإعادة العلاقات السياسية مع (الولايات المتحدة) أو عدم إعادتها ليست دليلاً على الالتزام بمبادئ الثورة الإيرانية، وإنما يتعلق ذلك بتحقق المصلحة الوطنية”[56]. واختصر خامنئي معادلة دولة الملالي بكلمات: “إيران بحاجة إلى عداوة أمريكا”[57].
وقد نقل موقع إيران إنترناشيونال مؤخرًا كلامَ علي أكبر صالحي في مقابلة قناة الميادين: “على طهران أن تفعل شيئًا لمنع (القضية الفلسطينية) من أن تتحول إلى صراع إسرائيلي – إيراني في الرأي العام العالمي”.
“وليس سرًا أنه في محضر النقاش بين (سولانا) مسؤول الخارجية الأوروبية و(لاريجاني)، ذكر لاريجاني أنه من الممكن أن تتنازل إيران عن (السلاح النووي) مقابل ثمن لائق… مثل هيمنة إيرانية على بقية شواطئ الخليج، لأنَّ هذه مناطق شيعية وثروتها تذهب لحكامٍ سنّة”[58].
هل شعوب إيران مستثناةٌ من قيمنا:
يفوق الوصف ما يتحمله (المجتمع الإيراني) بأطيافه من استبدادٍ بعد سرقة ثورته عامي 1953م و1979م. والأمير (عبد الكريم الخطابي) يقول: “قضية المستضعفين واحدة وتوحدهم”، إذ إنّ المجتمع الإيراني دفع أثمانًا مثلنا على يد الشاهنشاهية والملالية.
يناقش بعضنا بخصوص شدة العلاقة بالنظام الإيراني، كون إيران جزءًا من منطقتنا وحضارتنا. وهذا حقٌ يصح (للشعب الإيراني) أولاً، فهو أساس الحضور والعلاقة. والرهان القيمي يكون على العدالة والحرية والحق.
ويبدو اليوم في إيران حانت لحظة الحقيقة.
يقول دو توكفيل:
“تحين اللحظة الأكثر خطورة بالنسبة لنظام سيئ حين يسعى لإصلاح نفسه”.
م. طاهر صيام
باحث في الحضارات والفكر، عمل في جامعة ولاية واشنطن
[1] ماذا جرى في الشرق الأوسط؟ ناصر الدين النشاشيبي، جريدة التايمز اللندنية 1959م، ص (255).
[2] مقابلة مع راي تاقيه، موقع معهد كارنيغي ميلون، 2021م،
https://carnegieendowment.org/middle-east/diwan/2021/04/the-shahs-ride?lang=ar¢er=middle-east
[3] البحث في التاريخ، للدكتور عاصم الدسوقي، ص (173).
[4] ينظر كنموذج كتاب الشقاقي: الخميني والحل البديل، طبع 1979م، واختصره رمضان شلح.
[5] Treacherous Alliance, Yale University Press, p26، Trita Parsi.
[6] ينظر: هوشنك نهاوندي: كتاب “الخميني باريس والأكاذيب الكبرى والحقائق الموثقة”.
[7] ينظر فيما كتبه موسى الموسوي مطولاً تحت عنوان (الخميني في الميزان)، في شهاداته في كتابه (الثورة البائسة).
[8] ينظر: تاريخ إيران السياسي بين ثورتي 1906-1979م، لآمال السبكي، ص (239-260).
[9] يراجع: كتاب نقد الذات لسعيد وحسين منتظري.
[10] ينظر: كتاب “الثورة البائسة”، لموسى الموسوي، ص (136).
[11] 60 عامًا بين الشرق والغرب، لأحمد توتنجي، ص (120-121).
[12] المرجع السابق، ص (290).
[13] ينظر: “موسوعة الحركات الإسلامية”، مركز دراسات الوحدة العربية.
[14] “في عين العاصفة” حوار مع رمضان شلح، غسان شربل، بيسان للنشر والتوزيع، ص (73).
[15] مجلة النذير، العدد ٤٥، ١٩٨٢م.
[16] ينظر: تاريخ إيران السياسي بين ثورتي 1906-1979، ص (181-188).
[17] Kressin Wolfgang: Mossadegh and Kashani from Unity to Enmity.
[18] السفير منصور فرهانج: مقالة على موقع ميدل إيست أي. https://www.middleeasteye.net/opinion/blame-foreigners-disasters-1953-coup-yes-iranians-must-look-their-own-failings
[19] Tauris, 2007 Ends of British Imperialism: Suez and.
[20] ينظر: مذكرات الضابط كيرميت روزفلت: Revolution and Counter Revolution
[21] تاريخ إيران السياسي بين ثورتي 1906-1979م، ص (181-188).
[22] جوناثان سامياخ: مقالة Don’t Blame the Mossadeq Coup، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إبريل 2020م.
[23] ينظر رابط وزارة الخارجية https://history.state.gov/historicaldocuments/frus1951-54Iran/d43
[24] مقالة فرهانج: مرجع سابق.
[25] Oil and the Shah of Iran (1974) مقابلة تلفزيونية مع الشاه
https://www.youtube.com/watch?v=EI5joeY2l-U
[26] تاريخ إيران السياسي بين ثورتي 1906-1979م، ص (190).
[27] مقابلة راي تاقيه السابقة، نقلاً عن مذكرات ضابط المخابرات كريميت روزفلت.
[28] ينظر: رابط لقاء الشاه التلفزيوني 1974م – مرجع سابق.
[29]ينظر: كتاب أندرو سكوت كوبر: الاتفاق السري الذي أطاح بالشاه.
[30] ينظر مقالة: إيران والقضية الفلسطينية زمن الشاه، لنبيل عودة: https://www.noonpost.com/content/11455/
[31] استمع لمقابلة تلفزيونية مع الشاه 1976م https://www.youtube.com/watch?v=9RH2wXQtFdo
[32] ينظر: كتاب “ملوك النفط”، لِسكون كوبر، يقصد كيسنجر أن الشاه باتفاقه مع صدام باع الأكراد حلفاء إسرائيل.
[33] ينظر سيرة جمران عمومًا Nick Robinson: biography of “Mustafa Chamran”
[34] ينظر: هوشنك نهاوندي: كتاب “الخميني باريس والأكاذيب الكبرى والحقائق الموثقة”.
[35] الثورة البائسة، لموسى الموسوي، ص (19).
[36] تاريخ إيران السياسي بين ثورتي 1906-1979م، ص (216).
[37] الكبرياء والسقوط، مذكرات آخر سفير بريطاني في إيران، للسفير أنتوني بارسونز، ص (10).
[38] مذكرات ابنة دبلوماسي 5: موقع الأهرام، نقلاً عن مذكرات الأميرة أشرف https://www.siyassa.org.eg/News/15539.aspx
[39] مقالة، إبراهيم يزدي “النفي الطويل في قلب الثورة”، موقع جادة إيران https://aljadah.media/archives/9237
[40] شخصية مرموقة من عائلة شيعية مرجعية، وحاصل على شهادات الدكتوراة في الفقه والاقتصاد والفلسفة من النجف وجامعة طهران ثم السوربون، وعمل أستاذًا في جامعات طهران وبغداد وهارفرد وكاليفورنيا.
[41] الثورة البائسة، للموسوي، ص (20).
[42] المرجع السابق، ص (21).
[43] المرجع السابق، ص (80).
[44] المرجع السابق، ص (29-30).
[45] Treacherous Alliance, Yale University Press, P95.
[46] الذاكرة السياسية، أبو الحسن بني صدر https://www.youtube.com/watch?v=VfiiV_tA3jM
[47] الثورة البائسة، ص (125).
[48] RUTH BLAU: Motti Inbari, P3.
[49] Profit of war: Ari Ben-Menashe, 1992.
[50] Treacherous Alliance, Yale University Press, P95-96.
[51] OCTOBER SURPRISE, Gary Sick, P100.
[52] WEALT, EMPIRE & FUTURE OF AMERICA: Peter Scott, P107.
[53] Profit of war: Ari Ben-Menasha, 1992.
[54] رؤية في المُعضلة الشيعية، موقع مجلة العصر، مارس-2007م، بتصرف يسير.
[55] العلاقات الأمريكية الإيرانية ــــ الوجه الآخر، للدكتور ضيف الله الضيعان، ص (12).
[56] العلاقات مع أمريكا بين خامنئي ورفسنجاني، لمحمد السعيد، مجلة مختارات إيرانية، العدد 142، ص (61).
[57] مقالة: “دروس للفهم والتعامل مع طهران”، لجورج كينان.
[58] رؤية في المعضلة الشيعية.