تزكية

الزلزال وامتحان العقائد

الزلزال من جملة الكوارث التي تصيب البشر، فتشعرهم بعدم الاستقرار وتحدث لهم شيئًا من الخوف والحزن والقلق، وذلك ليتحقق نوع من أنواع الاختبار والابتلاء، فيظهر ما في النفوس على حقيقته دون تصنع، فينجح في الامتحان قوم ويرسب آخرون، فماذا تختبر هذه الكوارث في البشر؟ وكيف يستعدُّ لها؟ تتعرَّض هذه المقالة لجانب مهم في الابتلاءات وطبيعتها

عاش الناس مع أيام الزلزال –ولا يزالون– أوقاتًا عصيبة، مليئة بالآلام والأحزان، فُجع فيها الحبيب بحبيبه، وأصيب المرء في بدنه، وتهدم بيته، وفقد ماله، وهام على وجهه في الأرض. فما أشدَّها من مصائب، وما أوجعها من حوادث.

وتنوّعت أحوال الناس تجاه هذا الكرب، بين صابرٍ محتسب، وهلوعٍ مضطرب، ومتسخِّطٍ منقلِب على وجهه. أما الحزن والبكاء، فأمرٌ فُطر عليه البشر (إنَّ العينَ تدمع، والقلب يحزن)[1] بل هي من جملة ما يثاب المسلم عليه بتكفير سيئاته (ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هَمٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)[2].

لكنَّ الخوفَ كلَّ الخوف من تطرُّق الشكِّ إلى اليقينيات، وتزعزُعها في النفوس، والأخطر من ذلك أن يتفوَّه الإنسان بكلماتٍ من الاعتراض والتسخُّط تكون فيها هَلَكته، وقد تودي كلمةٌ بصاحبها في العذاب الأليم (وإنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنَّم)[3].

من أكثر ما يُخشى في الابتلاءات تطرُّق الشكِّ إلى اليقينيات، وتزعزُعها في النفوس، والأخطر من ذلك أن يتفوَّه الإنسان بكلماتٍ من الاعتراض والتسخُّط تكون فيها هَلَكته، وقد تودي كلمةٌ بصاحبها في العذاب الأليم

الصادق الأمين:

كان النبي ﷺ يُعرف في مكة منذ نشأته بالصادق الأمين، وذلك لما رآى فيه قومه من الأمانة والصدق والعفَّة ومكارم الأخلاق، لكنهم لما اختُبروا في ذلك رَسَبوا في الاختبار. فإنه لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] صعد النبي ﷺ على الصفا، فجعل يُنادي: يا بني فِهر، يا بني عَدي، لبطون قريش، حتى اجتَمَعوا، فجعل الرجُل إذا لم يستطع أن يَخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهبٍ وقريش، فقال: (أرأيتَكم لو أخبرتُكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصدِّقيَّ؟ قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليك إلا صدقًا، قال: فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد)[4] كذَّبه أكثرُهم.

فتعجُّبُهم مما جاء به ﷺ: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥] وتعصُّبهم لما كان عليه آباؤهم، لم يتركا لاعتقادهم بصدقه أثرًا، فكانوا مستعدِّين لتصديقه في الأمر اليسير، ولكن ليس في الأمر الخطير!

قارِن هذا بحال الصدِّيق رضي الله عنه، فيما ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: لما أُسرِي بالنبي ﷺ إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدَّث الناس بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به وصدَّقوه، وسَعَوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعُم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أَوَ تُصدِّقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يُصبح؟ قال: نعم إني لأصدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصدِّقُه بخبر السماء في غَدوَة أو رَوحَة، ومن هُنا سُمِّي أبو بكرٍ رضي الله عنه بالصدِّيق[5]. قال النووي في تهذيب الأسماء: «وأجمعت الأئمة على تسمِيَته صدِّيقًا. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إنَّ الله تعالى هو الذي سمّى أبا بكرٍ على لسانِ رسول الله ﷺ صديقًا». وسببُ تسميته أنَّه بادرَ إلى تصديق رسول الله ﷺ ولازَمَ الصدق، فلم يقع منه هنَّات ولا وقفةٌ في حالٍ من الأحوال»[6].

لقد كان اعتقاد الصديق بصدق النبي ﷺ راسخًا لا يُزعزعه شيء، فلما امتُحن في موقفٍ عجيبٍ خارقٍ للعادة يصعُب على التصديق –حتى أنَّ أناسًا ممن مالوا لتصديق النبي ﷺ وكادوا يؤمنون به تراجعوا عنه– ظهرت قوة إيمانه ورسوخ يقينه.

فالناس تدَّعي أمورًا، لكن لا يثبُت صدقها إلا بالاختبار والامتحان. ولَو يُعْطَى الناسُ بِدَعْواهم لادَّعى الخَلِيُّ حُرقةَ الشَّجِيِّ.

لقد كان اعتقاد الصدِّيق بصدق النبيِّ ﷺ راسخًا لا يزُعزعه شيء، فلما امتحُن في موقفٍ عجيبٍ خارقٍ للعادة يصعُب على التصديق ظهرت قوَّة إيمانه ورُسوخ يقينه

مشقّة الامتحان:

ومن البَدَهي أن يكون الاختبار شاقًّا، لأنه لو لم يكن كذلك لما تبيَّن صاحبُ العقيدة الراسخة من صاحب القناعة الرقيقة، إذ كلُّهم يجتاز الاختبار اليسير.

لولا المشقَّة ساد الناس كلهم *** الجـود يُفْـقِرُ والإقـدام قتّال

﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ﴾ [التوبة: ٤٢].

ومن هنا كان أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثلُ فالأمثل، حتى أنَّ الله أمر خليله إبراهيم أن يذبح ابنه الذي أوتيه على كبر، وبعدما بلغ معه السعي. لقد قضى الله أنَّ من أراده خليلاً لنفسه أن يُثبت خُلوَّ قلبه من كل خُلَّة إلا ما أراده خليله له، فابتلاه هذا البلاء ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦].

والاختبار يحصل به أمران: إيقاف الكاذب في دعواه على كذبه، وإيقاف الصادق في دعواه على درجة رسوخه.

فيفتضح أمر الأول وينكشف، فينفي الله خَبَثه عن الناس والمجتمع إلا أن يتوب، ويتَّعظ الثاني فيستدرك ويُصحِّح.

وأشقُّ الاختبار هو الذي ينفُذُ إلى أصل الاعتقاد، ليُرى ثباتُه عليه، كما تُختبر المباني الشاهقة في أساساتها.

لقد كان الاختبار الحقيقي لاعتقاد صدق النبي ﷺ هو في إخباره عن أمرٍ غيرِ معتاد، فيكون التسليم للخبر هو محضُ تصديق المخبِر، لا لأنَّ في الخبر ما يدعو إلى تصديقه، بل قد كان في خبر الإسراء ما يُحيل تصديقه!

وقد كاد الاختبار ألا يكون إلا هذا! ولكن من يُطيقه؟ ومن كالصدِّيق؟ ولهذا اقتضت رحمة الله ولطفه بعباده أن يكون في ثنايا البلاء ما يُعين الإنسان على اجتيازه «تنزل المعونة على قدر المؤونة».

اكتساب الاعتقاد واختبار الاعتقاد:

يكتسب الإنسان عقيدته في أمرٍ ما مِن كثرة الشواهد والأدلّة عليها وقُوّتها، حتى لا يبقى معها مجالٌ للشك، فتصبحُ عقيدةً راسخة.

ثم تأتي المواقف لتختبر درجةَ رسوخها، وكلما كان الموقف مُصادمًا للاعتقاد في ظاهره، كانت الفتنة به أشدّ. فإذا تزعزع يقين الإنسان بما كان يعتقد دلَّ ذلك على ضعف التأسيس أصلاً، وهذا يدلُّ على خطورة زمن التأسيس. فإذا وَفَّق اللهُ العبدَ لاجتياز الاختبار، خرجَ منه أشدَّ صلابةً ورسوخًا، فأصبح البلاء في حقِّه سبيلاً لتمكين اعتقاده.

تأتي مواقف الحياة لتختبر درجةَ رسوخ العقيدة، فإذا تزعزع يقين الإنسان بما كان يعتقد دلَّ ذلك على ضعف التأسيس أصلاً، وهذا يدلُّ على خطورة زمن التأسيس. فإذا وَفَّق اللهُ العبدَ لاجتياز الاختبار، خرجَ منه أشدَّ صلابةً ورسوخًا، فأصبح البلاء في حقِّه سبيلاً لتمكين اعتقاده

اختبار الإيمان بالله:

إنَّ أول ركنٍ من أركان الإيمان، وهو أساس الأركان الأخرى، الإيمان بالله. ومن الإيمانِ بالله الإيمانُ بأسمائه وصفاته. ومن صفاته جلَّ وعلا: الحكمة، فلا يفعل سبحانه شيئًا عبثًا، ومنها العدل، فلا يظلم ربك أحدًا، ومنها رحمته التي وسعت كل شيء.

ولقد نوّع الله لنا أدلَّة حكمته وعدله ورحمته، في آياته المتلوّة، وآياته المرئيّة، في كتابه وسنة نبيه، وفي الكون والنفس، وفي أحوال البشر والمخلوقات وغيرها، بما لا يدعُ مجالاً لأدنى شكٍّ فيها.

فحكمته تعالى ظاهرة في إحكامه لخلقه وإتقانه لصنعه من أدقِّ الجسيمات وأصغرها إلى أعظم الأجرام وأضخمها، وما زال العلماء يكتشفون في اتجاهي الدقة والضخامة ما يثبت إحكام الخلق، واطِّراد قوانينه الناظمة، وجريه على سنن لا تتوقَّف ولا تتخلَّف. كما ظهرت حكمته تعالى في شرائعه التي أوحى بها إلى نبيه ﷺ، فيما يحقق سعادة الإنسان وأمنه وينظم تعامله مع محيطه، وثبت لدى العقلاء أنَّ ما شرعه الله تعالى قبل قرون طويلة أكمل وأحكم مما وضعه البشر اليوم من القوانين التي تتجرَّع البشرية مرارة آثارها وسوء عواقبها، وقد جمع الله تعالى حكمته في خلقه، وحكمته في شرعه في قوله تبارك وتعالى: ﴿أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤].

وعدله تبارك وتعالى ظاهرٌ في تحريمه للظلم على نفسه وعلى عباده، وأمره بالعدل والقسط، دون محاباة لقريب أو شريف وهو ما ترجمه نبيه ﷺ بقوله: (إنما أهلك الذين قبلَكم أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ، وَايْمُ اللهِ لو أن فاطمةَ بنتَ محمد سرقت لقطعت يدها)[7]، وليس أدلَّ على عدله سبحانه من تدبيره ليوم الحساب الذي توضع فيه الموازين وتوزن فيه الأعمال، وترد فيه الحقوق والمظالم، ويقتص فيه لكل مظلوم ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧-٨].

ورحمته سبحانه التي وسعت كل شيء أظهرُ من أن نُدلِّل عليها، فها هو قانون الفَرَج بعد الشدَّة، واليسر الذي يُصاحب العسر، والعون الذي يُرافق البلاء، والأدوية المكافئة للأدواء والعلل، كلُّها من دلائل رحماته تعالى مما يخفِّف على الناس مصاعب الحياة وتحدِّياتها، ومن مظاهر رحمتِه خلقُه للذكر والأنثى متوائمَين متجاذبَين يسكُن كلٌّ منهما للآخر، ورزقُه للبنين والبنات بما يحدِثونه من سعادةٍ وبهجةٍ في نفوس والدِيهم، ومن الرحمات العظيمة تكفُّله سبحانه برزق كل مخلوقٍ على هذه الأرض، فكلُّ أحدٍ يجد رزقًا يطعَمه إلا من استكمل رزقه وحلَّ أجلُه ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].

فما مقدار رسوخ هذه الصفات في نفوسنا؟ وتجذرها في قلوبنا؟ هذا الذي تكشفه الابتلاءات، ونخص منها الابتلاءات التي لا تكون الحكمة أو العدل أو الرحمة فيها ظاهرة لكل أحد، بل قد يبدو الأمر خلاف ذلك.

تأمل هذا الموقف المهيب. جاءَ إبراهيمُ عليه السلام بهاجر وبِابنِهَا إسماعيلَ وهي تُرْضِعُهُ، حتى وضَعَهُما عندَ البيتِ عندَ دَوْحَةٍ فوقَ زَمزَمَ في أعلى المسجدِ، وليسَ بمكةَ يومئذٍ أَحدٌ، وليسَ بها ماءٌ، فوضعهُما هنالكَ، ووضعَ عندهُما جِرابًا فيه تَمرٌ، وسِقاءً فيه ماءٌ، ثم قَفَّى إبراهيمُ مُنْطَلِقًا، فتَبعَتهُ أمُّ إسماعيلَ فقالت: يا إبراهيمُ، أينَ تذهبُ وتتركنَا بهذا الوادِي الذي ليسَ فيه إنسٌ ولا شَيءٌ؟ فقالت له ذلكَ مِرارًا، وجَعَلَ لا يَلتَفِتُ إليها، فقالت له: آللهُ الذي أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا[8].

تأمل هذا الاختبار لهذه المرأة الضعيفة، ومعها رضيعها، تُترك في مكان قفر ليس فيه بشرٌ ولا شجر، وليس معها إلا زادٌ من تمرٍ وماءٍ سرعان ما سينفد. لقد اجتمعت في حالها كل أسباب الخوف من «الضَيعة» فكان اختبارًا صعبًا لرسوخ يقينها بمعية الله وحفظه، ونجحت في الاختبار. ولو كان في الجوار ماءٌ أو شجرٌ أو بشرٌ لربَما كان ثباتُها ورباطةُ جأشها لركونها إلى ذلك. أما والحال هذه، فقد ثبت يقينها ثبوتًا لا زعزعة فيه.

قول «لا أعلم» لا ينافي رسوخ الاعتقاد:

وها هنا أمر جدير بالاهتمام. قد لا يملك المرء كشف جوانب العدل أو الحكمة أو الرحمة فيما يحدث، ولكن عدم امتلاكه للجواب لا يشكِّكه في الاعتقاد، بل يقول: لله حكمةٌ لا أعلمها، وعدل لا أحيط به، ورحمةٌ خفيةٌ ستظهر ولو بعد حين. لأنَّ يقيني بحكمة الله وعدله ورحمته فوق كلِّ شكّ.

ولأنَّ الله رحيمٌ بعباده، وحتى لا يكلِّفهم ما لا يطيقون فإنه لا يعمِّي الأمر عليهم تمامًا، بل يُظهر لهم بعض جوانب حكمته ورحمته وعدله فيما يفعل، فمن ظهر له ذلك فقد أراد الله أن يثبته، ومن خفي عليه فقد وكله الله إلى إيمانه ويقينه.

قد لا يملكُ المرءُ كشفَ جوانب العدل أو الحكمة أو الرحمة فيما يحدث، ولكن عدم امتلاكه للجواب لا يُشكِّكه في الاعتقاد، بل يقول: لله حكمةٌ لا أعلمها، وعدل لا أحيط به، ورحمةٌ خفيةٌ ستظهر ولو بعد حين. لأنَّ يقيني بحكمة الله وعدله ورحمته فوق كلِّ شكّ

وخلاصة القول:

1- أنَّ الإنسان لا بدَّ أن يُبتلى، وهي سنة الله في المؤمنين ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ٢]، فليوطِّن المؤمن نفسه على توقُّع المصائب والصبر عليها.

2- العناية بتأسيس الاعتقادات عنايةً فائقة، حتى تثبُت عند الامتحان الصعب، تمامًا كما يُعتنى بالمباني الشاهقة عند التأسيس أن تصمد عند الزلازل. وقد رأينا نماذج ملهِمةً لأطفالٍ صغارٍ نشّأهم أهلوهم على حقائق الإسلام الناصعة، فنطقوا وهم في أشدِّ حالاتِ الكرب والألم بما لا ينطق به الكبار في براءةٍ وعفوية.

3- ليتذكَّر الإنسان أنَّه إن سلم له دينُه فكلُّ مصابٍ بعدَه هيِّن، وهو مأجورٌ عليه، ولكن الخسارة الكبرى أن يُصاب في دينه أو تُثلم عقيدته بالاعتراض والتسخُّط، فيكون الابتلاء وبالاً عليه.

4- ليتلمَّس الإنسانُ في خضمِّ المصائب والكوارث نفحاتِ الله، ودلائلَ الحكمة، ومشاهدَ اللُّطفِ والرحمة، فيستروحَ بها، ويستعينَ بها على تخفيف مصابه.

اللهم لا حول ولا قوة لنا إلا بك، لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك.


د. معن عبد القادر

أكاديمي وكاتب في قضايا التربية والحوار والفكر.


[1] أخرجه البخاري (١٣٠٣) ومسلم (٢٣١٥)، قاله النبي ﷺ عند وفاة ولده إبراهيم.

[2] أخرجه البخاري (٥٦٤١).

[3] أخرجه البخاري (٦٤٧٨).

[4] أخرجه البخاري (٤٧٧٠).

[5] أخرجه الحاكم (٤٤٠٧).

[6] تهذيب الأسماء واللغات، للنووي (٢/١٨١).

[7] أخرجه البخاري (٣٤٧٥) ومسلم (١٦٨٨).

[8] أخرجه البخاري (٣٣٦٤).

X